يدخل الحظر الأوروبي على النفط الإيراني اليوم حيز التنفيذ، تزامناً مع بدء سريان العقوبات الأميركية على الجهات الدولية التي تتعامل مع المصرف المركزي الإيراني بدءاً من الخميس الماضي على خلفية رفض طهران الدعوات الدولية بإيقاف أنشطة تخصيب اليورانيوم، إذ تعتبر هذه الخطوات من أشدّ العقوبات التي تتعرض لها إيران منذ ترحيل ملفها النووي إلى مجلس الأمن عام 2006. وعلى رغم وجود 50 مصفاة في العالم تعتمد على النفط الإيراني، إلا أن 27 بلداً عضواً في الاتحاد الأوروبي ستلتزم بالإجراءات الجديدة، ما يعني اعتماد بعض الشركات طرق غير مباشرة لشراء هذا النفط. وتشير معلومات رسمية صادرة عن شركة النفط الوطنية الإيرانية، إلى أن طهران لا تعاني حالياً من مشاكل بيع نفطها، ولا تملك نفطاً غير مباع سواء في مياه الخليج، أو في منصات التصدير الدولية. لكن مصادر تحدثت عن وضع الفريق الاقتصادي الوزاري المؤلف من وزراء التجارة والنفط والصناعة إضافة إلى البنك المركزي أربعة سيناريوات لمواجهة الآثار المترتبة على الحظر. إلغاء التعامل باليورو والدولار وتواجه طهران مشكلة الحصول على ثمن النفط المصدّر في ظل المقاطعة التي فرضتها الولاياتالمتحدة على البنك المركزي الإيراني، لذا يقضي السيناريو الأول بإلغاء عملتي الدولار واليورو في التعاملات واستبدالهما بالعملات المحلية للدول المستهلكة للنفط، كالليرة التركية والروبية الهندية واليوان الصيني والين الياباني. وقد دأبت طهران على تشجيع رجال الأعمال الإيرانيين على شراء البضائع والمواد الأولية من تركيا والهند والصين واليابان لتسديد مبالغها من أرصدة إيران بالعملات المحلية لدى هذه الدول، والعمل على تنفيذ سياسة المقايضة في تعاملاتها الخارجية. مجموعة تأمين وطنية ومن أجل مواجهة الحظر التي تفرضه شركات التأمين الدولية على البواخر المحملة بالنفط الإيراني، تتجه طهران إلى تأسيس مجموعة تضم شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة النقل النفطي الوطنية إضافة إلى شركة التأمين الوطنية الإيرانية، للتأمين على ناقلات النفط والمواد البتروكيمياوية الإيرانية. زيادة المخزون وتعتمد الخطة زيادة المخزون النفطي لزيادة قدرة المناورة خلال عمليات البيع بعيداً من قوانين الحظر، إذ تحدثت مصادر شركة النفط الإيرانية عن اتجاه لتنفيذ برنامج تخزين 3 ملايين برميل غرب المياه الخليج، حيث افتتحت هذه الشركة في نيسان (أبريل) الماضي أول مخزن يستوعب مليون برميل. وكان مدير شركة النفط البحرية محمود زيركجيان زادة أعلن في آذار (مارس) الماضي، دخول أكبر منصة لتخزين البترول في العالم (2،2 مليون برميل) إلى مياه الخليج. كما تسعى شركة النفط الإيرانية إلى استكمال بناء أربعة خزانات بالقرب من منصة حزيرة خارك النفطية لاستيعاب 40 مليون برميل نفط، ما يرفع قدرة التخزين إلى 40 في المئة. خفض إنتاج الحقول المستقلة وتضمنت التوصيات خفض نسبة إنتاج الحقول المستقلة من النفط والغاز واستغلال هذه الفترة لتأهيلها وإعادة صيانتها. وأكد أحمد قلعة باني مدير شركة النفط أخيراً انخفاض الإنتاج 30 في المئة. كما كشفت مصادر عن وقف العمل بمشاريع تطوير حقول، والتركيز على الحقول المشتركة مع الدول المجاورة. إغلاق مضيق هرمز وفي غضون ذلك، كان محمد رضا رحيمي معاون الرئيس محمود أحمدي نجاد هدد بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة وأمام إمدادات النفط إلى أوروبا في حال تنفيذ الاتحاد الأوروبي حظره على النفط الإيراني. ولا تستبعد مصادر لجوء طهران لتنفيذ تهديدها، لكن سيترتب على ذلك استحقاقات دولية كثيرة، وهو ما يدعو لمزيد من الدراسة والتقويم في الوقت الحاضر. علماً أن هذه الإجراءات لا تتعلق بالحظر الأوروبي على النفط الإيراني بقدر ما هي معالجة لحظر التعامل مع المصرف المركزي الإيراني. لأن دولاً أوروبية في مقدمها اليونان وإيطاليا وإسبانيا وبلداناً أخرى تستورد 18 في المئة فقط من النفط الإيراني. معارضة بكين ردت الصين أمس، على قرار وزارة الخارجية الأميركية استثناءها من العقوبات المالية التي تستهدف مؤسسات تساهم في تصدير النفط الإيراني، مؤكدة معارضتها للعقوبات المفروضة من جانب واحد. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي: «تقف الصين دائماً ضد فرض دولة استناداً الى قانونها الداخلي عقوبات أحادية على دولة أخرى، لأن ذلك غير مقبول». وكانت واشنطن قررت فرض عقوبات على مؤسسات مالية في دول لا توقف استيراد النفط من ايران بدءاً من اليوم، الا في حال منحها الرئيس الأميركي اعفاءات، وهو ما حصل مع اليابان و10 دول أوروبية قررت خفض كمياتها المستوردة من النفط الإيراني، ثم أعفت كلاً من الصين وسنغافورة، ما رفع الى 20 عدد الدول التي نالت اعفاءات. وأكد هونغ ان الصين تستورد البترول الخام من ايران من طريق قنوات طبيعية، للتلبية حاجات تنمية اقتصادها، وقال: «لا ينتهك ذلك أي قرار أصدره مجلس الأمن أو يقوض مصالح طرف ثالث أو المجتمع الدولي، بل انه امر شرعي ومبرر بالكامل». وكان السفير الايراني لدى الاممالمتحدة محمد خزاعي صرح اول من امس بأن القوى الغربية التي تتفاوض مع ايران في شأن برنامجها النووي «غير جدّية بدرجة كافية في محاولاتها لحل الأزمة». وزاد: «اعلان الولاياتالمتحدة وبعض الاوروبيين انهم سيزيدون ضغوطهم وعقوباتهم ضدنا يشير الى عدم استعدادهم للمشاركة معنا في حوار هادف، واذا لم تسر المحادثات كما يجب فإننا مقبلون على مواجهة اخرى»، علماً ان ايران عقدت محادثات مكثفة مع مجموعة الدول الست في موسكو الشهر الماضي، من دون تحقيق انفراج.