أعلن رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة العراقية حيدر العبادي أمس رغبته في «ترشيق الحكومة وتقليص عدد الوزارات»، وذلك بعد ساعات من تنازل رئيس الوزراء نوري المالكي. الى ذلك، تبحث مكونات «التحالف الوطني» تشكيل لجنة مشتركة، فيما تستعد الكتل السنية لصوغ ورقة عمل الحكومة، تتضمن إعادة النظر في سياسات الاجتثاث والتوازن الوطني في مؤسسات الدولة، ولمح الأكراد الى ضرورة الإسراع بصرف مستحقات إقليم كردستان. وقال العبادي في بيان أمس إن «هناك رغبة في ترشيق الحكومة المقبلة من أجل السير بعملية ترشيق النفقات في الموازنة المالية وإدارة مؤسسات الدولة باستراتيجية جديدة». وأضاف أن «الأوضاع التي تشهدها البلاد تتطلب برنامجاً حكومياً يتناغم معها يتركز على مكافحة الفساد المالي والإداري»، وأشار إلى أن «هناك ملفات تحتل أهمية قصوى في هذا البرنامج سيتم العمل بها». وزاد أن «البرنامج سيضمن أيضاً معالجة ملفات الأمن والسياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، فضلاً عن الملفات الأخرى». وكان المالكي أعلن الليلة قبل الماضية تنازله عن السلطة لصالح العبادي، وأنهى أزمة سياسية كانت تعرقل سير تشكيل الحكومة. وقال في خطاب متلفز: «لتسهيل سير العملية السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة، أعلن سحب ترشيحي لصالح الأخ الدكتور حيدر العبادي وكل ما يترتب على ذلك حفاظًا على المصالح العليا للبلاد». وأضاف «لقد تعرضت شخصياً لهجمة ظالمة (...) حتى اتهمت بالتشبث بالسلطة، مع أنه كان دفاعاً عن الوطن وحرمة الدستور والاستحقاقات الانتخابية، والدفاع عن الحق لا يعني بأي حال من الأحوال تمسكاً بالسلطة، ولم ألجأ إلا إلى المحكمة الاتحادية، وتعهدت قبول قرارها». وزاد «لا أريد أي منصب (...) وقرار التنحي عن تولي رئاسة الوزراء هو رفضي أن أكون سبباً في سفك قطرة دم واحدة، وإن كان فيها جور علي». وعلمت «الحياة» من مصادر شيعية بارزة أن العبادي تبلغ من القادة الأكراد والسنة ومسؤولين أميركيين ضرورة تطبيق قانون المحافظات الذي أقره البرلمان صيف 2013 وينص على اللامركزية. وأضافت المصادر أن القانون يمنح المحافظات صلاحيات أمنية واقتصادية وإدارية واسعة ويقتضي إلغاء سبع وزارات خدمية وتحويل صلاحياتها الى مجالس المحافظات، وهو ما دفع العبادي إلى إعلان رغبته في ترشيق الحكومة. ويبلغ عدد الوزارات في الحكومة المنتهية ولايتها 27 حقيبة، بعد أن كانت 33 عام 2010، وفشلت محاولات سابقة لترشيقها. ولفتت المصادر إلى أن العبادي «وافق على صوغ نظام داخلي لمجلس الوزراء بناءً على إصرار كتلة «الأحرار» التابعة الى التيار الصدري، فيما تلقى مقترحات بتحييد إدارة القيادة العامة للقوات المسلحة». وقال النائب محمد نوري، عن «اتحاد القوى الوطنية» الذي يضم كل الكتل السنية في البرلمان في بيان أمس، إن «الاتحاد يدرس صوغ ورقة وتقديمها الى رئيس الوزراء المكلف». وأوضح أن «الورقة تتضمن تحقيق توازن وطني حقيقي في المؤسسات الحكومية والأمنية وإعادة النظر في سياسات الاجتثاث وقانون مكافحة الإرهاب والقيام بتحقيق عاجل للسجون لإطلاق سراح الأبرياء وإصدار عفو عام عن المتهمين بقضايا غير جنائية وشخصية». وقال النائب عن ائتلاف «المواطن» حبيب الطرفي، إن قوى «التحالف الوطني» تبحث في تشكيل لجنة تضم ممثلين عن مكوناتها تناط بها مهمة التفاوض مع باقي الكتل السياسية لتشكيل الحكومة». وأضاف في تصريح الى «الحياة» إن «هذه اللجنة ستبحث أيضاً في المشاكل الآنية وحلها مثل الموازنة العامة للدولة للعام الجاري التي لم تقر حتى الآن». الى ذلك، قال النائب عن كتلة «التحالف الكردستاني» محما خليل ل «الحياة»، إن أبرز القوى الكردية «تدعم مهمة العبادي في تشكيل الحكومة، أما مطالبنا الحالية فهي دفع المستحقات المالية لإقليم كردستان ضمن الموازنة». وكانت الولاياتالمتحدة رحبت بقبول المالكي التنحي عن الحكم وإعلان دعمه العبادي، كما رحبت الأممالمتحدة بذلك. وجاء في بيان للخارجية الأميركية: «نثني على القرار المهم والمشرف للمالكي في دعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جهوده لتشكيل حكومة جديدة ووضع برنامج وطني يتماشى مع الجدول الزمني والدستوري في العراق». وأضاف البيان أن «هذا القرار يمهد الطريق للانتقال التاريخي والسلمي للسلطة في العراق»، وزاد: «على العبادي وجميع القادة العراقيين التحرك بسرعة لإتمام تشكيل الحكومة، لما لها من أهمية في تماسك البلاد وتعزيز جهود مختلف الأطياف العراقية ضد التهديد المشترك المتمثل بتنظيم داعش». وأشار البيان الى « التزام الولاياتالمتحدة اتفاقية الإطار الاستراتيجي والدخول في شراكة مع حكومة جديدة وشاملة لمواجهة تهديد داعش»، وتعهدت الخارجية «تشجيع دول المنطقة والمجتمع الدولي على مساعدة العراق في محاربة التنظيم».