تسجيل أول حالة ولادة للوشق في مركز الأمير سعود الفيصل بالطائف    المملكة تلتزم بضمان تطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي والمسؤول محلياً ودولياً من أجل خير البشرية    مجلس الشورى يشارك في الاجتماع الثامن للجنة البرلمانية الخليجية الأوروبية عبر الاتصال المرئي    من يقود الحكومة البريطانية في المرحلة القادمة «العمال» أو «المحافظين»؟    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية إسبانيا    بورصات الخليج تصعد بعد أنباء خفض الفائدة الأمريكية    1.3 مليون خريطة مصححة منذ إطلاق السجل العقاري    الربيعة يوقع اتفاقية مشتركة لدعم فئة الأيتام السوريين والمجتمع المستضيف في الأردن    2.3 مليار ريال دعماً لتوظيف السعوديين بالقطاع الخاص    بمشاركة (37) مدرب ومدربة .. معهد إعداد القادة يختتم دورة مدربي التايكوندو    431 من طلبة 16 دولة عربية يشاركون في برامج موهبة الإثرائية الصيفية 2024    الكعبة تتأهب لتغيير كسوتها الأحد    فتيات كشافة تعليم عسير يُشاركن في المخيم الكشفي الإسلامي بأمريكا    فلسطين تتهم إسرائيل بإشعال الضفة الغربية بالقتل والتخريب    توقيع مذكرة تفاهم بين مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ومركز عبدالله بن إدريس الثقافي    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُطلق أربعة إصدارات عن "واقع اللغة العربية في العالم"    الأمير بندر بن خالد: نستهدف الارتقاء بمستوى الخيل في موسم سباقات الطائف    الصحة الفلسطينية تحذر من خطورة توقف الخدمات الطبية في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة    القبض على شخص لترويجه (17) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر بجازان    فريق نيوم لكرة القدم يدعم صفوفه بالحارس مصطفي ملائكة والمدافع أسامة الخلف    أمير المدينة يطلع على أعمال وإستراتيجية شركة "سرك"    بدء صيانة طريق الدمام – الخبر السريع    أمير تبوك يواسي شيخ قبيلة العميرات في وفاة شقيقه    "الجوازات" تضع اللمسات النهائية لخطة موسم العمرة    العلا: جراحة نوعية تنهي معاناة طفل من صعوبة الحركة    قطاع ومستشفى محايل يُنفّذ حملة "الشهر التوعوي لسرطان العظام"    أكثر من خمسة ملايين يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    «مرصد العمل»: 2.34 مليون مواطن في القطاع الخاص.. 16.59 ألف انضموا لأول مرة في يونيو    تكون سحب رعدية ممطرة على جنوب المملكة    تدشين الهوية الجديدة لنادي العروبة    فوز أشبال أخضر اليد على منتخب البحرين في أولى مواجهاتهم بالبطولة العربية    المملكة تفوز برئاسة المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للطيران المدني    عشرون ثلاثون    شوريون ل«إحكام»: سرّعوا إخراج صكوك المواطنين    توزيع 28 طناً من لحوم الأضاحي على 2552 أسرة في الشرقية    سنوات الدراسة واختبارات القياس !    أمير الشرقية يدشن مقر" البركة الخيرية"    مبادرة لزراعة 300 شجرة بجوار المسجد النبوي    الجامعة.. اليوم حزب الله وغداً داعش !    القادسية يعلن رحيل العابد والزوري    الخيمة النجرانية.. تاريخ الأصالة والبادية    أمانة تبوك تواصل أعمالها الصحية في معالجة آفات الصحة العامة    لا تنخدع بالبريق.. تجاوز تأثير الهالة لاتخاذ قرارات صائبة    يقين التلذذ.. سحرٌ منصهر.. مطرٌ منهمر    هزيع مُصلصل    الإيطالي بيولي مدرباً للاتحاد لثلاثة مواسم    ولي العهد يعزي ملك المغرب هاتفياً    تعقيب على درع النبي وردع الغبي !    رُبَّ قول كان جماله في الصمت    أمين القصيم يفتتح ورشة العمل التشاورية    طيفك باقٍ.. خالي إبراهيم الخزامي    هندسة الأنسجة ورؤية 2030: نحو مستقبل صحي مستدام    5 أخطاء تدمر شخصية الطفل    150 دقيقة أسبوعياً كافية لمواجهة «التهديد الصامت»    المفتي العام يستقبل مسؤولين في الطائف ويثني على جمعية «إحسان» للأيتام    مناظرة بايدن تركت الديمقراطيين بين شكوك الدعم    2024 يشهد أكبر عملية استيلاء على أراضي الضفة الغربية    تجسيداً لنهج الأبواب المفتوحة.. أمراء المناطق يتلمسون هموم المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سكين» فوك دراشكوفيتش والدعابة الصربية
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2012

قبل أسابيع صدر في بلغراد عن دار «أورورا» كتاب الكسندر تشوتريتش «أبجدية فوك» الذي يضم الطرائف التي أصبحت تروى عن الروائي الصربي فوك دراشكوفيتش الذي أصبح من نجوم السياسة في صربيا بعد قيادته المعارضة في الشارع ضد سلوبودان ميلوشيفيتش وعمله وزيراً للخارجية بعد سقوط ميلوشيفيتش (2004-2007).
