أربع وستون صورة ملوّنة، كفيلة بنقل يوميات اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات الى أذهان ومخيلات زائري معرض «لحظة» الفوتوغرافي الذي افتتح في حديقة اليسوعية في المكتبة العامة (الجعيتاوي بيروت)، بالتعاون مع وزارة الثقافة واحتفالية «بيروت عاصمة عالمية للكتاب». كل صورة هي مثابة فيلم سينمائي، تحكي الألم والمعاناة في مناطق تفتقد الى أبسط مقومات العيش. صور تُجمّل البؤس وتمنحه نفحة من الأمل. مشاهد تنبض بالحياة، التقطها أطفال من المخيمات الفلسطينية في لبنان، ضمن مشروع شرعت في تنفيذه جمعية مهرجان الصورة «ذاكرة» منذ سنتين، بعدما درّبت حوالى 500 طفل دون ال12 من عمرهم على كيفية التصوير، وسلمتهم كاميرات لالتقاط ما يحلو لكل منهم من صور تحيط ببيته وأهله ومجتمعه. هي صور تلملم من يوميات الناس لحظات عفوية حيّة، فتُصبح أيقونات برَهن العدالة والإنسانية. بين لقطات القراءة على الحشيش اليابس وتحت أسقف مصنوعة من صفائح التنك، واللعب في زاوية صغيرة تحت الدرج، والاختباء خلف الباب المدروز بالرصاص، وبركة المياه الملوّثة حيث يسبح المراهقون الشباب، وشارة النصر ترفعها طفلة خلف علم بلادها المحتلة منذ 1948، لا يمكن تحديد ما يفكر به كل زائر. لكن على الأرجح أن كل منا شعر ولو لبرهة، بحياء وتأنيب ضمير لما نراه وندركه من ظلم يقع على هؤلاء، من دون أن ينبس ببنت شفة. توثّق الصور المعروضة والمنتقاة من بين 13500 صورة، يوميات الأطفال البائسة والحزينة ونمط حياتهم الفقيرة داخل المخيمات. لكن بعضاً منها يعكس فسحات من الأمل، ولحظات فرح ولعب ومرح لا بدّ منها لجيل ينمو مصرّاً على العودة الى بلاده المغتصبة. وتنمّ كل لقطة عن ذكاء وفهم لأبعاد الصورة وخلفياتها ومدى تعبيرها عما يجول في خواطر الأطفال. ويمكن للزائر الاحتفاظ بهذه الصور التي صدرت في كتاب عن دار «أمار» للنشر، يعود ريعه لتمويل نشاطات جمعية مهرجان الصورة «ذاكرة». وتأخذ هذه الجمعية على عاتقها نشر ثقافة الصورة التي تغني الواحدة منها عن مئة كلمة، فتنظّم على مدى سنة كاملة خمسة ورش عمل لتعليم مراهقين بين 13 و18 سنة في بيروت وصيدا وصور وطرابلس وبعلبك، كيفية التصوير واستعمال الكاميرا. وتهدف هذه الورش التي يديرها متخصّصون في مجال التصوير الفوتوغرافي، وتتوجّه الى أبناء المخيمات الفلسطينية واللبنانيين القاطنين حولها، إلى تعميق الحوار بين المراهقين اللبنانيين والفلسطينيين.