انحسرت التظاهرات المستمرة منذ عشرة أيام في الخرطوم ومدن أخرى في الولايات احتجاجاً على «خطة تقشف» حكومية، لكن الاجراءات الأمنية ظلّت مشددة. ورأت القيادة السودانية أن محاولات تحريك الشارع واسقاط الحكومة ممن وصفتهم ب «مرجفين» فشلت في هزها، لكن تحالف المعارضة وقّع «برنامجاً وطنياً» لحكومة انتقالية تقود البلاد ثلاث سنوات بعد حكم الرئيس عمر البشير. وأعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم تسلّمه مبادرة من زعيم حزب الأمة الصادق المهدي لعقد مؤتمر للسلام قريباً، مؤكداً دخول الحزبين في حوار جديد في شأن القضايا الراهنة. وأكد المسؤول السياسي للحزب الحاكم حسبو محمد عبدالرحمن أن الحوار الجديد بين حزبه وحزب الأمة بدأ منذ وقت قريب حول الأجندة الوطنية، قائلاً إن الحوار مستمر بينهما، مشيراً إلى أن حزبه لن يغلق باب الحوار أمام القوى المعارضة وحملة السلاح. وكان المهدي طرح مبادرة لتحقيق سلام شامل بأيدٍ سودانية وتهيئة مناخ سياسي لتحول ديموقراطي حتى لا يفرض على البلاد من المجتمع الدولي، وقال إن رفض الحكومة للمبادرات المحلية سيضعها أمام ثلاث أجندات أولها الأجندة الدموية وثانيها الدولية وثالثها مخرج وطني متفق عليه. ورفض المهدى اعتبار مبادراته محاولة لانقاذ حزب المؤتمر الوطني الحاكم ورأى انها محاولة لإنقاذ السودان بأسره. وتحدى حزب الأمة قرار الاجهزة الامنية السودانية الذي صدر قبل يومين بتعليق الانشطة المقامة في دار الحزب وذلك بعد ندوة نظمها الأسبوع الماضي نادى فيها الجمهور بضرورة الخروج للشارع لإسقاط النظام. وقرر مكتبه السياسي في اجتماع أمس رفض منع النشاط الجماهيري في دار الأمة ومواصلة العمل كحق مشروع للحزب منصوص عليه في الدستور. كما أعلن حزب الأمة رفضه للرقابة المسبقة المفروضة على الصحف. وعُلم أن تحالف أحزاب المعارضة السودانية وقّع في لقاء سري أمس «برنامجاً وطنياً» لحكومة انتقالية يُفترض أن تقود البلاد ثلاث سنوات عقب اطاحة حكم البشير. وينتظر أن يرافق التوقيع الرسمي ليل أمس خطابات سياسية من قادة المعارضة، لكن المتوقع أن تحاول السلطات منعها. وقال النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه إن محاولات «مرجفين» تحريك الشارع وإسقاط النظام الحاكم فشلت بعد تفهم الشعب لطبيعة الإصلاحات التي ترمي إلى إنعاش الاقتصاد، وحض على مجابهة التحديات بشحذ الهمم والإنتاج الغزير. وقال طه في لقاء جماهيري في منطقة سنار في وسط البلاد إن بعض «المرجفين» في الولاياتوالخرطوم ظنوا أنهم يستطيعون «هز شجرة الحكم ولكن الشعب سارع ليسقيها ثباتاً وولاءً ودعماً يعمِّق جذورها». وأكد طه عزم حكومته للمضي قدماً في «إجراءات تقشفية» تبنتها لإنقاذ الاقتصاد السوداني من الانهيار. كما أكد مستشار الرئيس السابق القيادي في الحزب الحاكم مصطفى عثمان اسماعيل عدم استجابة الشارع السوداني لمحاولات الأحزاب المعارضة تحقيق «اغراضها الدنيئة» ومساعيها لاسقاط النظام الحاكم، ووصف الساعين إلى إسقاط النظام ب «الخفافيش». وقال وزير المال السوداني علي محمود يوم الاثنين إن الحكومة ستتمسك بقرارها خفض دعم الوقود لأن لا خيار آخر لها سوى خفض الانفاق لسد عجز المالية العامة (وصل إلى 2.4 بليون دولار). وقال للصحافيين في الخرطوم: «في حال ارتفاع اسعار النفط العالمية سنزيد أسعار المحروقات ولن نتراجع عن قرار رفع الدعم للمحافظة على المؤشرات الكلية للاقتصاد ونسبة النمو الحالية».