«كشف نائب وزير الاقتصاد والتخطيط أحمد الحكمي، أن الوزارة أعدت استراتيجية خاصة بتحسين المستوى المعيشي للمواطنين». الكشف تم في مجلس الشورى وهو أعاد للأذهان تصريحاً لوزير الاقتصاد والتخطيط قبل فترة لم يلقَ صدى أو اهتماماً. كان وزير الاقتصاد والتخطيط قد قال إن وزارته «تعكف» مع وزارات أخرى على مشروع كبير لمعالجة الفقر، والاعتكاف له شروط صعبة، وإذا كان جماعياً فهو يعني انفراداً طويل الأجل، وهذا لا يمكن القبول به «رحمة بالوزراء»، مع مسؤوليات يتحملونها تتخطى العمل الحكومي إلى واجباتهم العائلية والاجتماعية. في جانب آخر من قراءة ذلك التصريح يثبت أن كل «مشاريع» معالجة الفقر السابقة كانت مشاريع صغيرة، على رغم كل «الأهازيج» التي رافقتها، والدليل إعلان عن مشروع «كبير»، ولو قيل مشروع «أكبر» لقلنا إن ما تم «كبير» وهذا الجديد «أكبر» والله أكبر. لكني أخمّن أن صفة «الكبير» هذه ليست سوى تمييز «إعلامي» للتصريح عن غيره من تصاريح مواجهة الفقر التي شبع منها الفقراء حد التخمة، وهو لا يختلف عن «الاستراتيجية» في تصريح نائب الوزير. أصبح الفقير في بلادنا غنياً بالتصاريح والمشاريع المعتزم والمزمع العمل... عفواً المزمع «العكوف» لدراستها، إنه يتجشأ تصاريح ووعوداً واستراتيجيات، وفي ذلك التصريح الذي نشرته «الحياة»، قال الدكتور محمد الجاسر إن وزارة الاقتصاد والتخطيط «تعكف» أيضاً على «تطوير الآليات والإجراءات لجهات حكومية لمساعدتها في اتخاذ قراراتها في أعمالها»، قد يرى البعض أن هذا كثير على وزارة التخطيط أن تعكف مرتين! مرة مع جهات أخرى ومرة لأجل الجهات الأخرى، والحقيقة أن وزارة التخطيط لديها خبرة في الاعتكاف، وبصدد تصدير هذه «الخبرات» للآخرين. وإذا ما أضفنا الشق الآخر من التصريح عن «الآليات» يمكننا التنبؤ بحال الاعتكاف الحكومي المتوقعة في المستقبل المنظور، هنا يبرز مصطلح جديد، فحين السؤال عن وزير لن يقال إنه في اجتماع بل في اعتكاف، وسيتطور هذا إلى معالي المعتكف. أسأل نفسي، هل يشعر بعض المسؤولين بالمرحلة الدقيقة التي نمر بها؟ أظن ذلك، لكنهم في حال اعتكاف عملي «منقطعين» جعلتهم لا يُقدّرون سرعة التحولات ونمو الحاجات، يرون المسألة مثل التضخم المستقر في النمو! يرون «المستقر» ولا يرون استمرار الارتفاع، وإلا قل لي ماذا بقي من الريال حتى يمكن تحسين معيشة المواطنين؟ سواء باستراتيجية أم مشروع كبير. www.asuwayed.com @asuwayed