وقعت اشتباكات بين طلاب من جامعة الخرطوم وشرطة مكافحة الشغب أمس عندما حاول طلاب غاضبون التظاهر في الطريق لكن الشرطة منعتهم من مغادرة أسوار الجامعة. وجاء ذلك بينما سخر الرئيس عمر البشير من المنادين بربيع عربي في بلاده، مؤكداً أنها تعيش صيفاً حارقاً «وناراً سيشوي جميع الأعداء». وأفيد بأن مئات الطلاب في جامعة الخرطوم حاولوا الخروج من الجامعة نهار أمس وهم يرددون هتافات مناهضة للحكومة وتطالب بإطاحة حكم البشير. ومن الشعارات التي رددها الطلاب «لا ديكتاتورية بعد اليوم» و «الشعب يريد إسقاط النظام» و «حرية سلام وعدالة». لكن الشرطة ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع من خارج أسوار الجامعة، فرد عليها الطلاب بالحجارة والزجاجات الفارغة. ووقعت اشتباكات محدودة قبل أن تغلق السلطات الطريق الرئيسي المؤدي إلى وسط العاصمة. وقال طلاب إن عدداً منهم سقطوا جرحى بسبب استخدام الشرطة الرصاص المطاطي، كما اختنق آخرون لكثافة الغاز المسيل للدموع. في غضون ذلك، أعلن الرئيس البشير حظر شركات الدول التي تفرض عقوبات على حكومته وتعاديها «بيعاً وشراء»، وأكد التوجه لاستقطاب «الدول الصديقة» لتقاسم الفائدة التي ستنتج من حظر شركات الحكومات المعادية له. وجزم البشير بأن لا وجود للربيع في السودان بل صيف حار سيصطلي به أعداء البلاد. وقال: «سنصليهم به (الصيف) ناراً حاراً». وانتقد البشير في خطاب جماهيري خلال افتتاح مصنع للسكر في ولاية النيل الأبيض وسط البلاد، الساعين إلى إسقاط حكومته و «إرجاع الشعب إلى المعاناة» التي كان يعيشها في السابق، قائلاً: «عايزين يرجّعوا حليمة لقديمة». لكنه أضاف أن «الشعب أثبت وعيه وعلمه التام» أين هي مصلحته. وأضاف البشير أن مصلحة الشعب تكون في بقاء حكومته. ورأى أن الذين يأملون بانتقال الربيع العربي إلى السودان «لن يرونه لأننا نعيش صيفاً حارقاً ... (هو) صيف مولّع نار»، متوعداً بأن لهيبه سيشوي «جميع أعداء» السودان الذين لم يسمهم. وأعلن البشير حظر عمل شركات الدول المعادية للسودان بيعاً وشراءً، ووجه بفتح الأبواب على مصراعيها لاحتضان استثمارات «الدول الصديقة لتعم الفائدة على الجانبين». وتابع: «كيف يقاطعوننا ويحاربوننا ونجلب شركاتهم؟ أوجّه جميع المسؤولين والقطاع الخاص بعدم التعامل مع شركاتهم، فلدينا أصدقاء كثر». وكان مسؤولون حكوميون اتهموا جهات أميركية بتعطيل افتتاح مصنع السكر الذي افتتحه البشير أمس، من خلال منعهم من استيراد التقنيات الأميركية. وفي السياق ذاته، اتهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي المعارضين بمحاولة التخطيط لإسقاط الحكومة عبر «خلايا نائمة» بين المواطنين إبان التظاهرات التي خرجت في الأسابيع الماضية. وذكرت القيادية في حزب المؤتمر الوطني نائبة رئيس البرلمان سامية أحمد محمد، في تصريح أمس، أن عدداً من الأحزاب والكيانات السياسية المعارضة، وبخاصة حزب المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي، لعبت دوراً في خلق فوضى بين المواطنين باتباع «أساليب التحريض والتظاهر غير السلمي» بجانب تخريب الممتلكات الخاصة والعامة. وأوضحت أن الحزبين رفعا شعار إسقاط النظام الحاكم عبر وضع عدد كبير من «الخلايا التخريبية النائمة» بين المواطنين لمحاولة إحداث خلل أمني واجتماعي في البلاد. وكشفت سامية عن تحركات كبيرة في الأحياء والمناطق السكنية يخطط لها الحزبان لإخراج الجماهير للشارع