لم تغير تظاهرة الاحتجاج التي قادها مئات الشباب العاطلين من العمل امام مبنى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد قبل شهر تقريباً من اوضاعهم، فظاهرة البطالة التي تنخفض تارة وتزداد تارة أخرى تحتاج الى مشاريع وبرامج هادفة للقضاء عليها. اما الشباب الذين رفعوا لافتات الاحتجاج امام مبنى الوزارة لأكثر من ثلاث ساعات ورفضوا المغادرة من دون لقاء الوزير او اي مسؤول آخر فما زالوا بانتظار دراسة مشكلاتهم وايجاد الحلول الملائمة لها لا سيما ان غالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية. ويقول سرمد فاضل (24 سنة) احد الذين شاركوا في التظاهرة الاحتجاجية على عدم توفير فرص العمل انه تخرج في كلية الهندسة قبل عامين ولم يترك دائرة حكومية ضمن اختصاصه الا وقدم اوراقه اليها للحصول على وظيفة لكنه لم يجد اية نتيجة مرضية، فاضطر الى العمل سائق تاكسي بانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع. ويبرر الشاب عدم لجوئه الى العمل في القطاع الخاص بأن القطاع الخاص يطالب المتقدمين إلى الوظائف بسنوات خبرة عملية من دون الاعتماد كثيراً على شهاداتهم، متسائلاً من أين تأتي الخبرة إذا لم يمنح الخريج الجديد فرصة للبدء من مكان ما، هذا فضلاً عن ان وظائف الدولة اكثر ضماناً بالنسبة الى الشباب، فالعاملون في القطاع الحكومي لا يتعرضون الى التسريح المفاجئ مثلما يحصل في القطاع الخاص. ويشارك آخرون سرمد رأيه في الوظائف الحكومية ويقولون انهم دخلوا الجامعات كي يحصلوا على وظائف حكومية توفر لهم الاستقرار والضمانات وليس بهدف البحث عن وظائف غير آمنة في القطاع الخاص، خصوصاً أن وظائف القطاع الخاص تتطلب الخبرة والممارسة والعلاقات العامة في المجال المطلوب على عكس وظائف الحكومة التي تستوعب الخريجين وفقاً لطبيعة شهاداتهم. ويؤكد جميل بطحان رئيس «منظمة الدفاع عن حقوق العاطلين من العمل» ان هناك قرابة مليوني عاطل من العمل في العراق غالبيتهم من الشباب والخريجين الجدد، وان البرامج التي وضعتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لا تكفي لاستيعاب هذا العدد الكبير من الباحثين عن عمل. وطالب بطحان بإعادة النظر في مسألة توفير وظائف ملائمة للخريجين وقال: «كلما ارتفع عدد الخريجين ارتفع معه عدد العاطلين من العمل، ويتوجب ان تكون هناك اجراءات لتحديد نسبة من موازنة الحكومة لتوظيف الشباب». وعلى رغم التضارب الكبير بين الاحصاءات التي تعلن عنها منظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية في الحكومة الا ان دائرة العمل والتدريب المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اكدت في آخر احصاء اعلنته في مطلع تموز (يوليو) الجاري ان عدد العاطلين من العمل المسجلين ضمن قاعدة بيانات الدائرة وصل الى نحو مليون ونصف مليون عاطل. وأكد الاحصاء ان اكثر من 90 في المئة من العاطلين من العمل هم من الشباب بين 20 و35 عاماً الذين يفترض أن يكونوا القوة المنتجة في البلاد. وأشار الاحصاء إلى ان البرنامج الذي اطلقته وزارة العمل لتشغيل الشباب قبل اكثر من ثلاثة اعوام اسهم في تشغيل 24.081 الف منهم في مهن مختلفة، فضلاً عن تقديم فرص العمل من طريق برنامج القروض الصغيرة للمسجلين الراغبين. ولفت الاحصاء ذاته الى ان الوزارة اشركت 66.302 الف شاب في التدريب المهني في المراكز التدريبية الموزعة في بغداد والمحافظات، علماً ان عدد المستفيدين من برنامج شبكة الحماية الاجتماعية من المسجلين في دائرة العمل والتدريب المهني ومجالس المحافظات وصل الى 276.434 الف مستفيد.