لفت مراقبون في الجزائر أمس إلى الاهتمام الكبير الذي تحظى به الاحتفالات بمئوية «الطريقة الصوفية العلاوية الدرقاوية الشاذلية» في مستغانم (320 كلم غرب العاصمة) التي انطلقت مساء الجمعة. وتناقش المئوية التي يرعاها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، جانب «الروحية والتصوّف» و «المستقبل». لكن بعض المشاركين في الاحتفالات يدفع، كما يبدو، في اتجاه تسليط الضوء على رأي شيخ هذه الطريقة الصوفية خالد بن تونس الذي هاجم في مؤلف حديث له «التيار السلفي» في سياق شامل مبني على مواجهة الأفكار التي يروّج لها «الجهاديون». وانطلقت الاحتفالات بالذكرى المئوية الأولى لتأسيس هذه الطريقة الصوفية (1909 - 2009) بحضور شيخ الطريقة العلاوية خالد بن تونس وممثلي السلطات المحلية وسفراء وضيوف من دول عربية وغربية. وأُعلن أن الاحتفالات ستستمر سبعة أيام وستناقش مسائل ترتبط بما يراه شيخ الطريقة «خطراً» على الإسلام بسبب «الصورة التي خلّفتها السلفية الجهادية عن الدين». ويرعى التظاهرة الرئيس بوتفليقة الذي شهد عهده (منذ 1999) تنامياً مستمراً للترويج ل «الإسلام المتسامح المتفتح». وتعوّل السلطات الجزائرية على دور الصوفيين والإسلاميين «المنفتحين» وتيارات إسلامية أخرى في تنشئة جيل جديد من المواطنين القادرين على مقارعة أفكار التنظيمات المسلحة مثل «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» التي تنسب فكرها إلى السلفية وكانت تُسمّي نفسها «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». إلا أن الاحتفالات بمئوية الطريقة الصوفية تُجرى وسط خلاف واسع بين شيخ «العلاوية» خالد بن تونس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تحظى بنفوذ كبير في المؤسسات الدينية الجزائرية وبين عموم الناس. وتتهم الجمعية بن تونس بإصدار مؤلف يحوي «مساساً بالمقدسات الإسلامية والرموز الوطنية، مما يقتضي سحب هذا الكتاب من التداول ويستوجب من الهيئات الرسمية والمجتمع المدني التصدي لمثل هذه الاختراقات والتجاوزات التي تتنافى مع تعاليم الإسلام وتسيء إلى الجزائر، وإلى التصوف الحق». لكن شيخ الطريقة يدافع عن مؤلفه «الصوفية الإرث المشترك»، ويقول إنه موسوعة تسعى إلى المحافظة على «الموروث المشترك» للجزائريين. ويوضح أنه «تأريخ للحياة الروحية بدءاً من أبي البشرية آدم عليه السلام، مروراً بالرسل والأنبياء بمن فيهم سيد الخلق محمد (صلّى الله عليه وسلم) ووصولاً إلى اليوم، وهو مدعّم بصور منمنمات وخرائط تصف المراحل مرحلة بمرحلة إلى غاية الوصول إلى التصوف لدى الطريقة العلوية». وكان واضحاً منذ افتتاح الاحتفالات التي يحضرها قرابة خمسة آلاف مدعو (من كل الدول العربية وأوروبا وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين واليابان وأندونيسيا)، أن الجزائر تراهن على أن تُبرز الطريقة العلاوية قيم «السلم والتسامح والتآخي بين الأمم ومحاربة الكراهية ونبذ التطرف». ومن بين الأسئلة التي سيتطرق إليها المشاركون في الملتقى، تلك المتعلقة بالتحديات الكبرى التي تواجهها الإنسانية، من التغيرات المناخية، والبيئة وطرق حماية الكرة الأرضية وغيرها من المواضيع التي «تتطلب عناية مستعجلة» من الدول كافة. وتقترح الطريقة العلاوية القيام ب «تفكير عميق» في هذا الشأن.