يبدو ان الرئيس باراك أوباما سيزور اسرائيل تعويضاً عن زيارته مصر ومخاطبته المسلمين منها، فالإدارات الأميركية المتعاقبة لا تساوي فقط بين خمسة ملايين إسرائيلي و1.2 بليون مسلم، بل تنتصر لإسرائيل في كل خلاف مع العرب وتحميها من بقية العالم بالفيتو في مجلس الأمن. مثلان من يوم الاثنين 13 من هذا الشهر يغنيان عن شرح، فقد أعلن مسؤولون اميركيون وإسرائيليون أن بريطانيا ألغت خمسة تراخيص لتصدير السلاح الى إسرائيل بعد مراجعة كيفية استعمال القوات الإسرائيلية السلاح البريطاني في الحرب على قطاع غزة. وقد نشرت «واشنطن بوست» خبراً مفصلاً عن الموضوع في اليوم التالي، يستطيع القارئ ان يجده على موقع الجريدة الإلكتروني. في اليوم نفسه، نشرت «معاريف» ان الإدارة الأميركية ستزيد المساعدة العسكرية لإسرائيل الى 2.775 بليون دولار في 2010 كجزء من مساعدة عسكرية تبلغ 30 بليون دولار على مدى عشر سنوات. وهكذا فالاقتصاد الأميركي مفلس أو يكاد والولايات المتحدة ترفع مساعداتها العسكرية لإسرائيل من 2.55 بليون دولار هذه السنة بحوالى 200 مليون دولار السنة القادمة. الضعف الداخلي في إسرائيل والارتباك والتناحر والخوف من أزمة تسقط الائتلاف الحكومي، كما عرضت امس، لا تلغي ان مجلسي الكونغرس الأميركي «ارض تحتلها إسرائيل» كما قال بات بوكانان يوماً. بأوضح عبارة ممكنة: لا سلام ممكناً مع هذه الحكومة الإسرائيلية والتفاصيل كما يأتي: - قولهم إن ابو مازن ضعيف ترجمته انهم يريدون خوض حرب أهلية فلسطينية، فيما هم يُغيّرون اسماء المدن الفلسطينية الى العبرية. - نتانياهو أعلن بلسانه انه لن يوقف الاستيطان، ولن يسحب المستوطنين، كما قال بلسانه ايضاً ان اسرائيل لن تنسحب من الجولان. - الصحف الإسرائيلية أبرزت قول نتانياهو للرئيس محمود عباس «دعنا نجتمع...» غير ان الجملة كاملة كانت «أقول للزعماء الفلسطينيين، دعونا نجتمع ونحن معاً نأتي بالمستثمرين لإعمار المنطقة...»، وهكذا فهو لا يزال يعتقد انه يستطيع رشوة الفلسطينيين بفوائد اقتصادية لينسوا الدولة، فهو يقيس الناس على مقياس دناءته الشخصية. - مع ذلك يريد نتانياهو إجراءات لبناء الثقة، أو دفعة على الحساب، والأميركيون يطلبون لتشجيعه السماح بطيران شركة العال في الأجواء العربية، وفتح مكاتب تمثيل اقتصادي لإسرائيل في الدول العربية، وإعطاء الإسرائيليين تأشيرات على جوازاتهم الإسرائيلية لدخول البلدان العربية. ماذا يبقى بعد هذا؟ أن نزوجهم بناتنا؟ - المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط جورج ميتشل شكّل فريقاً لوضع خطة سلام بين إسرائيل وسورية، ورئيس الفريق هو الدكتور فْريد هوف الذي كان وضع دراسة تقترح خطوات الحل، وهناك مرحلتان، الأولى تتشارك فيها اسرائيل وسورية في الحدائق العامة والمحميات الطبيعية التي بناها الإسرائيليون في الجولان، والثانية تنسحب اسرائيل الى حدود متفق عليها، والتفاصيل توضح ان تبقى هضبة الجولان مفتوحة للإسرائيليين يدخلون ويخرجون كما يريدون، وكل هذا مع قول نتانياهو رسمياً ان إسرائيل لن تنسحب من الجولان. إذا كان ما سبق لا يكفي لنسف اي عملية سلمية قبل ان تبدأ، فالحكومة الإسرائيلية تصر على ربط وقف الاستيطان بحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، هي طبعاً لن توقفه إلا لأشهر، وربما أسابيع، ولن تنسحب من الضفة الغربية. بل ان حكومة نتانياهو أعلنت الأسبوع الماضي تأخير إزالة البؤر الاستيطانية، كما وعدت، الى ما بعد الصيف عندما تؤخر العملية من جديد. أبو مازن لن يقبل الحلول الإسرائيلية المعروضة، وهو يرفض الاجتماع مع نتانياهو قبل وقف الاستيطان، والرئيس بشار الأسد لن يقبل شيئاً أقل من انسحاب إسرائيلي كامل من الجولان كله، وإلى حدود 4/6/1967. وفي حين ان يقيني هو ان السلام مستحيل مع الحكومة الإسرائيلية الفاشستية، وأن سورية والفلسطينيين سيرفضان المعروض، فإن خوفي الفوري هو ان تنتزع إسرائيل تنازلات عربية بالخداع والضغط الأميركي مقابل لا شيء في النهاية، أما خوفي البعيد المدى فهو ان يدخل السلاح النووي المعادلة في النهاية وندفع جميعاً الثمن.