ألكسندر تشوتريتش الذي عرف دراشكوفيتش عن قرب مدة 25 سنة يعترف ان دراشكوفيتش بارع في رواية الطرف عن الآخرين، ولكنه بوغت عندما أخبره تشوتريتش بأنه قد أنجز هذا الكتاب الذي يضم 300 طرفة. كان ردّ فعل دراشكوفيتش عفوياً: «حقاً؟ أخبرني منها واحدة على الاقل!». تشوتريتش له رأي قد لا يوافقه عليه أحد ولكنه يستحق أن يسجل هنا: الكاتب أو السياسي الذي لا يتحول الى موضوع للطرائف هو ميت على قيد الحياة! ومن هنا يرى تشوتريتش أن دراشكوفيتش مع هذا الكتاب يبدو انه يقف جنباً الى جنب مع أشهر شخصيات صربيا في التاريخ الحديث مثل الملك ميلوش اوبرينوفيتش ورئيس الوزراء نيقولا باشيتش. أما عن الطرائف الموجودة في هذا الكتاب فهي مرتبطة بمواقف شاهدها تشوتريتش بنفسه وأكثرها مما سمعه بنفسه من دراشكوفيتش أو من الحلقة الضيقة حوله. وقد أراد تشوتريتش بهذا الكتاب أن يجمعها ويصدرها لأنها عندما تكون على الورق فهي تصبح ملكاً للاجيال المقبلة.
ومن الواضح هنا أن مثل هذه المواقف أو الطرائف ما كان لها أن تكون لولا المسيرة الطويلة والغنية التي ميزت دراشكوفيتش منذ مشاركته في التظاهرات الطالبية التي هزت أوروبا في 1968 والى مشاركته في الحكومة الديموقراطية الائتلافية وزيراً للخارجية في فترة صعبة بالنسبة الى صربيا في أوروبا (2004-2007).
ولد دراشكوفيتش في 1946 في قرية في اقليم فويفودينا الذي كان جزءاً من المجر حتى 1918 في أسرة صربية مستوطنة جاءت من البوسنة، وتابع دراسته الجامعية في بلغراد بقسم القانون حيث تعرف على زميلته دانيتسا التي تزوجها لاحقاً. ومع انه انضم الى الحزب الشيوعي اليوغوسلافي في السنة الاخيرة للدراسة إلا أنه خرج الى الشارع في تظاهرات الطلاب في صيف 1968 التي كانت امتداداً لما كان في عواصم أوروبا الغربية.
في البداية اشتغل دراشكوفيتش في الصحافة حيث انضم الى وكالة الانباء اليوغوسلافية «تانيوغ» في 1969 وعمل مراسلاً لها في أفريقيا خلال 1969-1978 ثم عاد الى بلغراد ليعمل مستشاراً إعلامياً في اتحاد النقابات. ومع وفاة الرئيس تيتو في 1980 أخذت يوغسلافيا تغلي، وهي الفترة التي تحول فيها دراشكوفيتش الى الرواية وأصدر «المحاكمة» في 1980 ثم «السكين» في 1982 التي جعلته شخصية مشهورة في داخل وخارج يوغوسلافيا بعد أن ترجمت الى الانكليزية وغيرها من اللغات.
كانت «السكين» من العلامات الفارقة لمرحلة ما بعد تيتو بما أثارته من ردود أفعال وما أدت اليه من نتائج. كانت الرواية تتحدث عن المجازر التي حدثت في البوسنة خلال الحرب العالمية الثانية بين المسلمين والصرب والكروات، ولذلك اعتبرت تأجيجاً لمشاعر وتحضيراً لسيناريو جديد قادم على البوسنة. ومن هنا أدينت الرواية بشدة في الاجتماعات الحزبية مما أعطى دراشكوفيتش صفة «المنشق» التي كانت مرتبطة حتى ذلك الحين باسم الاديب والسياسي ميلوفان جيلاس.
