الاهتمام بالجانب النفسي لدى الإنسان يعتبر من الأساسيات التي لا تحتاج إلى خلاف. الإنسان الذي يتمتع بوعي نفسي جيد تجده يهتم بتغذية المعاني المرتبطة بالجانب الروحاني الذي بسببه يستطيع، بتوفيق الله سبحانه، أن ينقذ نفسه من متغيرات الحياة العنيفة، وظروف الحياة القاسية التي تترك آثاراً في حياة الإنسان، يقول العالم النفسي يونغ: «إن أكثر سبب يجعل للأمراض النفسية مدخلاً إلى الإنسان هو البعد الروحي عن دينه». من أسباب انتشار الأمراض النفسية، وزيادة معدلات الجريمة، غياب المعاملة النفسية المطلوبة والواعية التي تستطيع احتواء المواقف الغريبة والظروف الصعبة.من الواجب أن يكون داخل كل جهة رسمية وغير رسمية قسم خاص يختص بالاستشارات النفسية وفتح الملفات ومتابعة ظروف الموظفين، ومساعدتهم في تجاوز الضغوط المختلفة، سواء مادية، أو ضغوط العمل، أو مشكلات أسرية وغيرها... لأن حياة الإنسان وصحته النفسية تتصدران الأولويات والحفاظ عليها سبب رئيس في العطاء والإنتاجية الذي ينعكس على الجهة التي ينتسب لها وعلى المجتمع كذلك. وهو يعتبر من أقل حقوق الموظفين. وهي عادة حسنة موجودة في الغرب.من المبادرات التي يجب عملها من الجهات المسؤولة فتح استشارات نفسية داخل الأحياء، وتسهيل الوصول لها عبر العالم الإلكتروني، وهو مطلب إنساني وطبي وديني واجتماعي... من أجل الإسهام في تخفيف نسبة ضغوط الحياة التي تعتري الناس، وإرشادهم للأسلوب الطبي الصحيح الذي من خلاله يستطيعون تجاوز الكثير من الأزمات من دون آثار سلبية تسكن النفوس.إن تعزيز معاني التفاؤل داخل النفوس، وتطوير آلية العلاقات الاجتماعية، وتعزيز معاني الأخلاق الاجتماعية، وتشجيع المواهب والاعتراف بها ودعمها بشكل عادل من دون تمايز يسهم في توسيع معاني الحصانة النفسية من السلبيات، وضياع الطاقات واستغلال المواهب والقدرات الشابة وغيرها التي تنعكس على الواقع الاجتماعي. من الملاحظ أن العيادات النفسية لدينا محدودة ومعظمها خاص وربحي، والغالب من المرضى وأسرهم غير قادرين على ذلك بحكم الإرهاق المادي، وكذلك البُعد الجغرافي، وقلة توفرها في كثير من المدن والقرى. من الأشياء التي تعتبر إيجابية وملاحظة في السنوات الأخيرة الاعتراف بالمرض النفسي داخل المجتمع، وجُرأة الكثير من الناس على مراجعة العيادات النفسية، والتعامل معها بشكل طبيعي جداً، بعيداً كل البعد من التحفظات السلبية، في السابق كانت هناك صور مرسومة في الأذهان بالشكل الخاطئ، أعتقد استشارة الأطباء النفسيين والتواصل معهم من أجل الاستنارة وتصحيح المفاهيم الخاطئة الموروثة، والاستبصار بهم من أجل الخروج من الأزمات الباقية في النفس، ينم عن وعي ونضج، وهو معنى من معاني الشكر لله على نعمة النفس العظيمة التي تحتاج حصانة واهتماماً، وهي لا تقل أهمية عن موضوع الاهتمام الجسدي، لأن الجانب النفسي يفوق الجانب الجسدي، وهو العلاج الأساسي له، وعلماء الطب يؤكدون أن 90 في المئة من الأمراض العضوية أسبابها نفسية. ومن الإيجابيات الملاحظة كذلك خفة حدة الصراع الحاصل بين مدرسة الطب النفسي الحديثة ومدرسة الطب الشعبي. * كاتب سعودي. [email protected]