لا بد أنه أعجبكم ما قدمه أحد المقاهي المتخصصة في القراءة من خدمة تعد الأولى من نوعها في المملكة، بتوفير كتب لذوي الحاجات الخاصة من أصحاب الإعاقة البصرية، التي تعرض مع لائحة المشروبات المطبوعة بلغة برايل لأول مرة، ليستمتع الكفيف بمشروبه المفضل مع قراءة ما يرغب من الكتب المعروضة مجاناً. الكتب تجاوزت ال19 كتاباً في مرحلتها الأولى، وأخذت الكتب البيضاء الخالية من الحبر مكانها في المقهى، ليجد مرتادوه من المكفوفين ما يلائمهم ويناسب ذائقتهم الثقافية. مدير المقهى الشاب نايف الزريق في حديثه إلى صحيفة الجزيرة قال إن المقهى الذي يديره ويستثمر فيه مع ثلاثة شباب سعوديين، ركز على الترويج لثقافة القراءة، من خلال وضع الكتب وإقامة العديد من الأنشطة الثقافية داخل المقهى، مشيراً إلى أن فكرة تأهيل المقهى لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة من أصحاب الإعاقة البصرية وتوفير كتب متنوعة لهم مطبوعة بلغة برايل، جاءت اقتراحاً من الشاب الكفيف بدر الشراري الذي أسهم بدوره في توفير جو ثقافي ترويحي لزملائه المكفوفين. انضموا معي لشكر بدر الشراري على مبادرته، وشكر أصحاب المقهى على تبنيها، ثم انضموا معي مجدداً لدعوة مجتمعنا لمزيد من الانفتاح والاختلاط أكثر بالفئات التي لديها حاجة خاصة من أي نوع. يبدو لي وخبراء علم الاجتماع والنفس أقدر مني على معرفة ذلك، يبدو لي أن إحدى ميزات المجتمعات التي نصنفها بأنها أكثر تحضراً، هي احتواؤها لذوي الاحتياجات الخاصة بوصفهم جزءاً من نسيج المجتمع والتعامل معهم بوصفهم واقعاً معاشاً، وبناء وتكييف طرق المعيشة لتلائم الجميع بغض النظر عن إمكاناتهم الجسدية. نحن نعاني، عفواً ذوو الاحتياجات الخاصة يعانون عزلة أحياناً تكون إجبارية، وأخرى تكون اختيارية، لأن مجالات تعايشهم محدودة، والنظرة اقتصرت على خيرية دعمهم، النظر إلى أن دمجهم في تفاصيل العيش والفرح والحزن فيه خيرية أكثر من مجرد توفير جمعية متخصصة، أو بند في موازنة الزكاة أو الصدقة، أو استهلاك إعلامي لخدمتهم بوصفه جزءاً من خدمة المجتمع. لنعترف أننا لا نراهم كثيراً في أماكن ممارسة الحياة والترفيه على قلتها، ولنعترف أن مثل مبادرة الشباب المستثمرين أعلاه كانت إيجابية، وعلى رغم أنها لا تخلو من الذكاء الاستثماري، لكنه هنا ذكاء نبيل كان يمكنه التوجه إلى طريقة أسهل بالربحية نفسها. أجدها سانحة لطلب صغير لسمو أمين مدينة الرياض الذي عودنا أنسنة هذه العاصمة الحبيبة، وله ولفريقه أيادٍ ثقافية اجتماعية إنسانية تعرفونها جميعاً، وهو سن نظام في رخص البلديات للمباني الاستثمارية السكنية والمكتبية بأن تكون مصاعدها معدة بحيث تتسع إجبارياً للكراسي المتحركة، وبحيث تكون أزرارها عليها نتوءات لغة برايل - إن صحت العبارة - وأن تزود بنظام صوتي بالعربية يخبر مستخدمها في أي دور هو. طلب صغير أتمناه من الأمين - وأحسبه يفعل - ليزداد تعايشهم معنا ولو قليلاً، وأعدكم أن صحيفة «الحياة» وفي هذه الزواية تحديداً ستحتفي بكل مبادرة تقرب ذوي الاحتياجات الخاصة من الحياة العامة. [email protected] @mohamdalyami