اقتحمت القوات النظامية السورية مدينة دوما في ريف دمشق صباح السبت بعد أسابيع من الحصار والقصف، وشهدت فرار الكثير من سكانها. وتواصلت الاشتباكات والعمليات العسكرية في مختلف مناطق البلاد، بحسب ما أفاد ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات. ففي ريف دمشق الذي يشهد تصاعداً في الاشتباكات، أفاد ناشطون في مدينة دوما التي تبعد حوالى عشرة كيلومترات عن وسط العاصمة بأن المقاتلين المعارضين انسحبوا منها صباح السبت وأن القوات النظامية دخلتها بعد حملة عسكرية هي الأعنف بدأت في 21 من الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل العشرات وجرح المئات، وتزامنت مع تصاعد الاحتجاجات في الريف الدمشقي وصولاً إلى داخل العاصمة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن القوات النظامية «تعيث فساداً في المدينة حيث تقتحم البيوت وتحطم محتوياتها»، مضيفاً «جرى توثيق إعدام مقاتلين اثنين ميدانياً على يد قوات النظام وهناك تقارير عن حالات أخرى لكننا لم نوثقها بعد». وقال سكان في دوما إن مئات يفرون من المدينة التي اجتاحتها القوات الحكومية بحثاً عن المعارضين، وذكروا أن عدداً كبيراً من الجثث دفن تحت انقاض المباني في البلدة. ولا يمكن التحقق على الفور من هذه الأنباء. وقال عبدالله (50 سنة) انه غادر دوما مع أبنائه الخمسة صباح السبت. وذكر في اتصال هاتفي من بلدة قريبة «رأيت ثلاث جثث على الأقل عند ناصية احد الشوارع. دمر عدد من المنازل واشتعلت النيران في مبان أخرى. لم يبق في المدينة سوى عدد قليل. رحل من يستطيع». وتابع «رأيت جثة على جانب احد الشوارع. تجمعت الكلاب حولها. كان مشهداً مروعاً. نعيش جميعاً لاجئين داخل بلادنا». وغادر عبد الله البلدة ضمن قافلة تضم 200 شخص من ضاحيته. وقال إن ثمانية أشخاص تكدسوا داخل كل سيارة، مضيفاً انهم مروا على أربع نقاط تفتيش حيث اطلع جنود بعتاد كامل على هوياتهم قبل السماح لهم بالمرور. وقال أبو عمر من سكان دوما إن المعارضين انسحبوا من البلدة الليلة قبل الماضية بعد هجوم حكومي مكثف استمر عشرة أيام. وقال «كيف يمكن للمعارضة خوض معركة بعتاد محدود في مواجهة دبابات وطائرات هليكوبتر؟ الآن يسيطر جيش الأسد على البلدة» مضيفاً أن المئات اعتقلوا. وناشد «الصليب الأحمر والهلال الأحمر (السوري) دخول المدينة ورفع الجثث. بدأت بعض الجثث تتحلل». وتابع أن عدداً من الجثث دفن تحت انقاض المنازل. وقال محمد دوماني وهو ناشط معارض غادر البلدة «لا توجد كهرباء أو مياه أو اتصالات. الوضع مرعب حقاً». وأضاف «قوات الأمن تتجه إلى المستشفيات ونحن نخشى على أرواح المصابين». وقتل مدنيان احدهما في دوما والآخر في بلدة مديرا، وفقاً للمرصد. وهز انفجار شديد حي القابون الدمشقي لم تعرف ملابساته، بحسب المرصد وناشطين في العاصمة، ولم يسجل سقوط ضحايا حتى اللحظة. وفي مدينة حلب شمال البلاد، أفاد المرصد بوقوع انفجار في حي الجميلية قرب مديرية حلب، حيث لم يفد أيضاً عن سقوط قتلى. وواصلت القوات النظامية قصفها للريف الشمالي لحلب، وأفادت الهيئة العامة بتعرض بلدة ماير لقصف عنيف متواصل وسط انقطاع الاتصالات والإنترنت والكهرباء عن الريف الشمالي بالكامل. وأشار المرصد إلى مقتل شخص في ماير وآخر في الأتارب نتيجة القصف. وفي حمص (وسط)، تجدد القصف على حي الخالدية من مدافع القوات النظامية التي تحاول استعادة السيطرة على الحي بحسب المرصد. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى استئناف القصف المدفعي على مدينة الرستن كبرى المدن الخارجة عن سيطرة النظام في محافظة حمص. وفي دير الزور (شرق) انفجر أنبوب نفط يمر بجوار مدينة القورية الخارجة عن سيطرة القوات النظامية، وتصاعدت سحب الدخان في المنطقة. وأشار المرصد إلى استمرار الاشتباكات في مدينة دير الزور الخارجة هي الأخرى عن سيطرة السلطات السورية، حيث قتل عسكري منشق وطبيب وسيدة جراء المعارك وقصف القوات النظامية التي تحاول استعادة المدينة. وقالت لجان التنسيق المحلية إن حشوداً عسكرية معززة بمدرعات انتشرت في محيط المدينة. وفي درعا (جنوب)، واصلت القوات النظامية السبت حملاتها الأمنية، وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية بتنفيذ حملة دهم واعتقالات وانتشار امني كثيف مدعوم بالمدرعات في درعا المحطة. وقتل مسلح في انفجار لغم في كفر شمس، وفقاً للمرصد. وتدور اشتباكات عنيفة عند مداخل بلدة أبطع بين مقاتلين من «الكتائب الثائرة المقاتلة» والقوات النظامية السورية التي تستخدم الطائرات المروحية بالعمليات، بحسب المرصد السوري الذي أشار إلى تعرض بلدة خربة غزالة لإطلاق نار من رشاشات الحوامات. وفي إدلب (شمال غرب) حيث يعزز المقاتلون المعارضون سيطرتهم على مناطقها، قتل رجل ونجله جراء القصف على قرية حيش، بحسب المرصد. وسقط الجمعة في سوريا 75 قتيلاً في أعمال عنف متفرقة في البلاد، وقتل منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في منتصف آذار (مارس) 2011 اكثر من 16 ألف شخص، بحسب أرقام المرصد.