على رغم أنهما يعيشان في شقة عبارة عن صالة وغرفة إلا أنهما يعيشان غرباء مع «أزمة حوار». على غير العادة فوجئ وابنته الملتحقة ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للبعثات تقف أمامه وتسأل رأيه عن دور الإعلام الكندي خصوصاً والإعلام العربي عموماً، حيث إنه موضوع مطلوب الكتابة عنه. شعر أن هذا لونٌ من التغيير كان في داخله يتلمسه ويرغب فيه ولكن غلبت العادة على التعود فهو سجين مقيد بسلاسل موروثات الماضي. وواقع العطاء والتجاوب مع التغير من جانبه أمر صعب، إذ إنه محكوم بالماضي الذي عايشه وتأثر بمعطياته بينما كان على قناعة بأن سفره - مرافقاً - مع ابنته سيكون فيه مُناخٌ مناسب لكسر حاجز أزمة الحوار وإصلاح ما فسد طيلة سنين طويلة، ولكن كيف يعطي شيئاً جديداً وهو أصلاً فاقده ومتأثر بسلبياته..تجاهل السؤال ولكنه فوجئ أيضاً بابنته تقول له «بابا نحن في كندا بعيدون عن زخم متابعة الأسهم التي كانت تستأثر بوقتنا الذي نحتاجه منك، ولا بد أن يكون حوار ومناقشة خاصة وملكنا خادم الحرمين الشريفين تبادل الرأي»، كلماتها القليلة الموجزة كان لها تأثير وإحساس بالذنب، حّمل نفسه جزءاً وحمّل العوامل المحيطة الجزء الأكبر منه. صمت الأبناء في حقيقته قلق للأبوين وإذا كان من لوم فإنه يُوجه إلى الوالدين. إن أسعد اللحظات أن يكون في داخل الأسرة حوار ونقاش وأبغض اللحظات وجود أزمة حوار. وقتنا الحاضر الذي نعيشه مختلفٌ تماماً عن الوقت الذي عاش فيه الآباء والأجداد. إننا نعيش عصراً يغلب عليه طابع التغيير والانتقال، ويحمل كثيراً من اضطراب الرأي واختلاط الأمر، كما أنه عُرف بعصر السرعة وتبادل المعلومات، هذه المستجدات مجتمعة تحتم وجود حوار ونقاش بين الآباء والأبناء، وبين أفراد الأسرة الواحدة والمجتمع كله في غربتنا وعلى مسافة بعيدة من الوطن شاهدنا ولمسنا أهمية الحوار، رأينا الأطفال في عمرهم الباكر كيف يتعامل معهم آباؤهم وأمهاتهم بكثير من الرعاية والاهتمام، ويعطونهم مساحة واسعة من حرية الكلام والتعبير بعيداً عن النهي والتأنيب والتحقير ويقومون بمشاركتهم في ألعابهم في صبر وسعة صدر يقبلون منهم الصواب من سلوكهم ويشجعونهم عليه ويصرفون النظر عن أخطائهم وتوجيههم إليه في فرص مناسبة يمنحونهم الحب المطلوب ويعلمونهم التعليم الصحيح ومن ثم يصبحون أصدقاء أين نحن من ذلك فطابع العيب والممنوع وكلمة «كون رجّال يا ولد» تغلب على طريقة تعاملنا حتى إذا كبرا لولد كبر وعلى رأسه ريشة لا يرى إلا نفسه ويصبح أسيراً لتلك الكلمة. إن بناتنا وأبناءنا تحيط بهم كثير من الهموم والمشكلات. في مواقع الإنترنت والقنوات الفضائية يجددون الهروب منها في غياب الحوار والتوجيه السليم من الآباء والأُمهات إن الحوار الهادف وحرية التعبير والمشاركة مخرج من كثير من المشكلات وجسر لبناء مجتمع تسود فيه المفاهيم الصحيحة. abkar6236@