تخلى النائب الاول للرئيس الايراني اسفنديار رحيم مشائي أمس، عن منصبه بطلب من المرشد الاعلى للجمهورية علي خامنئي، ما شكل اول نكسة للرئيس محمود احمدي نجاد منذ اعادة انتخابه المثيرة للجدل منتصف حزيران (يونيو) الماضي، ونصراً للمحافظين الذين انتقدوا ترقيته بعدما اثار العام الماضي فضيحة بتأكيده ان ايران بلد صديق للشعبين الاسرائيلي والاميركي. وقال مشائي بعد ثمانية ايام على تعيينه: «اذعنا لأوامر المرشد الاعلى، وسأخدم شعبنا العزيز بكل ما استطيع»، علماً ان خامنئي قال في رسالة بعثها الى احمدي نجاد اول من امس ان «تعيين مشائي نائباً للرئيس يتعارض مع مصلحتكم ومصلحة الحكومة، وسيثير انقسام انصاركم وغضبهم، لذا يجب إلغاؤه». وفيما ساند المحافظون نجاد بقوة خلال الاسابيع الصاخبة التي اعقبت اعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران، وشهدت اخطر ازمة في تاريخ الجمهورية الاسلامية، اسفرت عن مقتل 20 شخصاً على الاقل في تظاهرات عنيفة رافقت احتجاجات المعارضة على نتائج الانتخابات، قال احمد خاتمي عضو مجلس الخبراء المقرب من خامنئي: «ندعم الرئيس، لكننا لم نقل انه لا يخطئ». وأول من امس، دعا مجلس تشخيص مصلحة النظام، اعلى هيئة تحكيم سياسية، نجاد الى عدم إحداث شقاق داخل الادارة عبر الإصرار على التعيين، فيما حذر طلاب اسلاميون في ثماني جامعات في طهران من ان «عدم الاستجابة للتحذير اللفظي سيحتم اجراء تحرك عملي لتصحيح هذا الخطأ»، معتبرين ان «التصويت لنجاد لم يكن لفرد بل لتأكيد رفض المحسوبية». وكان نجاد دافع الاربعاء عن خيار تعيين مشائي الذي تزوجت ابنته من نجل نجاد، وقال «انه اشبه بنبع مياه نقية، وحين يجلس المرء ويتناقش معه فليس هناك مسافة». ووصفه بأنه شخص متواضع ومُوال لثورة عام 1979. وعلى غير العادة، فإن الرئيس نجاد لم يُقل مشائي من منصبه اطاعة لأمر المرشد الذي يعطيه الدستور حق «الولاية المطلقة»، بل قبل استقالته بعد بث رسالة المرشد في وسائل الإعلام الرسمية. واللافت في هذه القصة ان الرسالة وجهت الى الرئيس نجاد السبت الماضي، ما دفع شخصيات محافظة الى اتهامه بعدم اطاعة توصية المرشد. وأفادت صحيفة «كيهان» المحافظة بأن «مشائي ينظم ثورة مخملية تقودها جهات اجنبية بمساعدة مجموعات اصلاحية، لكن باختلاف في الادوار». ورأت الصحيفة التي تعبر عن شريحة عريضة من المحافظين المتشددين ان «مشائي ومن معه يريدون رفع مستوى المطالب للحيلولة دون صدور اوامر مماثلة من جانب المرشد، على غرار ما حدث لدى منعه من إجراء مباحثات سرية مع الجانب الاميركي». ويعتقد متابعون للشأن الايراني ان الرئيس المنتخب نجاد يريد الضغط على الوسط المحافظ المؤيد له، وتحديداً في مجلس الشورى، «من اجل تمرير تشكيلته الوزارية التي يعتزم من خلالها السيطرة على الوزارات السيادية عبر فريق ينسجم مع تطلعاته الفكرية والسياسية».