لم يُخف نائب رئيس الوزراء العراقي رئيس القائمة «الكردستانية» في انتخابات اقليم كردستان، التي أجريت امس، سعادته وهو يقف في طابور المنتظرين للاقتراع في انتخابات الاقليم في اجواء «احتفالية» تخللتها تعهدات من الاطراف المتنافسة بقبول النتائج. وتوقع سياسيون تغييراً في مسار الخلافات بين الاقليم والحكومة في بغداد خلال المرحلة المقبلة. وأبدى كبار المسؤولين الاكراد خلال الاقتراع صباح امس تفاؤلهم بامكان حل المشاكل العالقة مع بغداد. وبدا لافتاً ان يركز رئيس الاقليم مسعود بارزاني في تصريح على «الاخوة والمصير المشترك العربي - الكردي» فيما ذهب الرئيس العراقي جلال طالباني الى التشديد على ان «اقليم كردستان جزء من العراق». وقال برهم صالح، وهو يصطحب والدته ويحمل مستمسكاته الشخصية الى مركز الاقتراع، ان ما يهم اليوم هو ان يمنح اقليم كردستان صورة مجسمة حقيقية للخارج عن العراق عموماً. وأضاف متحدثاً الى «الحياة» ان «الأجواء التنافسية التي شهدتها الحملات الدعائية ومن ثم الاقبال الشديد على مراكز الاقتراع في اجواء هادئة امنياً كان نتاج التزام جميع الاطراف بالثوابت والثقافة الانتخابية وذلك هدف بحد ذاته». وذكر «انتخابات اقليم كردستان مؤشر واضح الى المستقبل العراقي فهي توضح ان هذا الشعب قادر على المضي الى المستقبل». وقال سياسيون في السليمانية ان صالح، الذي اختير لزعامة قائمة الحزبين الكرديين، كان اشترط ان يكون البرنامج الاصلاحي الانتخابي لقائمته هو الفيصل في التوجه الى الناس وليس التمثيل الشخصي والمصالح الحزبية. وجاء اختيار الرجل في اعقاب انشقاق كبير داخل حزب طالباني افرز جبهة معارضة قادها نائب رئيس الحزب السابق نيوشروان مصطفى الذي كانت قائمته «التغيير» المنافس الاكبر لقائمة الحزبين. وتوقع سياسيون اكراد ان يحصل تغيير في الخريطة السياسية للبرلمان المقبل الذي يضم 111 مقعداً لتتشكل من نحو 70 مقعداً لقائمة برهم صالح و15 مقعداً لقائمة مصطفى و10 مقاعد لقائمة الاصلاح (تحالف بين احزاب اسلامية ويسارية) و11 مقعداً للاقليات فيما تتوزع المقاعد الباقية على احزاب صغيرة ومرشحين منفردين. وأعرب برهم صالح عن اعتقاده ان الحراك السياسي الذي شهده الاقليم ستكون له مردودات ايجابية في العلاقات مع بغداد. وأكد ان سقف التمثيل الحقيقي الذي ستعكسه الانتخابات سيكون له اثر كبير في الوصول الى تفاهمات مشتركة حول الخلافات مع بغداد التي قال صالح انها «قابلة للحل» وانها «لا تزال داخل سقف الدستور العراقي ولم تغادره». بدوره اعلن نيوشروان مصطفى انه سيلتزم نتائج الانتخابات اياً كانت. مبدياً رضاه عن سير عملية الاقتراع التي قال مراقبون دوليون والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات انها أجريت وسط خروقات محدودة. وقال رئيس المفوضية فرج الحيدري ان «العملية الإنتخابية سارت في شكل جيد ولم تسجل خروقات». واستدرك في مؤتمر صحافي ان بعض القوائم خرقت الصمت الاعلامي في اشارة الى تصريح رئيس الاقليم مسعود بارزاني بانتخابه «القائمة الكردستانية» وقال الحيدري ان على بارزاني «تقديم اعتذار رسمي بهذا الخصوص، او قد يُعرض لغرامة مالية» وتعلن نتائج الانتخابات بحسب مسؤول المفوضية خلال 72 ساعة من اغلاق صناديق الاقتراع. منافس بارزاني على كرسي رئاسة الاقليم هلو ابراهيم اكد بدوره ان الترشيح لمنصب رئيس الاقليم كان «حلماً» قبل اربع سنوات اما اليوم فإنه يعد نفسه قد كسر قاعدة الاحتكار وفرضية «الحاكم الدائم» حتى لو لم يفز بالانتخابات. لكن قائمة «الاصلاح» كانت اعترضت على سير عملية الانتخابات واتهمت «الكردستانية» بحدوث تزوير قبل ساعتين من اغلاق صناديق الاقتراع ما اكد بأن مفوضية الانتخابات انها ستدققه. وكانت السليمانية (شمال العراق) ساحة الصراع الرئيسية في الانتخابات حتى ان رئيس الاقليم مسعود بارزاني اختارها في اخر حملاته الانتخابية. وسير العملية الانتخابية في المدينة كما جرت امس بطريقة وصفها سياسيون من اتجاهات مختلفة ب »النموذجية» سبقتها مقدمات عن حملات انتخابية وصل بعضها الى حدود التوتر والتصادم لكنها في الغالب اتخذت طابعاً غير مسبوق في العراق وربما في المنطقة.