استعرض رئيس اللجنة العلمية للندوة استشاري طب الإنجاب الدكتور عبدالله الموسى، «دور تكنولوجيا المساعدة على الإنجاب». وقال: «إن إمكانية الإنجاب بعد الوفاة، الناتجة عن تطور التكنولوجيا المساعدة على الإنجاب، تثير الكثير من الأسئلة الأخلاقية والعملية للأطباء الممارسين لطب الإنجاب، حول مصالح وحقوق الزوج المتوفى، والزوجة الحامل (الطالبة لاستخدام الحيوانات المنوية لزوجها المتوفى)، والأطفال الناتجين عن هذا الاستخدام». واستعرض الموسى، الطريقة العلمية التي يتم بها استرجاع الحيوانات المنوية للرجل، بواسطة «الاستئصال الجراحي لنسيج من الخصية، أو السحب من البربخ، أو القذف الكهربائي، وتحدد نوع التقنية المُستخدمة بحسب حالة المريض. فيما يتم استرجاع بيضات المرأة عن طريق سحب سائل حويصلات المبيض، أو الاستئصال الجراحي لنسيج من المبيض». وأضاف أن «أول حالة تم نشرها لطلب استرجاع حيوانات منوية لمتوفى كانت في العام 1980، في حالة رجل يبلغ من العمر 30 سنة، توفي دماغياً نتيجة لحادثة سير، وتقدمت عائلته بطلب حفظ حيواناته المنوية بعد وفاته». فيما نشر أحد الباحثين نتيجة استبيان شمل 40 مركزاً للإخصاب في أميركا، كشفت عن 82 طلب استرجاع حيوانات منوية لمتوفين دماغياً، بين العام 1980 و1995، وأن أول حالة تم نشرها لولادة مولود ناتج عن حفظ حيوانات منوية لمتوفى كانت في العام 1990. وقدم أستاذ أصول الفقه المشارك في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء الدكتور عبد السلام الحصين، محاضرة عن «الإنجاب بطريق التلقيح الاصطناعي للميت دماغياً والمصاب بالسرطان في مرحلة متقدمة». اعتبر فيها هذه الحالات «من النوازل العجيبة»، مبيناً أن ذلك يتم «بأخذ نُطَف من خصيته، وتُلقح بويضات زوجته داخل الرحم، أو خارجه (الحقن المجهري)، ثم إعادة الأجنة إلى رحم الزوجة». و أوضح أن فيها وجهين، «أولهما استخلاص الحيوانات المنوية من الخصية، فإنه لم يكن يتصور أن يوجد الحيوان المنوي، إلا من قذف المني خارج القضيب، بالطرق المعتادة، والثاني تلقيح هذا الحيوان ببيضة المرأة خارج الرحم، حتى يحصل التخصيب، ثم قذفه داخل رحم المرأة». وذكر الحصين، أنه «في كل مرحلة من مراحل هذين الوجهين، أوجه متعددة من العجب، وعرضها على أقوال أهل العلم في نظائرها، وسميت هذا البحث ب «حكم الإنجاب بطريق التلقيح الاصطناعي للميت دماغياً، والمصاب بالسرطان في مرحلة متقدمة»، مبيناً أن أهمية بحث هذه المسألة «تظهر من جهة أن الميت دماغياً، والمصاب بالسرطان في مرحلة متقدمة مشرفان على الموت، بل أولهما حكم عليه جمهور الأطباء والفقهاء بالموت حقيقة، ومثلهما لا يمكن لهما أن ينجبا إلا بهذه الطريقة العجيبة، فهل يجوز في الشريعة المحمدية جواز الإنجاب لهما بهذه الطريقة؟». وأهم نتائج هذا البحث أن «المتوفى دماغياً، وهو الذي توقف نشاط دماغه توقفاً نهائياً بحسب علم الأطباء، لا يجزم بموته، بل الصحيح هو الحكم بحياته، حتى يثبت موته بقين»، أما المريض بالسرطان في مرحلة متقدمة، فُيعتبر في علم الأطباء «مشرفاً على الموت، ولا يملكون له علاجاً، ولكن قد يعالجون أعراض المرض، ويسكنون بعض الآلام، و قد يدخل بعد ذلك في غيبوبة، وتتولى أجهزة الإنعاش تمديد فترة بقائه فقط». وذكر أن «التلقيح الاصطناعي من الطرق الحديثة في الإنجاب، وهو إما داخلي أو خارجي، ويمكن الحصول على مني الرجل، إما بأخذه بعد قذفه من القضيب، وإما باستخلاصه من خصيته». وأضاف أن «جمهور العلماء المعاصرين يرون جواز إجراء التلقيح الاصطناعي، وأن انعدام الرضا من الزوج أو الزوجة، مانع من إجرائه؛ لاشتراكهما في الحق في إيجاد الولد»، مردفاً انه «لا يجوز إجراءه للمتوفى دماغياً؛ لانعدام الإذن في حقه، إلا أن يكون صدر إذن منه قبل حصول الوفاة الدماغية له، فيمكن الاعتماد على هذا الإذن في إجراء التلقيح الاصطناعي». وأضاف أن «حكم المصاب بمرض السرطان في مراحل متقدمة، مطابق لحكم المتوفى دماغياً، إن كان مثل حاله، وإن كان حاله أحسن، وأمكن معرفة رأيه، فيجوز إجراء التلقيح الاصطناعي، إن رضي، وإن لم يمكن معرفة رأيه لم يجز ذلك».