رويترز - تسبب قرار حل البرلمان المصري في انزعاج المستثمرين الذين يخشون من أن تنزلق مصر بسرعة صوب أزمة في ميزان المدفوعات وانهيار عملتها. وعلى مدى 16 شهراً ثبت النمو في مصر عند مستوى متدنٍ وتقلص احتياط البلاد من النقد الأجنبي إلى النصف، ما أضعف قيمة الجنيه المصري وأربك الدائنين الخارجيين الذين يستحق لهم ستة بلايين دولار على مدى الأشهر ال 12 المقبلة وفق بيانات «بنك أوف أميركا ميريل لينش». وكان أصحاب الاستثمارات المحتملة يتطلعون إلى انتخابات الرئاسة للخروج من المأزق السياسي وتمهيد الطريق أمام المساعدات والتمويل. إلا أنهم فوجئوا بقرار المحكمة الدستورية العليا حل البرلمان والإبقاء على أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، في سباق الرئاسة. وتسببت التوترات السياسية في تأخير المساعدات من «صندوق النقد الدولي» وإبعاد المستثمرين الأجانب وضعف حركة السياحة. في الوقت نفسه تضخم العجز في ميزان المدفوعات المصري إلى 11 بليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2011-2012 أي أكثر من مثلي مستوياته في العام الماضي. المحكمة الدستورية وقال خبير اقتصاد الشرق الاوسط لدى «بنك أوف أميركا ميريل لينش»، جان ميشيل صليبا «من الصعب توقع أن يتشكل توافق سياسي، وفي غيابه من الصعب توقع كيف يمكن الحصول على دعم لسد الحاجات المالية الخارجية». وأدت قرارات المحكمة الدستورية العليا إلى ارتفاع كلفة التأمين على ديون مصر إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات. وخفضت وكالة «فيتش» تصنيفها للديون السيادية المصرية درجة أخرى وأبرزت احتمالات اتخاذ قرارات أخرى مماثلة خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً. وقال رئيس قسم تحليلات الديون السيادية للشرق الأوسط وأفريقيا فيها، ريتشارد فوكس «أياً كانت النتيجة النهائية للأحداث في مصر، فإن العملية السياسية ووضع السياسات تعقدت ما يرجئ التطبيق المحتمل لإصلاحات الاقتصاد الكلي الشاملة والإصلاحات الهيكلية الضرورية لدفع الانتعاش وتخفيف الضغوط التمويلية». لكن غالبية الأجانب خرجوا بالفعل من السوق المصرية، ويقدّر صليبا أن ما يملكه غير المقيمين من أذون الخزانة المحلية انخفض الى 300 مليون دولار من أكثر من عشرة بلايين في كانون الأول (ديسمبر) عام 2010 كما أنه يقدر تعرّض الأجانب بصفة عامة في سوق الأسهم بمبلغ ثلاثة بلايين دولار. ويؤكد مدير المحافظ لدى «راو برايس»، أوليفر بيل، انه لم يمتلك أي أسهم مصرية منذ بداية عام 2011. ويقول: «كان الناس يأملون أن تسفر الانتخابات الرئاسية، بغض النظر عمّن يفوز فيها، عن زعيم يستطيع صندوق النقد الدولي أن يتحدث معه، والآن فإن كل ما حدث يؤخر بدء عودة الاستثمار الأجنبي الحقيقي للبلاد». يذكر ان الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع إلى العشر عما كان عليه قبل سنة وفق بيانات حديثة. وبالنسبة إلى المستثمرين في الأسهم والسندات، فإن قدراً كبيراً من الخوف يرتبط بالعملة، فأسواق المعاملات الآجلة تتوقع خفضاً بنسبة 30 في المئة في قيمة الجنيه المصري خلال السنة المقبلة مع بلوغ الاحتياط أدنى مستوى ممكن له. احتياط النقد وباستبعاد الذهب يزيد الاحتياط قليلاً على 12 بليون دولار، أي ما يغطي الواردات لفترة ثلاثة أشهر فقط. وعلى رغم أن دولاً خليجية عرضت بعض المساعدات منها إيداع السعودية بليون دولار لدى المصرف المركزي فإن المستثمرين يرون إن أثر هذا الدعم قد يكون موقتاً. ويتوقع بيل ان «يحدث شكل من أشكال خفض قيمة العملة فالدفاع عنها يزداد صعوبة، وإذا انخفضت سوق الأسهم وتراجعت قيمة العملة فسيكون الأثر شديداً». وقد لا تكون اللحظة الحاسمة في الأزمة بعيدة، إذ سيكون على مصر في تموز (يوليو) أن تسدد سندات ببليون دولار، وديوناً لدول نادي باريس للحكومات الدائنة بقيمة 700 مليون دولار. ويوضح مدير المحافظ لدى «أفيفا انفستورز»، كيران كيرتس، الذي يمتلك سندات مصرية سيستحق أجلها في تموز، أن من المستبعد أن تتخلف مصر عن التسديد. لكنه سعى للتحوط من تعرّض استثماراته للجنيه المصري لأن شروط السندات تنص على أن التسديد قائم على سعر الصرف. وقال «لأن قيمة المدفوعات مرتبطة بالجنيه، فإغراء خفض قيمة العملة قوي».