حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن «الإجراءات الأحادية الجانب تضر بعملية السلام في الشرق الأوسط»، فيما جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطالبته لروسيا ب «ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام» في موسكو. وكان بوتين وصل مساء أمس إلى الأردن، المحطة الأخيرة في جولته الشرق أوسطية، والتقى مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على شاطئ البحر الميت (نحو 50 كلم غرب عمان) ل «بحث التطورات في الشرق الأوسط»، على ما أفاد مسؤولون أردنيون. وكان من المتوقع أن يرعى بوتين، الذي وصل إلى الأردن عصر الثلثاء قادماً من الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، الافتتاح الرسمي لبيت الحجاج الروس في موقع عماد السيد المسيح بمنطقة المغطس على نهر الأردن (نحو 50 كلم غرب عمان). وكان الرئيس الروسي زار أمس مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، المحطة الثانية في جولته في المنطقة التي تشمل كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن حيث عقد محادثات مع الرئيس الفلسطيني ثم افتتح مركزاً ثقافياً علمياً روسياً. وفي مؤتمر صحافي مشترك في بيت لحم عبر عباس عن شكره لدعم روسيا للشعب الفلسطيني «وقضيته العادلة». وأشار إلى أن «روسيا دأبت على وقوفها إلى جانب شعبنا الفلسطيني في جميع محطات نضاله من أجل تطلعاته الوطنية وقيام دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس». وشدد على أن «أكثر ما يعتز به شعبنا متانة الروابط الثقافية والدينية مع الشعب الروسي الشقيق، وما يشهد على ذلك إحياؤنا هذا الشهر للذكرى السنوية 130 لتأسيس الجمعية الامبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، وافتتاحنا العام الماضي مبنى المتحف الروسي في أريحا أقدم المدن». وأبلغ الرئيس الفلسطيني بوتين المضي في المصالحة الفلسطينية قائلاً: «نؤكد أنه إذا تم تحديد موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية ستفتح بوابة المصالحة». وأضاف إن البحث تناول أيضاً «الأوضاع في كثير من الدول العربية التي تواجه ما يسمى بالربيع العربي، وناقشنا تفاصيل هذه الأوضاع كوننا نعرف تماماً أن مثل هذا الوضع يهم روسيا وأيضاً يهمنا كذلك». وتابع عباس: «أكدنا للرئيس بوتين ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام في موسكو كما كان متفقا عليه منذ سنوات». وأضاف أن المحادثات تناولت «جملة من القضايا التي تهم البلدين، وعلى رأسها تطوير العلاقات، والنشاطات الاستيطانية التي تشكل عقبة رئيسية أمام عملية السلام، كذلك طلبنا مساعدة روسيا في إطلاق سراح الأسرى، بخاصة الذين اعتقلوا قبل عام 1994، حيث تم الاتفاق سابقا مع الجانب الإسرائيلي على إطلاقهم ولم يفرج عنهم بعد». وقال الرئيس الروسي «أنا على يقين من أن كل الأعمال الأحادية الجانب تضر بعملية السلام في الشرق الأوسط»، وأضاف إن «مواقفنا من أهم القضايا الإقليمية والدولية متقاربة. تحدثنا عن التغلب على مأزق العملية التفاوضية». وأشاد بما وصفه «المواقف المسؤولة التي تتخذها قيادة السلطة الفلسطينية والرئيس (عباس) شخصياً والساعية للتوصل لحل سلمي بناء على أساس حل الدولتين». وأكد الرئيس الروسي أن «الاجتماع مع الرئيس عباس كان بناء، وتناول الحوار الفلسطيني الإسرائيلي، والشرق الأوسط، ومشاريع الدعم والتعاون في مختلف الميادين». ودعا بوتين الفلسطينيين إلى «الوحدة السياسية على أساس منظمة التحرير. وبالنسبة لنا لا مشكلة لدينا بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، إذ قمنا بذلك منذ 25 عاماً، ولن نغير موقفنا». وشكر بوتين الرئيس عباس «على دعمه المستمر للتواجد الروسي في الأرض المقدسة، وعلى دعمه الفعال في تنفيذ المشاريع بهذا الصدد». وقام بوتين وعباس بعد ذلك بتدشين المركز الثقافي العلمي الروسي في مدينة بيت لحم الذي يهدف إلى تنشيط التبادل الثقافي بين الشعبين الروسي والفلسطيني. وقال مدير المركز سيرجي شابوفافوف ل «الحياة» إن المركز يهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية الفلسطينية- الروسية، موضحاً إن المركز يعنى بتعليم اللغة الروسية والرقص والباليه، واستضافة فنانين روس لتقديم عروض غنائية في بيت لحم. واستهل بوتين، الذي يرافقه وفد ضم عشرات الشخصيات من رجال أعمال وثقافة وإعلاميين، زيارته إلى المدينة بزيارة كنيسة المهد التي شهدت ولادة السيد المسيح عليه السلام. وطلب بوتين أن تكون زيارته للكنيسة بعيدة عن وسائل الإعلام. ونوّه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بزيارة بوتين ووصفها بأنها «بالغة الأهمية لأنها أكدت الموقف الروسي الداعم للقضية الفلسطينية. وقال: «هذه الزيارة تسلط الضوء على القضية الفلسطينية وسط الأزمات الكبيرة التي تعصف بالعالم مثل الربيع العربي وأزمة اليورو وغيرها». كما أشاد سفير فلسطين لدى روسيا فائد مصطفى بزيارة بوتين للأراضي الفلسطينية، حيث «قلد الرئيس الفلسطيني نظيره الروسي أعلى وسام فلسطيني، كما أطلق اسم بوتين على أحد شوارع مدينة بيت لحم الرئيسية».