خص الكاتب العالمي ألبرتو مانغويل المكتبة الوطنية اللبنانية بفصل من كتابه البديع «المكتبة في الليل» وكان زار بيروت سابقاً في جولة على مكتبات عالمية، ولم يخف مانغويل الألم الذي شعر به إزاء حال هذه المكتبة التي قرأ عنها. هنا مقطع من الفصل. زيارة الكتب اللبنانية المنقذة تجربة تبعث على الحزن. من الواضح أن لبنان ما زال بحاجة إلى الكثير من المساعدات ليطهّر ويرمم ويفهرس المجموعة ويضعها في مكانها المعتاد. تكديس هذه الأعمال في غرف حديثة في مبنى للجمارك قريب جداً إلى البحر، يجعلها عرضة للرطوبة. حفنة من العاملين والمتطوعين يعملون ببطء بين أكداس المطبوعات ويضعون الكتب في صناديق، وهناك خبير يقرر أياً منها يستحق الترميم وما يجب أن يتلف. في مبنى آخر، يقوم أمين مكتبة مختص بالمخطوطات الشرقية القديمة، التي يعود بعضها إلى القرن التاسع، يحدد مدى خطورة الأضرار، مؤشراً إلى كل مادة ببطاقة ملونة، من اللون الأحمر (الحالة الأسوأ)، إلى اللون الأبيض (بحاجة إلى ترميم طفيف). لكن، من الواضح أنه لا العاملون ولا الأموال المرصودة تكفي لهذه المهمة الكبيرة. على رغم هذا هناك شيء من الأمل. فقد تم تعيين مبنى هو الآن مهجور، كان سابقاً مقر كلية القانون في الجامعة اللبنانية في بيروت، كمكان للمكتبة الوطنية الجديدة، وسيفتح قريباً أمام الجمهور. في تقريرها عن المشروع، الذي قرأته في أيار 2004، أشارت البروفيسورة مود ستيفان هاشم، مستشارة وزير الثقافة، إلى الإمكانية التي يمكن أن تحققها المكتبة في إصلاح الواقع التعددي، وتوحيد كل التيارات الثقافية للبنان من جديد: مشروع المكتبة الوطنية اللبنانية كان دائماً محط اهتمام وتشجيع ودعم من كل مثقفينا محبي المكتبات لكن، حتى الآن كل واحد منهم يحاول أن ينسب المشروع لنفسه، مضيفاً إليه أحلامه الخاصة ورؤيته الشخصية لثقافتنا المناضلة. يمكن المشروع أن يغدو، على أي حال، مشروعاً للمجتمع ككل، مشروعاً عاماً يجب أن تمَد له يد العون من الدولة، بسبب بعده السياسي على وجه الخصوص. لا ينبغي أن يختزل إلى مجرد مشروع لحفظ الكتب، أو لإعادة بناء مؤسسة تقتدي بالمكتبات الأخرى في العالم. إنه مشروع سياسي للمصالحة بين كل اللبنانيين، يحفظ في الذاكرة معاً إدراك الآخرين، المنجز على نحو متماسك من خلال البيانات والفهرسة، وإدراك قيمة أعمالهم.