أعجبني جداً جداً ما فعله الرجل الأردني الذي قرر تقديم اعتذاره لزوجته علناً وأمام مكان عمل الزوجة الغاضبة التي تعمل مضيفة طيران، والتي طلبت منه الطلاق لسوء معاملته لها وعدم تقديره لكل جهودها في إنجاح العلاقة الزوجية. الذي أعجبني أن الرجل لم يجد غضاضة في الاعتذار عن الأخطاء التي بدرت منه خلال سنوات الزواج، والذي تولدت القناعة داخله بسبب أنه أخطأ في حقها علناً أمام أسرتيهما وأمام بعض أصدقائهما، ولذلك استوجب أن يكون الاعتذار علنياً يرضي نفسها ويريح خاطرها المكسور، وحتى تعتبر بداية جديدة. الجميل في الموضوع أن الزوجة أفادت على رغم تأثرها الواضح: «ليته فعل ذلك قبل أن أتخذ قرار الانفصال»، وعندما سألها المصور عن رد فعلها أفادت بأنها تحتاج إلى وقت لتفكر وهذا حقها، لأن الاعتذار المتأخر على رغم إيجابياته الكثيرة «أتى متأخراً بعدما استقر الألم داخلها وبدأت في التفكير في قرار يوقف هذا النزيف المستمر». طبعاً هذه ليست الحالة الأولى في فنون الاعتذار العلني الجميل الذي أقدره كثيراً وأحترم صاحبه، ففي مصر أقام رجل مصري «حفلة موسيقية صغيرة» تحت منزل أهل الزوجة، وصاحبته فرقة موسيقية «زفته» حتى منزل أهل الزوجة، التي فتحت له الباب باكية واكتفت بالقول: «كان يكفي جداً كلمة آسف حتى ولو بيني وبينك»، ثم أجهشت بالبكاء على كتف زوجها الذي لم يقلل من قيمته أبداً اعتذاره العلني، لأنه أخطأ بشكل علني في حقها. أؤمن دائماً بأن الأخطاء والتجريح واردان وطبيعة من طبيعة خلق البشر، فالإنسان حين يخطئ قد يقوم ببعض التصرفات غير اللائقة، وقد يتفوّه بعبارات غير لائقة هدفها جرح الطرف الآخر، وحتى يندمل الجرح لا بد أن يكون الاعتذار وطريقته أكبر من الجرح حتى يغطيه ويتغلب عليه، لأن طبيعة البشر «كما أؤمن وأعتقد» تحب الهروب من الألم وتنتظر الاعتذار الحقيقي الصادق، وعندها سُيمحى الموقف من الذاكرة وللأبد. بعض التعليقات التي قرأتها خلف الخبر مستفزة للغاية، لأنها تترجم أسلوب الكبر والاستخفاف بمشاعر الآخرين، وترى أن الاعتذار العلني نقص في الرجولة وإهدار للكرامة، على رغم أنه قوة في الشخصية وقوة في الرجولة. لا يفوتني أن أشكر من بدأه في عالمنا العربي وهو الرجل الثاني، وأنتظر أن أسمع اعتذاراً مشابهاً غير الكلمة المعروفة التي لا توحي بأي معنى ولا تترجم أي ندم ولا تحمل أي وعود مستقبلية صادقة، وهي كلمة معروفة ومستخدمة بكثرة «يلا عاد»! [email protected]