بلباسها الباكستاني التقليدي دخلت البارونة سعيدة وارسي مقر الحكومة البريطانية في 10 داوننغ ستريت عام 2010. وبالزخم ذاته الذي حظيت به عند دخولها قبل 4 أعوام، خرجت سعيدة من الحكومة في الخامس من آب (أغسطس) لكن عبر بوابة موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». «بأسف شديد، قدمت استقالتي هذا الصباح مكتوبة إلى رئيس الوزراء. لم أعد أستطيع دعم سياسة الحكومة تجاه غزة». هكذا كتبت وارسي إعلان استقالتها التي لقيت صدى واسعاً في الفضاء الاجتماعي بأكثر من 32 ألف إعادة تغريد خلال أقل من يوم على إعلانها الاستقالة. في خطاب استقالتها الذي وجهته إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، قالت وارسي إن سياسة بلادها حول الأحداث في غزة لا يمكن الدفاع عنها من ناحية أخلاقية، كما أن هذه السياسة ليست في المصلحة الوطنية البريطانية، علاوة على ذلك فسيكون لهذه السياسة تأثير في سمعة بريطانيا محلياً ودولياً، مشيرة في خطاب استقالتها إلى أن نهج بلدها في الأحداث الجارية لا يتفق مع قيم بريطانيا وتاريخها الطويل في دعم العدالة الدولية. وبيّنت وارسي في خطاب استقالتها أن قرار الاستقالة لم يكن سهلاً أبداً، خصوصاً أنها خدمت مدة ثلاث أعوام في حكومة الظل ضمن حزب العمال، وخدمت 4 أعوام في الحكومة الحالية. تعليق وارسي على قرار استقالتها جاء عبر القناة البريطانية الرابعة دون قناة «بي بي سي» التي يدور حديث حول غياب حياديتها خلال تغطية أحداث الاعتداء على غزة. وبدت وارسي خلال لقائها المتلفز حذرة جداً خلال وصفها لتعامل الحكومة البريطانية المحافظة تجاه أحداث غزة، لكنها قالت إن حكومتها يجب أن تكون أكثر وضوحاً وصدقاً في موضوع غزة، قائلة إنه بعد أربعة أسابيع من الهجوم والقتل لم نستطع الخروج بكلمة واحدة تدين هذا الهجوم، موضحة أن مثل هذه الأحداث تدفع الشبان المسلمين إلى الاتجاه للحركات الراديكالية، مؤكدة أن هذا ليس رأياً شخصياً وإنما وقائع وأحداث مشاهدة. وعما إذا كان هناك فائدة من استقالتها قالت وارسي إن استقالتها ستحرض الآخرين على رفع أصواتهم تجاه المسألة. وفي خطاب وجهه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى سعيدة وارسي تعقيباً على خطاب الاستقالة حاول فيه كاميرون الرد على أسباب وارسي للاستقالة، إضافة إلى شكره لها على دعمه منذ 2005 وهو الأمر الذي أشارت إليه وارسي في خطاب الاستقالة. وقال كاميرون إنه يتفهم شعور وارسي تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن سياسته تجاه الشرق الأوسط واضحة وثابته «ندعم مفاوضات حل الدولتين، باعتبارها الحل الوحيد ليتعايش الجميع بسلام»، مؤكداً في خطابه إلى إيمان حكومته بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن أبدى قلقه تجاه الخسائر الفادحة في المدنيين، داعياً إسرائيل إلى ضبط النفس وإيجاد سبل لإنهاء هذا القتال. استقالة وارسي من الحكومة البريطانية تطوي سجل أول امرأة مسلمة تدخل الحكومة البريطانية كانت لأعوام وجهاً سياسياً وإعلامياً دائم الحضور في الفضاء البريطاني. وتنحدر وارسي من أصول كشميرية لكنها مولودة في مقاطعة يوركشير شمال إنكلترا لأب عمل في مقتبل حياته عاملاً في مصنع وبعد ذلك رجل أعمال ناجح. تخرجت وارسي في تخصص القانون في جامعة ليدز، وبعد ذلك عملت محامية حتى دخلت المجال السياسي وحصلت على لقب بارونة عام 2007. خلال مسيرتها السياسية تقلدت أم الخمسة أطفال مناصب عديدة في حكومة الظل المحافظة، وبعد ذلك في الحكومة المنتخبة عام 2010. إذ تقلدت منصب رئيس حزب المحافظين المشارك حتى عام 2012، وشغلت منصب وزيرة لشؤون الأديان والجاليات، كما أنها كانت مسؤولة عن ملفات المنظمات الدولية.