حذّر تقرير استراتيجي صادر عن المعهد الكوري للتنمية يناقش واقع الاقتصاد السعودي ومستقبله ونقاط ضعفه وقوته، من استمرار تفضيل السعوديين العمل في القطاع العام بدافع التمتع بالأمان الوظيفي، معتبراً أنه «أحد أهم المخاوف التي يمكن أن تؤثر في ازدهار الاقتصاد السعودي مستقبلاً»، خصوصاً إذا ما عُلم أن موظفي القطاع العام «لا ينتجون خلال ساعات عملهم سوى نحو 40 في المئة مما يمكنهم إنتاجه». وكشف التقرير الذي أعد بطلب من وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، عدداً من نقاط الضعف ومراكز الخلل التي من شأنها إعاقة وإبطاء ما يمكن للمملكة تحقيقه في ما يخص مسيرتها التنموية، وعلى رأسها مستوى التعليم «الذي لم يصل بعد إلى المستوى المأمول»، على رغم وجود الإمكانات المادية، «ويدلل على ذلك بتفوق دول أقل في الإمكانات من ناحية جودة التعليم». (للمزيد) وطرح التقرير الذي عنونه المعهد الكوري ب «التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة في المملكة»، استراتيجية للتخطيط، مبرزاً «نقاط القوة والضعف، والفرص والتحديات» في عملية تطور الاقتصاد السعودي. ودعا التقرير إلى استغلال نقاط القوة المتوافرة في السعودية لبناء اقتصاد معرفي متين، بوجود «شعب يافع وصحيح»، وتوافر بنية تحتية متطورة إلى حد معقول، وارتفاع عائدات النفط، لكنه في الوقت ذاته نبّه إلى خطر استمرار الاعتماد على العامل الأخير بسبب عدم استقرار أسعاره، كما حصل في الثمانينات والتسعينات وبداية الألفية الثالثة. وعرّج في معرض ذكره نقاط القوة على الاستقرار والأمان، ووجود قيادة سياسية موجّهة للتنمية، إضافة إلى قدرات القطاع الخاص، ونجاح المشاريع الاقتصادية الكبرى، والسعي قدماً في تحسين التعليم، فضلاً عن كون المملكة قطباً للنمو مع وجود سوق محلية كبيرة. وشدّد على أن تشكيل فئة الشباب نسبة مهمة من التركيبة السكانية لمواطني المملكة يعد عاملاً مهماً يسهم في بناء الاقتصاد السعودي، إلى جانب غنى البلاد بالثروات. واعتبر أن السعودية «تبدو قطباً مهماً للنمو للاقتصادات المحلية والدولية من خلال عملية تحولها لاقتصاد ذي أساس معرفي، في خضم تحوّل مركز الجذب الاقتصادي الدولي من الدول الصناعية المتقدمة إلى مجموعة أخرى من الدول النامية ذات نسب النمو المرتفعة وبخاصة خلال العقد الماضي». وبحسب التقرير، فإن السياسة الانتقائية وما سماه «اقتصاد الإيجار»، والبيروقراطية، وضخامة القطاع الحكومي المفتقر إلى الكفاءة، إضافة إلى الاعتماد على عوائد النفط بشكل كبير، وسطحية المنافسة الصناعية، ونقص المهارات المتوسطة إلى المميزة، وضعف أخلاقيات العمل، والمعاناة من بنية تحتية ضعيفة لا تساند نظم المعلومات والاتصال، ونقص فرص العمل المناسبة في القطاع الخاص، وهجرة العقول إلى الخارج، ومحدودية عمل المرأة، هي أبرز نقاط الضعف في طريق التنمية المستقبلية في المملكة.