كانت تلك فترة صعود الافكار القومية في يوغوسلافيا والتوجه نحو كسر احتكار الحزب الشيوعي للحياة السياسية، وهو ما أدى في 1989 الى تأسيس أحزاب جديدة في الجمهوريات اليوغوسلافية تجمع بين ما هو قومي وما هو ديموقراطي. وفي هذا السياق كان دور الكتّاب بارزاً في أرجاء يوغوسلافيا، حيث ساهم ابراهيم روغوفا في تأسيس «الرابطة الكوسوفية الديموقراطية» وأصبح لاحقاً رئيساً لكوسوفو، كما ساهم حارث سيلاجيتش في تأسيس «حزب العمل الديموقراطي» وأصبح وزيراً للخارجية ثم رئيساً للبوسنة. وهكذا ساهم دراشكوفيتش في 1989 في تأسيس «حزب التجدد الصربي» وأصبح رئيساً له منذ 1990 ليخوض مواجهة طويلة مع سلوبودان ميلوشيفيتش.
كان دراشكوفيتش يشترك مع ميلوشيفيتش في كونه قومياً صربياً، ولكنه كان يختلف عن ميلوشيفيتش كثيراً في كونه ديموقراطياً وأوروبياً، أي أنه كان مع «صربيا الكبرى» ولكن وفق معايير أوروبية ديموقراطية. ولذلك انشغل دراشكوفيتش في هذه الفترة بالسياسة حيث تحول الى معارض قوي لميلوشيفيتش من خلال المسيرات التي أعتبرها ميلوشيفيتش تمس به باعتباره «معبود الصرب» كما كان يروج الاعلام الخاضع له. وبسبب ذلك اعتقلت أجهزة ميلوشيفيتش دراشكوفيتش في 1993 ولكنها اضطرت الى إطلاق سراحه بعد شهور بسبب إضرابه عن الطعام وسيل المقالات عنه في الصحافة الاوروبية باعتباره روائياً معروفاً وسجين رأي.
ومع سقوط ميلوشيفيتش المدوي بعد المعارضة المتنامية ضده في الشارع الصربي، الذي كان دراشكوفيتش أحد نجومه، وتسليمه الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي في 2002 جرت المحادثات بين الاحزاب الجديدة لتشكيل حكومة إئتلافية دخل فيها دراشكوفيتش وزيراً للخارجية خلال 2004-2007. عاد بعدها دراشكوفيتش الى المعارضة لأنه اكتشف أن مشاكل صربيا ليست نابعة فقط من حكم الحزب الواحد وتسلط ميلوشيفيتش وإنما أيضاً من الاحزاب الجديدة التي برزت باسم الديموقراطية وتحالفت مع المافيات الجديدة التي تنهش صربيا.
مع مسيرة كهذه غنية وطويلة يتحول الكثير من المواقف الى طُرف يتناقلها المحيطون بدراشكوفيتش، وهي التي اختارها تشوتريتش باعتبارها تجمع بين الطرافة والحكمة والفائدة. وكما يرى تشوتريتش كانت شخصية دراشكوفيتش نفسها هي المنبع الاصلي لانه كان عفوياً ولا يحب المظاهر والذهاب الى الاحتفالات التقليدية عند الصرب مثل رأس السنة والميلاد والاعراس والذهاب الى الخدمة العسكرية وغيرها. ويذكر هنا مثلاً كيف التحق دراشكوفيتش بالخدمة العسكرية وكيف عاد من الخدمة العسكرية بعد سنة بالتمام والكمال: عندما ذهبتُ الى الخدمة العسكرية أخبرتُ المحرر في «تانيوغ» انه لن يراني خلال سنة لأنني ذاهب اليوم الى الخدمة العسكرية، وعندما أخلي سبيلي بعد سنة في الساعة العاشرة صباحاً وصلتُ الى «تانيوغ» في الساعة الحادية عشرة وفي الساعة الثانية عشرة كنت أرسل أول تقرير لي.
أما عن زواجه بزميلته دانيتسا التي شاركته في حركة المعارضة ضد ميلوشيفيتش وعانت مثله لأجل ذلك فيروي دراشكوفيتش ما حدث لتشوتريتش هكذا: «تزوجت وأنا ألبس الجينز والقميص وبحضور شخصين فقط لأن القانون يشترط وجود شاهدين، وذهبنا بعد ذلك لنتغدى ثم عدنا الى العمل مباشرة»! وإضافة الى الطرائف الموجودة في الكتاب، التي ترتبط بتفاصيل الحياة الصربية مما يجعل ترجمتها تفقد الكثير من خصوصيتها، لدينا بعض الاقوال التي تعبر عن مدى خيبة دراشكوفيتش من السياسة، وبالتحديد من المعارضة التي قادها لاسقاط ميلوشيفيتش. ومن ذلك «في كل دولة مافيات، وفي صربيا المافيات لها دولة»، و «لو كنت أعرف ماذا سيفعل هؤلاء بصربيا (بعد ميلوشيفيتش) لما حركت إصبعي في 1990».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.