ليس بمستغرب أن تكون شوكة المنتخب الألماني قاسية على الجميع، وأن يكون «المانشافت» في مقدم المتنافسين فهو ما كان دائماً في تاريخ كرة القدم. استمرت تلك القوة حتى يومنا هذا ولكن التتويج لم يتحقق منذ عام 2008 تحديداً، وهو بداية جيل جديد للألمان ظهر خلاله نجوم كثر، لهم صولات وجولات في الملاعب العالمية. الذي حال ما بين ألمانيا والذهاب في كل الاستحقاقات هو منتخب يلقب ب«الماتادور» واسمه إسبانيا، إذ لا يملك مسيرة تاريخية تذكر، ولكنه يعيش تاريخاً رغيداً، يصنعه تشافي ورفاقه انييستا والونسو وفيا وتورس ومن خلفهم بوسكيتس وبويول وراموس وبيكيه وحامي عرينهم كاسياس. المنتخب الإسباني هو السبب الرئيسي في غياب ألمانيا عن الاحتفال بكؤوس كانت قريبة منهم، لولا مهارة الإسبان التي لم تترك مجالاً لأي منتخب آخر ألمانيا أو غيره. «الماتادور» الإسباني لم يلقِ بالاً لما يسمى ب«المفارقات التاريخية» أو بما يكنى ب«العقدة» أو بأي منتخب يطلق عليه «القوي» أو حتى ذلك «المنظم»، فالمنتخب الإسباني لم يعطِ فرصة لكل العقبات كبيرها وصغيرها فهي في قاموسه لا تستحق التعثر، فما كان له إلا أن يكون البطل على كل المستويات، وكل الأصعدة، وفي كل القارات، وكل الأماكن، وبدأ من عام 2008 وهي بداية ثورتهم انطلقوا وهم يقصون شريط تحدٍ مختلف في تصفيات كأس أوروبا فحققوا الانتصار في مناسبات تسع، وخسروا مرة واحدة على يد أرلندا الشمالية، وتعادلوا في ثلاث، أما على مستوى «يورو2008» فكانت هي الطريق الأهم لصياغة التاريخ الإسباني، إذ خاضوا ست مباريات ما بين المجموعة والأدوار النهائية ففاوزا وتوجوا أبطالاً باللقب للمرة الأولى في تاريخهم، بعد أن تغلبوا على ألمانيا «المنافس الأوحد» لهم في كل البطولات بهدف نظيف بأقدام «النينو» فيرناندو توريس. أما على مستوى العالم فحققوا في تصفيات أوروبا المؤهلة ل«مونديال 2010» 10 انتصارات في 10 مباريات، فهم أصبحوا يتقنون لغة الفوز ببراعة خالصة وبمهارة عالية، أما ملتقى «الأباطرة» وفي جنوب أفريقيا التي ضمت العالم في البطولة الأكبر على مستواها، كانت إسبانيا مرشحة نظراً لقوة أنديتها (برشلونة - ريال مدريد) وصلابة منتخبها المرعب، فنجحت سويسرا في أن تبعث الشكوك لكل أنحاء العالم حول الترشيحات، إذ سجل فوزاً غير متوقع على الإطلاق على حساب إسبانيا في أول المباريات، ولكن في الواقع كان ذلك استفزاز لكبرياء لا يعرف معنى السقوط، فسجل «الماتادرو» بعد ذلك الفوز في كل مبارياته الآتية حتى وصل إلى أن يكون بطل العالم، وفي طريقه للتتويج قابل الألمان مجدداً وأقصاهم برأسية بويول، وفي النهائي تجاوز عقبة هولندا بصعوبة بالغة حينما تفوق بهدف وحيد للنجم «الرسام» أنييستا. ليعود مجدداً للغة الفوز التي لا يعرف سواها، وتحديداً في تصفيات كأس أوروبا 2012، حينما نجح في الفوز في مبارياته الثماني كافة، وبعد وصوله ل«يورو2012» في أوكرانيا وبولندا سجل حتى الآن ثلاثة انتصارات وتعادل في واحد مع المنتخب الإيطالي، إذ سيواجه في نصف النهائي منتخب البرتغال، وترجح التوقعات أن يصل المنتخب الإسباني للنهائي بصحبة منافسه الأول ألمانيا. المنتخب الإسباني، الذي خاض 46 مباراة منذ عام 2008 في البطولات الست، نجح خلالها في الفوز 41 مرة، بينما لم يتذوق طعم الخسارة سوى في 3 مباريات، وتعادل مرة واحدة، وبلغ مهاجموه شباك الخصوم في 105 مناسبات، واستقبل كاسياس 39 هدفاً. في المقابل، يعد المنتخب الألماني هو الأكثر منافساة لإسبانيا، إذ يسجل أرقاماً مميزة جداً ولا ينقصة سوى التتويج، كونه في عام 2008 افتتح مسيرته مقارنة بالإسبان بتميز هو الآخر، إذ كانت تصفيات كأس أوروبا 2008 شاهداً على ذلك عندما فازت 8 مرات وخسرت مرة واحدة وتعادلت في ثلاث، وتأهلت لخوض النهائيات ووصلت إلى النهائي بجانب إسبانيا ولكنها خسرت في النهائي، وكانت قبلها أيضاً تلقت خسارة من كرواتيا، أما في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2010، فحققت ألمانيا 8 انتصارات وتعادلت في مناسبتين ولم تتذوق طعم الخسارة، وحينما حضر الموعد لخوض مباريات البطولة في جنوب أفريقيا خسرت في البداية أمام صربيا ثم توالت انتصاراتها اللافتة، خصوصاً تلك التي قست بها على منتخبي الأرجنتين وإنكلترا في دور ال16 ودر ال8 على التوالي، حينما فازت بأربعة أهداف في كل مباراة، ولكن مسيرتها التي كان يبدو عليها التميز توقفت على يد «ثيران إسبانيا». أما في تصفيات كأس أمم أوروبا 2012 فحصلت ألمانيا على العلامة الكاملة ب30 نقطة من 10 مباريات فازت فيها كلها، وفي «يورو2012» في بولندا وأوكرانيا، وحتى هذا اليوم حققت ألمانيا الفوز في كل مبارياتها الأربع التي نازلت خلالها البرتغال وهولندا والدنمارك واليونان، ويبدو أن «المانشافت» يرغبون هذه المرة في إيقاف زحف إسبانيا لو قابلتها في النهائي، أو التتويج باللقب عن طريق أي منتخب وأية قوة. ألمانيا تميزت في أرقامها عن إسبانيا على رغم عدم تتويجها، إذ شاركت في 6 استحقاقات منذ عام 2008، خاضت خلالها 48 مباراة فازت في 38 منها وتعادلت في خمس مباريات وخسرت مثلها، وسجلت 127 هدفاً، وتلقت شباكها 32 هدفاً. مسيرة إسبانياوألمانيا منذ عام 2008 وحتى 2012 خاض منتخبا إسبانياوألمانيا منذ عام 2008 وحتى هذا اليوم ستة استحقاقات، هي (تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم، وتصفيات كأس أوروبا 2008، ويورو2008، ومونديال 2010، وتصفيات كأس أوروبا2010، ويورو 2012) تقابلا خلالها مرتين، الأولى كانت في «يورو2008» وتحديداً في نهائي البطولة، واستطاعت إسبانيا الفوز بهدف من دون مقابل، والثانية كانت في نصف النهائي لكأس العالم، وفازت إسبانيا بالنتيجة ذاتها.