تعد شبكة «شام» الإخبارية السورية (S.N.N)، التي أُسست في شباط (فبراير) 2011 في دمشق، المصدرَ الأساسي لمعظم الفيديوهات والصور التي تبثها الفضائيات العربية والعالمية في تغطية الثورة السورية منذ انطلاقتها قبل أكثر من 16 شهراً. وتستعين الشبكة، التي تعمل مجاناً، بالمواطن الصحافي الذي يصور ما حوله من أحداث ويحمّلها على الشبكة العنكبوتية، قبل ان تتولى الشبكة تصنيفها وتأكيدها وإعادة بثها إلى القنوات الفضائية. ووصل عدد المتابعين للشبكة على الإنترنت إلى ما يزيد على ربع مليون، كما اتخذت شعاراً لها هو «نقل الأخبار المصورة والمحررة بكل أمانة وموضوعية»، وفتحت خطوطاً مباشرة مع المواطن السوري عبر البريد الإلكتروني لاستنباط الأخبار وإعادة تحريرها وتوزيعها على الوكالات العالمية والقنوات الفضائية. ومنذ انطلاقتها، أخذ كادر الشبكة بالتوسع في شكل ملحوظ، اذ ازداد عدد مراسليها بحلول عام 2012 ليغطي سورية بالكامل. وفي تطور شهدته الأشهر الأخيرة، ظهر القائمون على الشبكة عبر الشاشات لتقديم نظرة على الأحداث التي تجري على الأرض في سورية، في تحد كبير كانت نتيجته سقوط ثلاثة من كوادرها في حمص، هم مدير الشبكة في المدينة عمار محمد سهيل زاده، ومدير البث المباشر لورانس فهمي، ومراسل الشبكة أحمد الأشلق، إضافة إلى سقوط غيرهم في ريف دمشق وإدلب. صدقية واللافت التدرج في التعامل مع الشبكة، ففي بداية عملها كانت الفضائيات العربية والعالمية متخوفة من بث أخبارها، ولكن مع احتدام الصراع الداخلي، وتأجج الثورة السورية، والتأكيدات المتواصلة لغالبية الناشطين والسياسيين والمحللين، وحتى المواطنين على صحة أخبار الشبكة وصدقيتها في نقل الأحداث، تبنّى الإعلام العربي في البداية أخبارها، تلاه الإعلام العالمي. وساهم عمل «شام» في شكل كبير في دعم الثورة السورية من جهة، وفي تسهيل عمل الفضائيات من جهة أخرى، بخاصة أن النظام السوري خلال الفترة الماضية لم يسمح لأي من الفضائيات بالتواجد على أرضه. وعلى رغم أن الفضائيات العربية والعالمية تذمرت في شكل مستمر من غياب مراسليها عن الأرض في سورية، خصوصاً في بداية الأزمة، لكنّ عمل شبكة «شام» عوّض ذلك الغياب على كل الأصعدة. وخلافاً لمصر وليبيا واليمن، حيث احتاجت هذه القنوات لإيفاد طواقم عمل، من مُعِدّين ومصورين ومذيعين، وحتى إنشاء استوديوات خاصة لتغطية ثورات تلك البلاد، فإن الأمر كان مختلفاً مع سورية، اذ استفادت هذه الفضائيات من الشبكة باختصار نفقاتها، ففي ظل منع النظام السوري هذه الفضائيات من التواجد على الأرض، جاءت خدمات الشبكة لتحل مكان الطواقم والاستوديوات ولكن في شكل مجاني، سهّل المهمة على الفضائيات وقدّم لها ساعات بث مجانية، تغطي الحدث من دون أي جهد. وعلى رغم سعي «الجزيرة» و «العربية» في الأشهر الأخيرة إلى التعاقد مع بعض المراسلين المحليين لزيادة الصدقية، وإيفاد بعض المراسلين من الخارج لدخول الأراضي السورية بطرق غير شرعية، لتقديم تقارير من قلب الحدث وتغطية الثورة، لكن ذلك لم يوقف عمل الشبكة، التي اكتسبت خلال الفترة الماضية صدقية كبيرة، وتحولت إلى مرجعية للحدث السوري، وأضحت الناقل الرسمي للثورة. واللافت ان تألق الشبكة وتحولها إلى وكالة للأنباء - وإن بصيغة محلية -، دفعا عدداً من المواطنين السوريين لإنشاء شبكات مماثلة في المحافظات، منها «شبكة أخبار إدلب» و «شبكة أخبار دير الزور» و «شبكة أخبار حمص» وغيرها، لكنّ ذلك لم يلغ عمل شبكة «الشام»، بل على العكس، ساهم في شكل كبير في زيادة عملها، اذ تحولت إلى الشبكة الأم التي تصب فيها كل أخبار الشبكات المحلية الأخرى. واذا كان منع النظام السوري الفضائيات والصحافيين والمصورين من التواجد على الأراضي السورية السبب الرئيسي في ولادة الشبكة وتطورها، فإن المواطن السوري هو المحرك الأساس لهذه الشبكة. ولا شك في أن عمله في ظل الوضع الداخلي الحرج والاعتقالات والتصفيات والقذف والرصاص، يعد سابقة تاريخية تسجل لهذا الموطن الذي تحدى كل الصعاب لإيصال صوته إلى العالم.