اجتازت إيطاليا اختبار سوق السندات بعد خفض تصنيفها الائتماني، لكن على رغم انخفاض أسعار الفائدة في مزاد لبيع سندات إيطالية لأجل ثلاث سنوات، إلا ان ارتفاع العائدات على السندات لأجل 10 سنوات لا يزال يعزز المخاوف من احتمال سقوطها ضحية لأزمة الديون الأوروبية. وخفضت مؤسسة «موديز» تصنيف الديون السيادية لإيطاليا إلى Baa2 أول من أمس وعزت ذلك إلى شكوك في شأن تصميم روما في المدى البعيد على إتمام الإصلاحات المطلوبة. ولفتت «موديز» إلى ان استمرار المخاوف حول إسبانيا واليونان يفاقم الأخطار المحيقة بالسيولة الإيطالية. غير ان الطلب المحلي القوي ساعد إيطاليا ليل أول من أمس على بيع سندات لأجل ثلاث سنوات بقيمة 5.25 بليون يورو وهي أكبر كمية مستهدفة وبفائدة أقل من مستواها قبل شهر. وبيعت السندات التي تستحق في 2015 بمتوسط فائدة يساوي 4.65 في المئة مقارنة ب 5.30 في المئة في مزاد أجرته إيطاليا في حزيران (يونيو) قبيل انتخابات يونانية أثارت المخاوف من خروج أثينا من منطقة اليورو وبعد اتفاق أوروبي مبدئي لمساعدة المصارف الاسبانية لم يكن مقنعاً للسوق. ويتزامن نشر هذه المعطيات مع إعلان رئيس الحكومة الإيطالية ماريو مونتي نيّته عدم مواصلة تجربة رئاسة الحكومة ما بعد الانتخابات المقبلة في الربيع المقبل، وتلميح رئيس الحكومة السابق سيلفيو بيرلوسكوني إلى نيّته العودة إلى الحكم وترشيح نفسه لرئاسة الحكومة المقبلة. وكان مونتي اعتبر الفترة المقبلة لإيطاليا «حرباً ضروساً تجب مواجهتها، ولدى إيطاليا كل العناصر اللازمة لهذه المواجهة». وعلى رغم التأكيدات والدعم لمونتي حول أداء حكومته، واعتبار الإدارة الأميركية إياه «زعيماً مهماً»، كما أعلن السفير الأميركي في روما ديفيد ثورن، فإن الحكومة تواجه العديد من المصاعب، وعلى رأسها «ترميم» الحسابات العامة الذي يواجه معارضة متقاطعة من النقابات العمالية وروابط الصناعيين، وكذلك البطء الكبير في حل مشكلة البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب. وأظهرت إحصاءات «المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء» (استات) ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، إذ سجلت في أيار الماضي 36.2 في المئة، بزيادة 0.9 في المئة مقارنة بنيسان (أبريل) الماضي، ما يُمثل أعلى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) 2004. وكانت الحكومة أقرّت الأسبوع الماضي حزمة كاملة من الإجراءات في إطار ما أصبح يُعرف في إيطاليا ب «سبندنغ ريفيو»، أي مراجعة النفقات، في محاولة لتقليص النفقات بهدف تحسين الحسابات العامة وتسهيل توجهات النمو. وهدفت التدابير إلى ادخار مبالغ كبيرة حدّدها مونتي على الشكل التالي، 4.5 بليون يورو هذه السنة، و10.3 بليون العام المقبل، و11 بليوناً عام 2014. وتشمل الإجراءات التقشفية المستشفيات والصحة عموماً والمحاكم وإجراءاتها وموظفي الدولة والنقابات والجامعات والهيئات التعليمية في المدارس والدفاع وقطاعات عامة أخرى. وفيما يُنتظر ان يناقش البرلمان هذه الإجراءات نهاية الشهر الجاري، دعا المدير المفوّض لشركة «إيني» الإيطالية للطاقة باولو سكاروني إلى العدول عن الخلافات، مشدّداً في تصريح على ان «آخر شيء تحتاج إليه العائلات والشركات الإيطالية هو الانقسامات والسجالات التي ترفع كلفة السندات وتضعف صدقية بلادنا أمام الأسواق».