وفقاً لخبر في صحيفة الرياض نُشر مارس الماضي «أوصى مجلس إدارة المؤسسة العامة للتقاعد، وفقاً لنتائج المراجعة «الإكتوارية» الثانية عشرة برفع السن التقاعدية للمدنيين والعسكريين، لما فيه من أثر على تخفيض تكاليف تمويل خطة التقاعد، وطالب المجلس عبر توصية ثانية بالنظر في دعم احتياطات حساب التقاعد العسكري، بما في ذلك زيادة الاشتراكات بشكل تدريجي، ودعت التوصية الثالثة إلى العمل على الحد من التقاعد الباكر من خلال إيجاد ضوابط تحكم ذلك، ودراسة التوصية الخاصة باستخدام متوسط الراتب لآخر خمس سنوات، لغرض احتساب المعاش التقاعدي بدلاً من الراتب الأخير». هذا الأسبوع أيضاً - بحسب صحيفة الاقتصادية - قال مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عبدالعزيز الهبدان: « إن ازدياد أعداد المستفيدين وارتفاع معاشاتهم بشكل أكبر من أعداد المشتركين وقيمة اشتراكاتهم، رتب على المؤسسة أعباء مالية مستقبلية كبيرة للوفاء بصرف تلك المنافع للمستفيدين في الوقت الحاضر، وللمشتركين في المستقبل». وأضاف: «إن مصروفات المؤسسة من معاشات وتعويضات وخدمات ارتفعت خلال السنتين الماضيتين بشكل متسارع، وأن هذا النمو الكبير والمتسارع في المصروفات مقارنة بنمو أقل بكثير في الإيرادات التأمينية، التي نمت بمتوسط سنوي يقارب 10 في المئة»، وعزا التباين إلى «عدم توازن الحد الأدنى لأجور الاشتراك مع الحد الأدنى للمعاشات، وكذلك التقاعد المبكر». من الخبرين، يتضح أن صناديق التقاعد في المملكة تواجه أزمة حقيقية في صرف رواتب المتقاعدين، لأن إيراداتهما من استثمار مدخرات الناس لاتكفي عوائدها لصرف رواتب التقاعد لمستحقيها، ولكن هل الحل يكون بمنع التقاعد المبكر؟ أو برفع سن التقاعد؟ أو التوصية باستخدام متوسط راتب الخمس سنوات الأخيرة بدلاً من الراتب الأخير لصرف راتب التقاعد؟. شخصياً، لا أؤيد أية من التوصيات السابقة، والسبب أننا مجتمع شبابي، ترتفع فيه بطالة هذه الفئة، وهي الفئة المنتجة والفاعلة في الوظيفة، ومن غير المعقول أن يكونوا في بطالة، وتحتفظ الحكومة أو الشركات بكبار السن، مراعاة لظروف صندوقي التقاعد وتوصياتهما. إقتصادياً، هناك طريقتان للصرف على المتقاعدين، الأولى هي المستخدمة عندنا، وهي أن يقوم صندوق التقاعد باستثمار مدخرات الموظفين، ومن ثم الصرف عليهم من عوائد تلك المدخرات، وتعرف الطريقة باسم «Fully funded way»، وهي الطريقة المثلى اقتصادياً، لأنها تزيد التراكم الرأسمالي والاستثمارات في الاقتصاد، وهذا ما نشاهده فعلياً من خلال استثمار التقاعد في مركز الملك عبدالله المالي ومركز غرناطة وغيرهما، وتشجع الحكومة هذه الصناديق على الاستثمار من خلال تخصيص نسبة معينة لهما في كل شركة مساهمة تطرح في السوق. الطريقة الأخرى، وهي أن يصرف مايدخره الموظف الحالي على المتقاعد الحالي، وهي ماتسمىPay as you go» way»، وهي طريقة أقل تفصيلاً من الأولى، ولكنها تستخدم عند شح موارد استثمارات الطريقة الأولى وبالأرقام التقريبية، فإن هناك خمسة موظفين في مقابل كل متقاعد. وهي ما يعني أن استخدام هذه الطريقة سيكون مجدياً كثيراً للتغلب على عجز عوائد الاستثمارات في الطريقة الأولى. ختاماً، لعل استخدام مزيج من الطريقتين سيكون أكثر جدوى من رفع سن التقاعد أو منع التقاعد المبكر، فالعوامل الاقتصادية والديموغرافية لمجتمعنا والجو الحار وارتفاع نسبة الأمراض المزمنة، كلها عوامل تشجع على التقاعد المبكر وعدم رفع سن التقاعد. كما أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الأخيرة بتثبيت موظفي البنود، وخلق كثير من الفرص الوظيفية في المشروعات والجامعات وسكك الحديد الجديدة، كلها عوامل تدعم استخدام الطريقة الثانية، أو مزج الطريقتين لتمويل مستحقات المتقاعدين، بدلاً من توصيات تتعارض مع ظروف اقتصادنا، وطبيعة مجتمعنا، وكبر حجم البطالة بين شبابنا من الجنسين. * كاتب سعودي www.rubbian.com