تسلم الراعي المصري في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة الجارية في القاهرة، أمس من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ردودهما على «الورقة المصرية» لوقف النار، وجرت عقب ذلك مفاوضات ماراثونية غير مباشرة من أجل إنجاز اتفاق، في وقت قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن مصر تبذل جهوداً كبيرة من أجل التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء هدنة الأيام الخمسة. وكشفت مصادر فلسطينية من الوفد التفاوضي الموجود في القاهرة لوكالة «معا»، إن المصريين استخدموا طريقة جديدة في التفاوض هدفها قطع الطريق على الوفد الإسرائيلي وعدم تغيير الورقة المصرية بحجج أمنية، إذ قام الوفد المصري بتحديد النقاط الأمنية بجهة، والخطوات السياسية وآلية رفع الحصار في جهة أخرى. وأكدت المصادر أن الوفد الفلسطيني كله موحد، ولم يبرز أي خلافات في داخله، مشيرة إلى أنه رفض أي محاولة إسرائيلية لتغيير الورقة المصرية أو بنود الورقة الفلسطينية. واضافت أن الجلسة التي استمرت 6 ساعات أمس، ومن قبلها جلسة الساعات التسع الليلة الماضية أثمرت عن الاتفاق على كثير من النقاط والخطوات العملية. وكانت مفاوضات القاهرة شهدت أزمة حادة نتيجة مطالبة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بإدخال تعديلات على المبادرة المصرية قبيل انتهاء فترة التهدئة الأخيرة التي استمرت خمسة أيام. وفيما أبدى البعض من أعضاء الوفد الفلسطيني تشاؤمه حيال فرص التوصل إلى اتفاق في هذه الأجواء، رجح البعض الآخر التوصل إلى اتفاق، معتبراً ما يجري تكتيكاً تفاوضياً. ازمة تفاوضية ونشأت الأزمة عندما طالبت حركة «حماس» بإدخال تعديلات على المبادرة، فيما عادت إسرائيل إلى المطالبة بنزع سلاح غزة. وشملت مطالب «حماس» إزالة العبارات الملتبسة من الاتفاق، مثل «أن يجري ذلك عبر آليات يتفق عليها لاحقاً بين السلطة وإسرائيل»، أو «يؤجل البحث فيها إلى وقت لاحق»، معتبرة أن هذه العبارات تتيح مجالاً للجانب الإسرائيلي للتنصل من أي التزام تحت ذريعة وجود صعوبات. أما مطلب إسرائيل بنزع سلاح غزة، فجاء بعد تقديم الوفد الفلسطيني اقتراحات لتعديل المبادرة، الأمر الذي اعتبره المشاركون في المفاوضات تكتيكاً تفاوضياً. وكانت إسرائيل أزاحت مطلب نزع سلاح غزة عن الطاولة في الجولات الأولى من المفاوضات. ولدى تقديم الجانب الفلسطيني طلباً بإقامة وتشغيل ميناء ومطار في غزة، اشترط الجانب الإسرائيلي الموافقة على ذلك بموافقة الفصائل على وقف تطوير السلاح وتهريبه إلى غزة، الأمر الذي رفضته الفصائل الفلسطينية. واوضح مسؤول فلسطيني في وقت متقدم من ليل الأحد - الاثنين إن الموقف الإسرائيلي في المحادثات، كما نقله لهم الوسطاء المصريون، «يعتبر تراجعاً عما تم إنجازه حتى الآن، وعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى». وأضاف لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن إسرائيل رفعت سقف مطالبها ووضعت شروطاً «تعجيزية»، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا الأمنية. وتابع أن الفلسطينيين يراجعون الموقف، مؤكداً: «أننا مصرون على تحقيق مطالب شعبنا، وفي مقدمها وقف العدوان والبدء بعملية إعمار قطاع غزة وفك الحصار الإسرائيلي بشكل شامل». وطلب الجانب المصري من الوفد الفلسطيني إعداد ورقة جديدة بمطالب قابلة للتطبيق بعد تفجر الأزمة. وعقد أعضاء الوفد اجتماعاً مطولاً استمر حتى الثالثة من فجر أمس أعدوا خلاله ورقة المطالب الفلسطينية التي تركزت على فتح المعابر من دون قيود، وإطلاق أسرى صفقة شاليت الذين أعيد اعتقالهم في حزيران (يونيو) الماضي، والإقرار بحق قطاع غزة في ميناء بحري ومطار، وتوسيع مناطق الصيد البحري، وإلغاء المنطقة الحدودية العازلة. وبدأت جولة المفاوضات في ساعة مبكرة من صباح أمس واستمرت حتى وقت متقدم من الليل في محاولة للتوصل إلى اتفاق قبل انتهاء فترة التهدئة المتفق عليها، والتي انتهت في الثانية عشرة من ليل الاثنين - الثلثاء.