مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    الأمن.. ظلال وارفة    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    من «خط البلدة» إلى «المترو»    أهلا بالعالم    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    كرة القدم قبل القبيلة؟!    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    النائب العام يستقبل نظيره التركي    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    استثمار و(استحمار) !    وسومها في خشومها    وانقلب السحر على الساحر!    منتخبنا كان عظيماً !    الضحكة الساخرة.. أحشفاً وسوء كيلة !    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العلم والسيادة»: ما هي الإمكانات العربية؟
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2012

يطرح عنوان كتاب «العلم والسيادة - التوقعات والإمكانات في البلدان العربية» لمؤلفه انطوان زحلان (مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت) مجموعة من الأزمات التي يثري زحلان تسليط الضوء عليها، والإفاضة في وضع خطوط حمراء تحت مكامن خللها في المجتمع العربي، ليبدو تلخيصه بأن «المجتمع الذي يعيش في ظل الهيمنة والمبادئ الطائفية وعدم المساواة بين الرجل والمرأة، والفساد، لن يستفيد من التكنولوجيا ولن يحقق وطناً آمناً»، وكأنه أول الجرح في توصيفه التناقض مع ما يصبو اليه من خلال العنوان المذكور.
يشدد زحلان على أهمية ربط التمكن من التكنولوجيا بمفاهيم أخلاقية وقيمية» لأن العلم بلا قيم يوصل الى المانيا النازية ووعد بلفور والامبريالية»، وأيضاً في «الاعتماد على الذات»، وعلى امتلاك الهدف و «لا يبدو أن الدول العربية قد حددت هدفاً بعينه: إذ فشلت في تنظيم مشاكلها، لا مكان فيها لشخص موهوب (بعض أعظم المخترعين في وادي السيليكون في كاليفورنيا لم يذهب قط الى الجامعة)، لا مركز لبحث علمي بمستوى عالمي، معظم المنظمات العربية لم تقم لها مواقع على شبكة الانترنت للوصول الى المعلومات، العديد من الدوريات العربية التي تدعّي نشر أوراق علمية ليست في فئة الدوريات التي يستشهد بها، لا بيبلوغرافيا للمعلومات»، انتشار الفقر (نحو خمسين مليون فقير حالياً)، لا بيئة تمكينية علمياً وسياسياً الخ...
تكثر في أدراج المؤسسات العربية الرسمية منها والخاصة مشاريع وجداول أعمال ونظريات واقتراحات تطوير ورؤى للبناء والتنمية، لكنها لم تظهر الى حيز التنفيذ، ولم تحقق» العلم العربي»، على رغم امتلاك العرب القدرات العلمية ورأس المال البشري، والمواهب العالمية المستوى، والموارد المالية، والسبب «السياسات العربية» في عدم الانطلاق. (كانت مصر وبلجيكا تستوردان قاطرات سكك الحديد، لكن بقيت مصر تستورد وصارت بلجيكا تصنع وتصدر، وتخصص الصين 155 بليون دولار للبحث والتطوير العلمي أي 35 ضعف المبلغ المخصص في الدول العربية).
وإذ يرى زحلان انه كلما طال انتظار بلد ما ليدرك ما يجري في العالم اتسعت عنده الفجوة المعرفية، فإنه أيضاً ينتزع السبب الأكثر تجذراً في مشاكلنا وهو ضرورة وجود ثقافة سياسية أكثر تحرراً» لأننا بحاجة ماسة الى رد ذكي على الخطر المنظور».
يحكي عن دراستين بعنوان «عقيدة الصدمة» و «اجتماع واشنطن» تناقشان كيفية تحويل النخب في بلد معين لخدمة المصالح الاستعمارية ضد مصالح البلد القومية، ما يعني تفويت الفرصة على الاعتماد على الذات في التخطيط والتنفيذ والتطوير وتوقع النتائج. (مثلاً ارتفاع البطالة في الدول العربية لتطاول حوالى 30 مليون عاطل من العمل وارتفاع استيراد العمالة من الخارج لتبلغ 30 مليوناً). غياب التشارك العربي - العربي في البحث والتطوير العلميين (تصل نسبة التشارك في العلوم الطبيعية بين البلدان الصناعية في الغرب الى 80 في المئة)، وغياب المراكز الاقليمية المشتركة لهذا الأمر، وعدم الربط بين العلم والجامعات ومؤسسات الاعمال بما هي مكونات مركزية في كل مراحل التنمية.
