عادت الانتقادات الحادة للمجلس العسكري الحاكم في مصر بعد حكمي المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان وعدم دستورية قانون «العزل السياسي»، ما يعني بقاء آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الفريق أحمد شفيق في سباق الرئاسة في مواجهة مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي في جولة حاسمة اليوم وغداً. وبدا أن ميادين مصر تنتظر نتيجة هذه الانتخابات لتنتفض من جديد أو تهدأ موقتاً، إذ توعدت غالبية قوى الثورة العسكر ب «ثورة ثانية» في حال نجاح شفيق الذي يحملونه المسؤولية عن «موقعة الجمل» التي راح ضحيتها أكثر من 10 شهداء ومئات المصابين إبان «ثورة 25 يناير» خلال رئاسته للحكومة، فيما بات مرسي الذي ترفضه أيضاً قوى شبابية ثورية «خيار الأمر الواقع» لمن يعتبرون نجاح شفيق عودة لنظام مبارك. وتظاهر أمس مئات المحتجين في ميدان التحرير ضد خوض شفيق انتخابات الرئاسة وللمطالبة بعزله وكل رموز نظام مبارك، لكن الميدان ظل هادئاً طوال ساعات النهار بانتظار مسيرات دعت إليها «حركة 6 أبريل» احتجاجاً على قرارات متتابعة رأت فيها «انقلاباً عسكرياً ناعماً على الثورة»، ومنها إضافة إلى حل البرلمان وإبقاء شفيق في سباق الرئاسة، قرار وزير العدل منح عناصر الاستخبارات الحربية والشرطة العسكرية سلطة اعتقال المدنيين وإحالتهم على المحاكمة، وهي الصلاحيات التي بدأت قوات الشرطة العسكرية في تنفيذها بالفعل، عبر أكمنة عدة نصبتها في محافظات مختلفة لتفتيش المارة والسيارات في مشهد غريب لم يعهده الشارع المصري إلا في أوج اشتعال الثورة بعد اختفاء الشرطة المدنية تماماً من الشارع واستفحال الفراغ الأمني في البلاد، لكن حينها كان شعار «الجيش والشعب أيد واحدة» يحكم العلاقة بين الطرفين. وردد المتظاهرون في ميدان التحرير أمس هتافات ضد المجلس العسكري ورئيسه المشير حسين طنطاوي وشفيق، منها «يسقط يسقط حكم العسكر» و «الشعب يريد إسقاط المشير» و «الشعب يريد إسقاط النظام» و «الفلول بيهيس (يُخرّف) عاوز يبقى الرئيس»، في إشارة إلى شفيق، و «ثورة ثورة حتى النصر، ثورة في كل شوارع مصر». ورفعوا صوراً لشفيق كتب عليها «فلول» وعليها علامة (x) ولافتات كُتب عليها «الثورة المصرية توفيت إلى رحمة الله تعالى». وصعدت جماعة «الإخوان» من لهجتها في أعقاب حل البرلمان الذي تمتعت بالأكثرية فيه. وهددت بتنظيم تظاهرات حاشدة في حال نجاح شفيق، معتبرة أن فوز مرسي أمر طبيعي، وعكس ذلك سيكون تزويراً لإرادة الناخبين. وقال القيادي في الجماعة رئيس كتلتها في البرلمان المنحل حسين ابراهيم، إن «نجاح شفيق يعني اندلاع ثورة ثانية سنشارك فيها بالملايين، ولن نبرح الميادين حتى نسقط نظام مبارك كله... هذه المرة ستكون ثورة ضد كل من ينتمي إلى النظام السابق وليس رأسه فقط». واعتبرت الجماعة في بيان رسمي أن حكمي «الدستورية العليا» و «عسكرة الدولة» عبر قرار وزير العدل منح الجيش سلطة الضبط القضائي للمدنيين، «انقلاب على الثورة». وقالت: «إننا مقبلون على أيام عصيبة، لعلها تكون أخطر من الأيام الأخيرة في حكم مبارك... كل مكاسب الثورة الديموقراطية يتم تبديدها والانقلاب عليها بتسليم السلطة لأحد أبرز رموز العهد البائد». وحذرت قوى التيار الإسلامي من «ثورة غضب جديدة» في حال عودة النظام السابق إلى الحكم ممثلاً في شفيق. وأطلق قياديون في «الجماعة الإسلامية» وحزب «النور» السلفي تصريحات مفادها أن فوز شفيق سيُقابل بتظاهرات حاشدة لن تنتهي إلا بإسقاط النظام. الموقف ذاته اتخذته قوى ثورية شبابية لطالما رفضت كلا المرشحين، لكنها رأت في شفيق «انقلاباً على الثورة». واعتبر مؤسس «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر في بيان، أن قرار وزير العدل ثم حكمي المحكمة الدستورية «انقلاب عسكري ناعم على الثورة». وقال إن «العسكر يخططون للبقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة بهدف حماية مصالحهم واقتصادهم الخاص... النظام القديم المتمثل فى شبكة رجال أعمال، إضافة إلى المجلس العسكري يستعد للعودة بقوة واستعادة حكم مصر في شكل صريح، وشفيق هو الرجل المنتظر الذى سيعيد إمبراطورية الحزب الوطني الفاسد والنظام العسكري على جثث شهداء الثورة». كما اقترح الناشط اليساري الشاب علاء عبدالفتاح النزول إلى الميادين مجدداً «لتشكيل مجلس رئاسي ينتزع السلطة من المجلس العسكري، والقيام بثورة ثانية لا تبارح فيها الجماهير الشوارع حتى يسقط حكم العسكر».