أدّت أزمة الاقتصاد العالمي المستمرة منذ العام 2008، إلى إثارة أسئلة عميقة عن طبيعة ذلك الإقتصاد وآلياته ونُظُمة ونماذجه وفعاليته وغيرها. وعاد نشطاء البيئة للتشديد على أهمية «الاقتصاد الأخضر» Green Economy، الذي يدعو للإنتقال من الاقتصاد التقليدي المرتكز على الإستهلاك، إلى اقتصاد يراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية ولا يستنزف الموارد الطبيعية. ويحافظ هذا الاقتصاد على رأس المال الطبيعي، ويدفع بالتنمية المستدامة، ويضع القضاء على الفقر في رأس أولوياته، إضافة إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة وإعادة تأهيل الغابات والتربة، والاهتمام بإدارة المخلّفات، والاهتمام بسياحة البيئة، والزراعة المستدامة. وفي «قمة ريو + 20»، نوقشت العلاقة بين الاقتصاد الأخضر من جهة، والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وإطار المؤسساتي، وهي أمور لا تتعارض مع بعضها بعضاً. ثمة أسئلة مقلقة عن العلاقة بين الدول الغنية والفقيرة، وآثارها على التعاون الدولي. هل تستطيع الدول النامية التي تفتقر إلى المال والتكنولوجيا أن تتفاعل مع متطلّبات الاقتصاد الأخضر من جهة، والضرورات التي تفرضها عملية التنمية من جهة ثانية؟ وفي هذا الصدد، صدر تقرير عن «برنامج الأممالمتحدة للبيئة» عنوانه «نحو اقتصاد أخضر: مسارات إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر»، وطالب بنظام «لا يكون أساسه الثراء المادي بأي وسيلة، بل يدمج الثراء بتخفيض المخاطر على البيئة ومراعاة التفاوت الإجتماعي وحساسية المصادر الأساسية في الطبيعة». بقول آخر، ينادي التقرير بإعادة تعريف حال الثراء عبر مفهوم ينأى به عن مركزية الاستهلاك من جهة، ويعزز ميله الى التوافق مع البيئة في بعديها الاجتماعي والإيكولوجي من جهة ثانية. ويدعو التقرير في شكل أساسي إلى استثمار 2 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي، بهدف إحداث إنتقال في عشرة قطاعات اقتصادية أساسية صوب الاقتصاد الأخضر وإطلاق رؤوس الأموال العامة والخاصة في مسار من تخفيض استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون، والاستخدام الكفيّ للموارد الطبيعية. وبحسب التقرير، تتمثّل هذه القطاعات في الزراعة والمباني والطاقة والغابات والصناعة والسياحة والنقل والمياه وإدارة النفايات ومصائد الأسماك.