واشنطن - رويترز - مع تزايد الأدلة على وجود قوى إسلامية متشددة في صفوف المعارضة السورية يزداد قلق المسؤولين الأوروبيين من احتمال سقوط أسلحة متطورة في أيدي الجماعات المتمردة التي قد تمثل خطورة على المصالح الغربية بما في ذلك تنظيم «القاعدة». ويعتقد خبراء استخبارات أن مئات إن لم يكن آلاف من هذه الأسلحة سرقت من ترسانات معمر القذافي وتباع في السوق السوداء بالشرق الأوسط. وأعرب مسؤولون أميركيون وأوروبيون ودول حليفة عن هذا القلق لكنهم قالوا إنه ليست لديهم أدلة على أن مقاتلي المعارضة السورية حصلوا على صواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف. ولا تشعر الولاياتالمتحدة بالقلق في شأن الأسلحة وحسب وإنما الجهات التي ستتلقى هذه الأسلحة. وتشير مصادر رفيعة المستوى في عدد من أجهزة الاستخبارات الوطنية إلى تزايد الأدلة على أن إسلاميين متشددين منهم تنظيم «القاعدة» والجماعات التابعة له وغيرها من الجماعات السنية المتشددة وحدوا صفوفهم مع معارضي حكومة الرئيس بشار الأسد. وقال بروس ريدل الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) الذي كان مستشاراً للرئيس باراك أوباما في مجال مكافحة الإرهاب إن تنظيم «القاعدة» وغيره من المتشددين «منخرطون بعمق» مع القوات المناهضة للأسد. وأشار إلى تصريحات شخصيات كبيرة بتنظيم «القاعدة» منها زعيم التنظيم أيمن الظواهري الذي حض مقاتلي المعارضة السورية من السنة على قتل من ينتمون إلى الأقلية العلوية التي ينتمي إليها أيضاً الأسد. وقال مصدر حكومي غربي إن «جماعة النصرة» المرتبطة بجناح تنظيم «القاعدة» في العراق مسؤولة على الأقل عن بعض الأعمال الوحشية التي وقعت في سورية. وأضاف المصدر أن الجماعة أكدت علناً دورها في عمليات القتل. ولعل المخاوف من أن تصل أسلحة متطورة إلى جهة غير موثوقة من مقاتلي المعارضة السورية أحد الأسباب في حذر واشنطن من تعميق التدخل الأميركي في القتال. وقال مسؤول أميركي: «هذا منطقي لأنه إذا كانت هناك أي دولة في الشرق الأوسط تبحث في تقديم أسلحة للمعارضة السورية فإنها ستتبنى نهجاً مدروساً وتفكر مرتين قبل تقديم أسلحة يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة». غير أن مسؤولي الولاياتالمتحدة وحلفاءها يقولون إن نظراءهم في دول خليجية بحثوا كيف يمكن أن يستخدم معارضو الأسد الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف لإسقاط الطائرات الهليكوبتر التي يستخدمها الجيش السوري لإعادة نشر قواته بسرعة بين مناطق الاضطرابات. لكن هذه الصواريخ يمكن استخدامها ضد أهداف أخرى منها الطائرات المدنية وهو أحد أسباب مخاوف الولاياتالمتحدة والحلفاء. وبعدما غزا الاتحاد السوفياتي أفغانستان وفرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) صواريخ ستينغر التي تطلق من على الكتف للمقاتلين الإسلاميين الذين كانوا يسعون لإخراج القوات السوفياتية. ولعبت الصواريخ دوراً مهما في هزيمة السوفيات في أفغانستان لكنها أصبحت أيضاً مصدر إزعاج لوكالات مكافحة الإرهاب الأميركية والغربية حين تحول المقاتلون المناهضون للسوفيات إلى فصائل مسلحة مناهضة للغرب بما في ذلك تنظيم «القاعدة». ويعترف مسؤولون أميركيون ومن دول حليفة أن من يمد مقاتلي المعارضة السورية بالأسلحة حرصوا على أن الأسلحة التي وصلت المعارضين حتى الآن غير متطورة. وقال مصدر من حكومة حليفة إن من الواضح أن أثرياء من قطر والسعودية يساعدون في تمويل الجماعات المناهضة للأسد. وتنادي السعودية بإسقاط الأسد. وفي وقت سابق من العام الحالي قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أمام مؤتمر دولي إن نظام الأسد فقد شرعيته وأصبح مثل سلطة احتلال مضيفاً أنه لا يوجد مخرج من الأزمة سوى نقل السلطة إما سلمياً وإما بالقوة. ويحض أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الأميركي على زيادة كبيرة في المساعدات الأميركية لمعارضي الأسد ويشمل هذا إرسال أسلحة وربما تدخل عسكري أميركي محتمل. وخلال مؤتمر استضافه موقع بلومبرغ غوفرنمنت الإلكتروني الخميس قال السناتور جون مكين إن سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما الحذرة في ما يتعلق بمقاتلي المعارضة السورية «مخزية» وحض على زيادة ملموسة في التدخل الأميركي. وقال مكين: «ماذا نفعل إذن؟ أولاً ندافع عنهم. ثانياً نعطيهم أسلحة. ثالثاً ننشئ ملاذاً مع حلفائنا من دون أن نرسل جنوداً ونستخدم قوتنا وقوة حلفائنا الجوية لحماية تلك المنطقة ونساعد هؤلاء الناس في قتال عادل». غير أنه في المؤتمر نفسه حذر مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب قائلاً: «لسنا في وضع جيد اليوم لتحديد هوية كل الجماعات وكل الفصائل ومن الذي سيفوز بهذا القتال على القيادة». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الخميس إن عدداً صغيراً من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية أرسل إلى جنوب تركيا لمساعدة حلفاء الولاياتالمتحدة في تحديد أي عناصر المعارضة السورية هي التي يجب أن تتسلم الأسلحة. ومفهوم أن الولاياتالمتحدة تمد معارضي الأسد بمساعدات غير فتاكة مثل التمويل وأجهزة الاتصال وربما يشمل هذا معدات مراقبة. وقالت «التايمز» إن إدارة أوباما أحجمت عن إمداد مقاتلي المعارضة بمعلومات استخبارية مثل الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية في شأن أنشطة قوات الأسد. وحذر ريدل من أن السلطات القطرية ربما لا تكون انتقائية في شأن نوعية مقاتلي المعارضة التي تريد إمدادها بالأسلحة غير أنها ستحاول تجنب وصولها لتنظيم القاعدة في شكل مباشر.