العام، فضلاً عن محاولة إقناع الجماهير برفض «خطة التقشف» الحكومية بكل السبل. ونددت وزارة الخارجية الأميركية، من جهتها، بقمع المدنيين والاعتقال التعسفي ضد التظاهرات السلمية في السودان، لكن الشرطة السودانية نفت ذلك وقالت إن ما حصل لا يعدو عن كونه «مناوشات» متفرقة لا وزن لها. في غضون ذلك، انتهت رحلة معاناة المواطن السوداني إبراهيم القوصي الذي أمضى قرابة 10 سنوات في المعتقل الأميركي في خليج غوانتنامو الكوبي عندما حطت طائرة عسكرية أميركية في أرض مطار الخرطوم في الساعات الأولى من فجر أمس بعدما أفرجت عنه السلطات الأميركية، بحسب ما أعلنت أسرته. واستقبل القوصي في مطار الخرطوم السفير فتح الرحمن علي محمد مسؤول الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية ووالده وعدد من أفراد أسرته. وعبّر القوصي عن سعادته لعودته إلى بلاده مؤكداً «أنه سيظل وفياً لأهله ووطنه»، وقال إن «ما تعرّض له كان ظلماً كبيراً». وشكر القوصي الحكومة وكل «محبي الحرية» على جهودهم المخلصة التي بذلوها حتى تم إطلاق سراحه وعودته إلى الوطن. وأصدرت هيئة محلفين عسكرية في معتقل غوانتانامو الأميركي في آب (أغسطس) 2010 حكماً بالسجن لمدة 14سنة بحق إبراهيم القوصي الذي عمل سائقاً وطباخاً لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، بعد اعترافه بذنبه ضمن صفقة بين القوصي وبين الحكومة الأميركية مهّدت الطريق لإطلاقه. وتضمنت الصفقة قضاء القوصي عامين في غوانتانامو قبل إرساله إلى السودان. وقالت المحكمة العسكرية الأميركية إن القوصي اعترف بأنه غادر السودان في 1996 للانضمام إلى أسامة بن لادن في أفغانستان حيث عمل طباخاً له ثم مساعداً لوجستياً وأحياناً سائقاً. ومما جاء في الاعترافات التي أدلى بها القوصي تحت القسم أمام المحكمة تأكيده أنه «قدَّم عن قصد دعماً للقاعدة في أعمالها العدائية ضد الولاياتالمتحدة منذ عام 1996، وذلك عندما أصدر بن لادن أمراً لاتباعه بارتكاب أعمال إرهابية ضد الأميركيين». وإبراهيم القوصي هو إبراهيم أحمد محمود القوصي (51 سنة) من مواليد مدينة عطبرة (230 كيلومتراً شمال الخرطوم). تخرج في جامعة السودان (كلية التجارة) عام 1987، وعمل في شركة خاصة، ثم موظفاً في شركة وادي العقيق التي يملكها أسامة بن لادن حتى تم تصفية الشركة ومغادرة بن لادن السودان في 1996. ويقول شقيقه محمود أحمد محمود القوصي عميد كلية الجريف التقنية في الخرطوم إن شقيقه إبراهيم يتميز بأدبه الجم وسلوكه الراشد والأمانة والجدية في العمل. وذكر انه نسبة لأمانته اختارته شركات الاستثمار العربية في الخرطوم عام 1988 للعمل لديها محاسباً فور تقدمه للعمل لديها، ثم عمل في شركة وادي العقيق التي يملكها بن لادن محاسباً أيضاً في التسعينات، وظل يعمل بها حتى بعدما تمت تصفية شركات وأملاك بن لادن في السودان. سافر القوصي إلى باكستان عام 1998 للعمل والدراسة. قبضت عليه الحكومة الباكستانية بالتعاون مع المخابرات الأميركية (سي آي إيه) في العام 2001، ثم تم ترحيله إلى قاعدة غوانتانامو في مطلع 2002. وأضاف محمود أن شقيقه إبراهيم متزوج من مواطنة مغربية منذ عام 2000 وله ابنتان يعشن مع والدتهن في بيت الأسرة في مدينة عطبرة بشمال السودان. ولا يزال في سجن غوانتانامو معتقل سوداني آخر هو النور عثمان محمد. ويتوقع إطلاقه بحلول العام 2014. وكان في غوانتانامو 12 معتقلاً سودانياً تم إطلاقهم على دفعات منذ العام 2007.