وفي حين يرجع ضعف التشارك الدولي للعلميين العرب الى عدم وجود مجتمع علمي وطني، واقتصاد وطني للعلم والتكنولوجيا في الدول العربية بعكس ما فعله نمور آسيا، إضافة الى فقدان المعلومات الإحصائية المناسبة، ما يعيق عمل المخططين ومتخذي القرارات العرب ويمنعهم من أن يكونوا مدركين بما يكفي لتدني إنتاجية النظم الاقتصادية في بلدانهم، وإنتاجية رأس المال البشري فيها، فإنه يشدد على دور عدم الاستقرار السياسي والأمن في عملية الانهيار الحضاري العربي، وعدم استطاعة الحكام العرب من بلورة ثقافة سياسية قادرة على الحفاظ على دوام الإستقرار (يذكر انه لم يقدر الحكام العرب على إدارة العملية السياسية والتطوير الاقتصادي والتنمية في الفترة ما بين سنوات 890 و1498 على رغم الأعداد الكبيرة من المفكرين والفلاسفة والعلميين العرب) وتأثير ذلك على الأمن القومي العربي «لأن الأمن القومي ليس مجرد قضية عسكرية».
يستعرض المؤلف محاولات عدد من الدول العربية للتطوير والابحاث وخلق الفرص، لكنه لا يلبث ان يضع إصبعه على مكمن الخلل في هذه المحاولات بما يبقيها هشة، أو عرضة للتجمد، أو عدم القدرة على المواكبة العلمية، إذ يرى أن التحدي الأبرز للأمة العربية يكمن في كيفية الإعتماد على الذات، وفي كيفية الإستفادة من مواردها، فهذه البلدان لم تستطع اعتماد الإجراءات الضرورية التي تدفعها نحو مرحلة من النمو الاجتماعي والاقتصادي والحضاري، لأن القيادات السياسية العربية لم تستطع إدارة التغيرات السياسية الضرورية للتقدم، إضافة الى غياب الثقافة السياسية، عدا عن الحروب في الصراع مع اسرائيل والحروب الداخلية (الحرب اللبنانية)، وتشرذم الاقتصادات العربية، وعدم تنمية البنى التحتية الوطنية في العلم والتكنولوجيا، من دون ان ننسى إنزال التقدم العلمي الاوروبي الضربات بمنطقتنا منذ العام 1498 وإزدياد السيطرة الاجنبية العلمية الى اليوم.
ذات يوم تنبأ جبران خليل جبران بالويل لأمة تأكل مما لا تنتج، الى آخر ما أنشدت فيروز من حكم جبران الرائعة، فكيف لو تناهت لأسماعه أزمة الأمن الغذائي العربي، والتصحر الزاحف الى أخضره بعد الرمال، وأن اسرائيل العدو استطاعت حل مشكلة المياه بتحلية مياه البحر مع مشروع لتحويلها نهراً (لقد أفقدت بهذا الإنجاز واحداً من بنود الخطاب السياسي العربي باتهامها بسرقة المياه العربية) وان عجائز المحطة النووية اليابانية فوكوشيما تحدوا خطر الاصابة بمرض السرطان لإنقاذ كرامة اليابان الوطنية، وان الاموال التي تهدر على إستيراد مواد التجميل والاستهلاك الزائف والزائل تفوق تلك التي يقترحها زحلان لمكافحة الفقر في البلدان العربية. ناهيك عن ثقافة سوء التخطيط وكميات الطعام التي ترمى في حاويات الزبالة يومياً... (يقدم زحلان العديد من الأفكار من منظور علمي - تكنولوجي - قيمي - تنموي لخلق ثقافة تكنولوجية خلاّقة، إيماناً منه بأهمية دور كل فرد في المجتمع).
يشير الكاتب هنا الى أنه ما بين 70 الى 80 في المئة من تريليونات الدولارات التي استثمرتها الدول العربية تصرف على استيراد الخدمات والمواد والمعدات (فشل في تصنيع مستخرجات النفط والغاز محلياً وفي بناء قدرات صناعية لتلبية أعداد متخرجي كليات الهندسة المائة ألف متخرج سنوياً من الجامعات في الوطن العربي)، والجهد للتخلص من التبعية ما زال هشاً، لافتاً الى كيفية إتخاذ الوزارات والدوائر قراراتها والناتجة عن النفوذ الاجنبي وسياسة التبعية التكنولوجية. (يذكر ان المبالغ التي ستصرف على خدمة حقول النفط في العراق عام 2011 تساوي خمسة أضعاف ما سيصرف في السعودية والبحرين والامارات وقطر والكويت مجتمعة).
غنية هي الإمكانات المتوافرة في الوطن العربي بشرياً وكفاءات وموارد، لكن التوقعات التي يخلص اليها زحلان لا تشجع على إعلاء شأن نتائج هذه الطاقات، لغياب الثقافة السياسية، وغياب الاعتماد على الذات والتشارك والتنسيق.
* صحافية لبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.