في وقت يتأهب المصريون لانتخاب الرئيس بعد غدٍ تمهيداً لإنهاء المرحلة الانتقالية، أربك المجلس العسكري الحاكم المشهد السياسي بتجهيزه إعلاناً دستورياً مكملاً يصدر خلال ساعات ويمنح قادة الجيش صلاحيات واسعة حتى بعد الانتخابات، أبرزها تعيين وزير الدفاع وإبرام صفقات السلاح من دون الرجوع إلى الرئيس أو البرلمان، إضافة إلى «حماية الشرعية الدستورية والثورية». وأظهرت نتائج تصويت المصريين في جدة التي أعلنت مساء أمس تقدم مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي ليتبادل المواقع مع المرشح الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح الذي أصبح الثاني في مجمل ترتيب نتائج تصويت المغتربين بانتظار إعلان نتائج التصويت في الرياض التي تضم أكبر تجمع للمصريين في الخارج. وحافظ حمدين صباحي على المركز الثالث وعمرو موسى على المركز الرابع، فيما جاء أحمد شفيق في المرتبة الاخيرة. وتحرك المجلس العسكري مدعوماً بقوى سياسية لاستصدار إعلان دستوري مكمل قبل انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات، أفيد بأنه سيمنح قادة الجيش الحق في تعيين وزير الدفاع وتفويضه في إبرام صفقات السلاح من دون الرجوع إلى البرلمان أو الرئيس ويبقي على سرية موازنة الجيش ومشروعاته الاقتصادية، كما يمنح الرئيس حق حل البرلمان ويمنح البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة. ورفض مرشحون للرئاسة وقوى سياسية هذا الإعلان. وأعرب أبو الفتوح في بيان أمس عن «انزعاجه الشديد»، مؤكداً أن «إقرار المواد الدستورية شأن خاص بالشعب وحده، ولا يحق لأي جهة إصدار أو تغيير أي مواد من دون الرجوع إلى الشعب باعتباره صاحب الحق الأوحد في إقرار دستوره ومواده». وأوضح أن «المرحلة الانتقالية الآن تتم إدارتها وفق إعلان دستوري تم إعلانه بعد استفتاء وافقت عليه الغالبية، ويحدد هذا الإعلان الدستوري صلاحيات الرئيس في المرحلة الانتقالية، وهي ذاتها الصلاحيات التي اعتمد عليها المجلس العسكري في ممارسة مهام رئيس الجمهورية لأكثر من عام مضى». وأكد «وجوب أن يكون الدستور الجديد معبراً عن الشعب بكل أطيافه المختلفة، وممثّلاً لحالة من التوافق الوطني سواء في اختيار من يشارك في صياغته أو في وجوب استفتاء الشعب عليه قبل إقراره». وطالب قادة الجيش بأن «يسارعوا بتسليم الأمانة كاملة غير منقوصة للشعب الذي استأمنهم عليها وممثليه المنتخبين، من دون أي محاولة للتدخل في إرادة هذا الشعب الذّي تثبت الأيام أنه حامي ثورته المجيدة». وعلى النهج نفسه، سار المعارض البارز محمد البرادعي الذي تساءل: «كيف للمجلس العسكري أن يحدد صلاحيات الرئيس من دون استفتاء يومين قبل الانتخابات في وجود برلمان؟». واعتبر ذلك «استمراراً لمرحلة انتقالية تجافي أي عقل وأي وشرعية». وطالب مرشحي الرئاسة ب «موقف موحد بالنسبة إلى صلاحياتهم وصلاحيات العسكري في الإعلان الدستوري». وعارض المرشح خالد علي فكرة إصدار إعلان دستوري مكمل، معتبراً ذلك «جريمة في حق الوطن». وقال إن «المجلس العسكري يخلق لنفسه وضعاً خاصاً ويعلن عن دولة داخل الدولة». وأُعلن أمس عقد اجتماع اليوم في مقر حزب «الوفد» بين القوى السياسية للاتفاق على صلاحيات الرئيس المقبل. لكن مؤسس حزب «غد الثورة» أيمن نور قال ل «الحياة» إن هناك «خلافات واسعة بين الأحزاب في شأن الإعلان الدستوري المكمل... المسألة معقدة للغاية. بعض القوى السياسية متخوفة من فكرة الإعلان الدستوري وأخرى متخوفة من عدم استصداره». وقال الناطق باسم حزب «النور» السلفي يسري حماد إن المجلس العسكري «ليس من صلاحياته استصدار إعلان دستوري... ومن له الحق في استصدار التشريعات هو البرلمان». وشدد على أن «المجلس سيُحل عقب انتخاب الرئيس وستقتصر صلاحياته على الأمور العسكرية فقط، وأي اجتماع له لمناقشة أمور الدولة سيعد انقلاباً على الشرعية». وانتهت أمس فترة الدعاية لمرشحي الرئاسة لتبدأ اليوم فترة الصمت الانتخابي التي يحظر فيها على أي من المرشحين ال13 إجراء أي دعاية تمهيداً للاقتراع يومي الأربعاء والخميس المقبلين. وتعقد اللجنة المشرفة على الانتخابات في الخارج اجتماعاً في وزارة الخارجية مساء اليوم برئاسة عضو اللجنة العليا للانتخابات القاضي حاتم بجاتو لتجميع ورصد نتائج التصويت التي أرسلتها اللجان الفرعية في السفارات والقنصليات، ويحضره مندوبو المرشحين.