خالف الرئيس المصري محمد مرسي التوقعات التي طرحت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في شأن اسم أول رئيس للوزراء في عهده، وكلف وزير الري هشام قنديل بتشكيل الحكومة، ما مثّل مفاجأة، رغم أن الرئيس كان التقاه الأحد الماضي، فيما ذكر حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، تعيين عضوي الحزب ياسر علي ناطقاً باسم الرئاسة وأحمد عبدالعاطي مديراً لمكتب الرئيس، وكلاهما كان عضواً في الحملة الانتخابية لمرسي ومن جماعة «الاخوان». وباغتت الرئاسة الساحة السياسية بإعلان اسم رئيس الورزاء بعد يوم من نفيها ما أعلنه حزب «الحرية والعدالة» عن أن اسم رئيس الوزراء سيُعلن قبل الخميس المقبل وتأكيدها على لسان ياسر علي أن مشاورات تسمية رئيس الورزاء «ما زالت جارية ولم يتم اختياره». ولم يعرف عن قنديل (50 عاما)، وهو أول رئيس للوزراء ملتح منذ إعلان الجمهورية، ممارسة أي دور اقتصادي. وحتى المناصب القيادية التي تولاها في البنك الأفريقي للتنمية ارتبطت جميعها بملف نهر النيل وتنمية الموارد المائية في القارة. ولم يعرف أنه مارس دوراً سياسياً في مرحلة ما قبل الثورة ولا بعدها. لكن تقارير تحدثت عن ارتباطه بجماعة «الإخوان المسلمين» بعد توليه وزارة الري في حكومة عصام شرف في تموز (يوليو) 2011. وأكد قنديل، في أول مؤتمر صحافي عقده بعد تكليفه برئاسة الوزراء عقب اجتماع مغلق مع مرسي أمس، أن الحكومة الجديدة «ستتكون من التكنوقراط، وتشكيلها سيتم بالتنسيق مع الرئيس»، لكنه أشار إلى «توازنات» ستتم مراعاتها. وأضاف أن «أهم توجهاتها سيكون تنفيذ برنامج المئة يوم الأولى للرئيس المتمثلة في توفير الطاقة وتنظيم المرور ورغيف الخبز وتحقيق الأمن والنظافة والصحة العامة، إضافة إلى توفير المياه وتحسين الخدمات العامة». واعتبر أن «هذه التحديات ليست اقتصادية فحسب، وإنما أيضا تحديات بيئية واجتماعية، وهو ما يضع ضغوطاً كبيرة على الموارد العامة للدولة». وفي ما يخص الوزارات السيادية، أوضح قنديل أن «وزارة الداخلية قطعت شوطاً كبيراً في تطوير أدائها رغم أنه مازال هناك الكثير الذي يجب عمله». وأضاف أن «الرئيس على تواصل مستمر مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بخصوص اختيار وزير الدفاع وما إذا كان المشير (حسين) طنطاوي سيستمر في منصبه أم سيتم اختيار قيادة أخرى». وينتظر أن يخوض مرسي وقنديل معركة اختيار الوزراء بما يراعي «التوازنات» التي تحدث عنها رئيس الوزراء لإرضاء القوى السياسية، خصوصاً حلفاء مرسي من الإسلاميين، وهي المعركة المرتقبة في الأيام المقبلة. ورأى القائم بأعمال رئيس حزب «الحرية والعدالة» عصام العريان إن «المهمة الرئيسة للحكومة هي مواجهة الثورة المضادة التي تستخدم أدوات دولة مبارك لإجهاض ثورة يناير». وقال: «على الذين يحلمون بعودة العهد البائد أن ييأسوا». وانتقدت قوى سياسية هذا الاختيار، وبينها حلفاء لمرسي في «الجبهة الوطنية» أبرزهم «حركة 6 ابريل» التي اعتبرت الخطوة مخالفة لتعهدات مرسي بتعيين «شخصية مستقلة تحظى بإجماع وطني»، فيما فضل آخرون الانتظار للحكم على نشاطه وإن استغربوا الاختيار. وقال مؤسس «6 أبريل» أحمد ماهر، عضو «الجبهة الوطنية» التي تحالفت مع مرسي قبل تنصيبه رئيساً، إن «الاختيار لم يكن موفقاً... ولا يتفق مع المباحثات والمفاوضات التي جرت مع حزب الحرية والعدالة ومؤسسة الرئاسة». واعتبر أن مرسي «لم يف بتعهده اختيار شخصية وطنية ومستقلة محسوبة على الثورة وتتمتع بخبرة سياسية واقتصادية». وأضاف: «طرحنا الدكتور محمد البرادعي والدكتور حازم الببلاوي والدكتور محمد العريان لخبرتهم الكبيرة، وللأسف تم تجاهل كل اقتراحاتنا واختير رجل لا نعرف عنه شيئاً». من جهته، قال الناطق باسم حزب «النور» السلفي يسري حماد ل «الحياة» إن اختيار قنديل «شكّل مفاجأة لكل القوى السياسية وليس حزب النور فقط لأنه لم يكن مطروحاً في أي مداولات على مدار الأيام الماضية».