شهد مؤتمر أقامته منظمة الندوة العالمية للشباب الإسلامي و«فور شباب» ومقرهما السعودية، نقاشاً لافتاً حول «هندسة التغيير... التكوين والأدوات»، وهو العنوان الذي انطلق المنظمون منها، إلا أن الأكثر إثارة في الجدل الذي دار في أجواء القاهرة التي شهدت لتوها تنصيب رئيس إسلامي جديد، هو إعلان الداعية الموريتاني محمد الحسن ولد ددو اعتقاده بأن: «الدولة الدينية غير موجودة في الإسلام، وأنها «مجرد خرافة»، لأنها قائمة على ادعاء العصمة لمن لا عصمة له، «لم يقل أحد من أهل الإسلام بوجود الدولة الدينية باستثناء الفرقة الإمامية من الشيعة، وهي مرتبطة عندهم بعصمة الأئمة، وبنسخ أقوالهم للكتاب والسنة». تناول المؤتمر عدداً من المحاور، منها: المفاهيم الأساسية للتغيير، وعرض لتاريخ الإسلام في التغيير، وكيف نبدأ التغيير ومتطلباته، ومفهوم التغيير الحضاري، ومنهجية التغيير لدى الحركات الإصلاحية في الوطن العربي، والنظرية التغيرية الإسلامية، وملامح التغيير عند الخلفاء الراشدين، وقصة التغيير وخطواتها، كما ناقش أيضاً العقبات والتحديات التي تواجه التغيير، وأسباب مقاومة التغيير، وشعارات المنظمات التي تعيش التغيير، وتحديات التغيير ودور الشباب في التغيير، وأبرز المشاريع التغييرية في الوطن العربي والإسلامي. شارك في المؤتمر كوكبة متنوعة من المفكرين والعلماء من مصر والعالم العربي، من أبرزهم: الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية، والدكتور سلمان العودة من خلال الأقمار الاصطناعية، والعالم الموريتاني محمد الحسن ولد الددو، وعضو المجلس التأسيسي للإعلام الإسلامي الدكتور عبد الكريم بكّار، ورئيس التجمع الإسلامي السابق لأميركا الشمالية الدكتور محمد بن حامد الأحمري، والدكتور محمد عمارة، والمهندس هاني المنيعي، وعدد من الاختصاصيين. يسعى المؤتمر بحسب منظميه إلى توافر بيئة علمية ومناخ إيجابي ومفاهيم تغييرية وتجارب عملية ووسائل مشروعة مدنية للتغيير الحضاري المنشود، عبر صياغة منهج فكري تغييري قائم على الوسطية من خلال إتاحة سبل تواصل وتفاعل علمية ومناسبة بين المفكرين والدعاة وقيادات المؤسسات المدنية ورواد التغيير والشباب الطموح، بما يكفل تعميق المنهجية التغييرية المدنية بمفهوم وممارسة، وينعكس في تحقيق مواطنة صالحة ذات تأثير إيجابي، وفقاً لحديث الأمين العام لمنظمة «فور شباب» العالمية محمد سيف الأنصاري. وأوضح الأنصاري أن المؤتمر يهدف إلى غرس مفهوم التغيير لدى الشباب وتأصيله مصطلحاً ومفهوماً، لتجعل منه أساس نهضة حضارية واضحة المعالم، ولنشر فكرة التغيير الإيجابي بين أوساط الشباب، وأنها ليست مقتصرة على شريحة معينة، ولغرس وتعميق مفاهيم وأدوات التغيير وتبسيطها للشباب، وعرض للتجارب والخبرات التغييرية في الوطن العربي، وترشيد ميولات الشباب في المشاريع المدنية التغييرية، وتعزيز فرص التغيير واستثمارها للأفضل، وإحياء الحس الاستراتيجي لدى شباب الأمة. من أبرز المحاضرات التي كان لها صدى في المؤتمر، ما طرحه زعيم حركة النهضة الإسلامية بتونس ونائب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين راشد الغنوشي، حين لفت إلى أن الثورتين المصرية والتونسية السلمية فتحتا طريقاً ثالثاً إلى التغيير في العالم، بعيداً عن العنف والانقلابات المسلحة. ورأى الغنوشي أن الجماعات الإسلامية المتشددة التي نشأت في القاهرة لن تعود، بسبب أنها نشأت كردة فعل للقمع والتعذيب والجلد في السجون، وأكّد أن هذه الثورة لن تصنع فرعون جديداً لمصر، طالما استمر الشعب في ثورته السلمية، وكذلك في ظل عصر فضاء وإعلام مفتوح، يرصد ويتابع خطوات وتحركات الرئيس». وأوضح أن أول صدمة تعرض المسلمون لها في حياتهم، هي إلغاء حكم الشورى، وآخر عروة يتعرضون لها الآن هي انقطاعهم عن الصلاة، لافتاً إلى أن التغيير له مناخ، وأهم مقاصد هذا المناخ هو تحقيق الحرية، فلا قيمة للإيمان وارتداء الحجاب وممارسة بقية الشعائر من دون أن تبنى هذه الممارسات على الحرية. مستغرباً من القيادات الإسلامية التي تخشى على الإسلام من الحرية، كأن الإسلام غريب عن النفس البشرية، ناصحاً إياهم بأن يكونوا سعداء بما يتحقق من حرية لهم. وتساءل: هل للديموقراطية مكانة في الإسلام؟ قائلاً: «هناك من يعتقد بوجود تقابل بين الإسلام والديموقراطية، مبررين ذلك بأن الإسلام هو حكم الله والديموقراطية هي حكم الشعب، مؤكداً أن هذا الاعتقاد هو تناقض سخيف، فالديموقراطية والحرية أشياء أساسية في الإسلام، والثورات المعاصرة قامت للقضاء على التحرر، والتخلص من الاستبداد والقمع». وأكد الغنوشي أن البيئة الجديدة في ظل الثورات السلمية التي تسودها الحرية، ستنتج منتجات حضارية معتدلة تتناسب بين الإسلام والفكر، وبين العقل والدين، والحرية والالتزام، والأخلاق والاقتصاد. وأضاف الغنوشي أنه لا يوجد منهج واحد للتغيير بل مناهج متعددة، مشدداً على ضرورة تطبيق الحرية في كل مكان حتى يحدث التغيير. وفي نهاية المؤتمر، نصح الغنوشي الشباب المشارك بعدم الخوف من الحرية والديموقراطية، لأنه لا نهضة حقيقية من دون حرية، والذين يهاجمون الديموقراطية هم ضحايا، فلا يمكن أن نخشى على الإسلام من الحرية والديموقراطية، لأن الإسلام دين الفطرة. وتناول الدكتور سلمان العودة أهمية التغيير، وكيف أنه يبدأ من الذات قبل الآخرين، تناول تحديات التغيير، واعتبر أهمها بنية العقل المتخلف، الذي أدمن الاستبداد حتى أصبح لا يتصور الحياة من دونها. وتناول فكرة المستبد العادل التي ينادي بها بعض أهل الإصلاح، فكأنها أفضل حلم ينشدوه. في حين تحدث الدكتور محمد عمارة عن «مفاهيم التغيير وآلياته وأدواته». ملتقى «الوعي» يلتزم بالمنع الرسمي عالم: الدولة الدينية غير موجودة في الإسلام