ا ف ب - ينظر إلى مباراة ألمانيا واليونان في ربع نهائي كأس أوروبا 2012 لكرة القدم اليوم الجمعة على أنها لقاء بين أغنياء شمال أوروبا وفقراء جنوبها، وسط الأزمة التي تعصف بمنطقة اليورو. النمو، الدين، مستوى المعيشة، البطالة... كلها مجالات تضع ألمانيا على طرف نقيض مع اليونان الغارقة في أزمة تاريخية. العملاق و«الابهام الصغير» تضم ألمانيا التعداد الأكبر للسكان في أوروبا مع 81،8 مليون نسمة، أي نحو ثمان مرات أكثر من اليونان التي يقطن فيها 10،8 ملايين نسمة. وتسهم ألمانيا وحدها بنحو 27 في المئة من الناتج المحلي في منطقة اليورو، في مقابل أقل من ثلاثة في المئة لليونان. النمو الألماني والركود اليوناني تساهم أزمة اليورو في زيادة الهوة بين ألمانيا واليونان، إذ مثلت الأخيرة شرارة أزمة الدين في أوروبا، واستمر حجم اقتصادها في التقلص العام الماضي للسنة الخامسة على التوالي، بسبب شروط مالية صارمة فرضها عليها شركاؤها والمانحون، وفي مقدمهم ألمانيا، مقابل إنقاذها من الإفلاس المالي. وتراجع الناتج المحلي اليوناني 6،8 في المئة عام 2011، بينما عرفت ألمانيا نمواً في الناتج المحلي بنسبة ثلاثة في المئة، وهو من الأعلى في الاتحاد الأوروبي. مستوى المعيشة مرتفع في ألمانيا ومنخفض في اليونان ويعد مستوى المعيشة في اليونان أقل بنحو 20 في المئة من المعدل في الاتحاد الأوروبي، بينما يعد المستوى في ألمانيا أعلى ب20 في المئة من المعدل الأوروبي، وفق الأرقام الإحصائية الأوروبية التي أعلنت أول من أمس (الأربعاء)، وتقع اليونان بين سلوفينيا وتشيخيا وفق دخل الفرد من الناتج المحلي، بينما ترتقي ألمانيا الى مراتب عليا في التصنيف، بين بلجيكا والدنمارك. ممول أول أوروبياً مقابل دولة مفلسة ويتوقع أن يبلغ حجم الدين اليوناني145،5 في المئة من الناتج المحلي في 2012، بعد الغاء 107 مليارات يورو من مستحقاتها للدائنين من القطاع الخاص. ومع أن البلاد بذلت جهداً كبيراً للحد من عجز الموازنة في 2010، لكن منذ ذلك الحين - ورغم سياسة التقشف التي تتبعها - لم تنجح في الوصول إلى أهدافها بسبب استمرار الركود الاقتصادي. في المقابل، تمكنت ألمانيا مدفوعة بنموها الاقتصادي المريح، من حصر عجزها العام في حدود واحد في المئة من الناتج المحلي في 2011، أي أقل من مستوى ثلاثة في المئة الذي حددته معاهدة ماستريخت. وجعلت قدرتها الاقتصادية منها المسهم الأول في الموارد المخصصة لإنقاذ الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية. فرص عمل في ألمانيا، بطالة في اليونان وصلت ألمانيا حالياً إلى مستوى شبه كامل من التوظيف بنتيجة نموها الاقتصادي وإصلاح سوق العمل وانخفاض عدد السكان، علماً بأنها عانت من البطالة قبل أعوام قليلة، لكن نسبتها الحالية انخفضت الى 6،7 في المئة فقط. أما في اليونان فانفجرت نسبة البطالة بسبب الركود الاقتصادي لتصل إلى22،6 في المئة في الفصل الأول من عام 2012، كما أن نصف من هم دون 25 سنة من العمر عاطلون عن العمل، علماً بأن أعداد المهاجرين منهم في ازدياد، سعياً إلى البحث عن حظوظ خارج بلادهم، لا سيما في ألمانيا.