أدرجت الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً، الاستثمار في المشاريع السكنية ضمن أولوياتها، بهدف تأمين المساكن لمواطنيها، في ظل ارتفاع نسب المواطنين غير المالكين نتيجة ارتفاع الأسعار وندرة المعروض وشح التمويل والوسائل الضرورية لامتلاك عقاراتهم. ولاحظ تقرير أسبوعي ل «المزايا القابضة»، أن ارتفاع نسب البطالة بين الشباب وتوسع الفجوة بين قدرتهم الشرائية وأسعار العقارات السكنية من جهة، واستمرار الزيادة في الإيجارات، عوامل «أوجدت الحاجة إلى إيجاد بدائل مناسبة لإسكان الشباب». وقدّرت الغرفة التجارية في جدة، ارتفاع الإيجارات في الوحدات السكنية خلال العامين الماضيين إلى «مئة في المئة في بعض مناطق محافظة جدة بسبب ندرة الوحدات السكنية». وتسجل الرياض، التي تعد من أسرع المدن نمواً في عدد السكان، نقصاً حاداً في العقارات المتاحة للسعوديين خصوصاً الشباب، في ظل ارتفاع الأسعار وشح التمويل، فضلاً عن ضعف العرض من الوحدات السكنية. وأدى ذلك إلى ضغط على المشاريع السكنية الحكومية، لذا جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوجه ببناء نحو نصف مليون وحدة سكنية. ورأى مراقبون، أن المملكة العربية السعودية «تحتاج إلى بناء نحو 275 ألف منزل جديد سنوياً على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتلبية الطلب على المساكن، والمقدّر بنحو 1.65 مليون مسكن». وكان خادم الحرمين وجه برفع قروض صندوق التنمية العقارية إلى 500 ألف ريال من 300 ألف، كما أمر بتخصيص 250 بليون ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية. ويتركز معظم الطلب على العقارات بين محدودي ومتوسطي الدخل، والعاجزين برواتبهم الصغيرة عن التأهل للحصول على قروض مصرفية لشراء المنازل، وهم ينفقون جزءاً كبيراً من الدخل على الإيجارات المتوقع ارتفاعها بين 7 و10 في المئة. وفي الإمارات، كشفت وزارة الأشغال العامة، عن «رصد 500 مليون درهم لمشاريع الإسكان في الدولة لهذه السنة»، ضمن مبادرات رئيس الدولة، كما ستُرفع توصيات لاعتماد مبالغ أخرى في حال تبين وجود حاجة إلى موازنة جديدة لتنفيذ أكبر عدد من المساكن الحكومية. وأوضحت أن «المشكلة المتعلقة بالإسكان تتمثل في تأمين قطع الأرض من الحكومات المحلية الخاصة بالبناء، التي اعتمدت قطع ارض كانت تراها صالحة للبناء، وتبين أنها لا تكفي للمجمعات السكنية التي اعتمدتها وزارة الأشغال. ولاحظ تقرير «المزايا»، أن مشكلة إسكان المواطنين لا تقتصر على بلد في المنطقة، بل هي مسألة رائجة وعامة، إذ أعلنت وزارة الإسكان الكويتية، أن «عدد الوحدات السكنية التي ستُبنى في المدن الجديدة مثل الخيران والمطلاع والدائري السابع ومناطق أخرى، سيصل إلى مئة ألف، ستغطي الطلبات السكنية البالغة 90 ألفاً». وأوضح التقرير، أن «عدم توافر الأراضي هي مسألة مزمنة ولها أبعاد متشعبة في الدول الخليجية خصوصاً في السعودية، مع بقاء أزمة ما يسمى بالمساهمات العقارية المتعثرة في انتظار الحل»، في وقت أعلنت السلطات السعودية، «الانتهاء من قسم كبيرة من إشكالات المساهمات العقارية قريباً، بعد صدور قرار بتفريغ القضاة لهذه المساهمات لسرعة إنجازها وتسويتها». المتاجرة بالأراضي ورصد التقرير حاجة لدى الدول العربية والخليجية إلى «الاستفادة من الأراضي المعطلة في المدن وفي محيطها، والتي سيكون لها دور في حل مشكلة شح الأراضي، حيث يحتفظ المالكون الكبار بالأراضي لغايات المتاجرة بها من دون تطويرها، بهدف رفع أسعارها لاحقاً. وأفضى ارتفاع أسعار الأراضي إلى سوق عقارية يهدف المضاربون من خلالها إلى إعادة بيع الأراضي لتحقيق ربح سريع، وعلى النقيض يكلف تطوير الأراضي مبالغ ضخمة ويستغرق وقتاً أطول قبل التمكن من تحقيق أرباح». وأعلن أن السلطات في المنطقة «تسعى إلى تشجيع القطاع الخاص بتطوير مزيد من العقارات السكنية، لذا بدأت تأمين القروض السكنية والتمويل اللازم. وكان صندوق التنمية العقارية في السعودية أشار الى أنه في إطار المراحل النهائية من المفاوضات مع وزارة المال والمصارف المحلية لتسهيل عملية القرض المعجل، إذ يُتوقع صرف 50 ألف قرض إلى 60 ألفاً سنوياً، ما يقلص فترة الانتظار، التي يمكن أن تمتد عشر سنوات في خطط الصندوق». وأشار إلى أن «العشوائيات في المدن الكبرى كما في القاهرة ودمشق وغيرهما، تضغط على صانع القرار، نظراً إلى أهميتها الاستراتيجية والأمنية والديموغرافية». وتطرّق التقرير، إلى مسألة البطالة في الوطن العربي التي «تُعد أيضاً أزمة مزمنة في ظل عدم ملاءمة الاختصاصات التعليمية مع سوق العمل، بالتالي يصبح العاطلون من العمل عبئاً على الدول، إذ شكلت البطالة أحد الأسباب الرئيسة ل «الربيع العربي»، وفق تقرير لشركة «بوز اند كومباني»، لافتاً إلى أن العالم العربي «يحتاج إلى تأمين 75 مليون وظيفة جديدة في العقد الحالي (2010 - 2020)، بزيادة 40 في المئة على الوتيرة المتوافرة حالياً، لتوظيف الشباب، في ظل النمو السكاني الكبير». وأشار إلى أن السعودية هي «أكبر سوق توظيف في المنطقة، ولديها 4 إلى 5 ملايين عامل محلي، يوازيهم 4.3 مليون وافد أجنبي. في حين أن معدل البطالة الرسمي يبلغ 10 في المئة، لكن يختلف وفق الفئات العمرية، ويرتفع لدى الشريحة العمرية من 24 إلى 30 سنة». وأعلن أن نسبة البطالة «26 في المئة بين الشباب في العالم العربي، وهي أعلى من أي منطقة في العالم وضعف المتوسط العالمي»، معتبراً أنها «مستشرية أيضاً بين الخريجين الجامعيين، إذ أن 22 في المئة منهم عاطلون من العمل في المغرب والإمارات و14 في المئة في تونس و11 في الجزائر».