لا يختلف محمد الغزو من الاردن كثيراً مع شهرزاد عكيشة التونسية حول دور العلمانية في تطوير العمل الليبرالي وتعزيزه في العالم العربي. والتقى محمد وشهرزاد في بيروت إلى جانب 100 مشارك من 50 دولة في العالم ضمن فعاليات مؤتمر «الشباب الليبرالي العالمي» المعقود في دورته الاولى بمشاركة «الاتحاد العالمي للشباب الليبرالي» الذي يضم تحت مظلته «شبكة الليبراليين العرب». ويرى محمد (25 عاماً) الناشط في مجال الحريات في «منتدى الفكر الحر الاردني» انه «يصعب تمرير الفكر الليبرالي وتسويقه في المجتمع الاردني». ويرجع سبب تلك الصعوبة الى كون «العلمانية هي الركيزة الاساسية في الفكر الليبرالي ومحطة عبور نحو مزيد من الحريات وهو ما ليس مقبولاً لدى بعض شرائح المجتمع التي تعتبر العلمانية نمطاً غربياً يغزو بلادنا وثقافتنا ويهدد القيم الاجتماعية والدينية». وتتدخل شهرزاد (30 عاماً) المنتسبة الى منظمة «الشباب الاجتماعي التحرري» في تونس، مبدية رأيها في واقع الحريات في بلدها، فتعتبر ان «التجربة التونسية التي قامت على مبادئ العلمانية في عهد بورقيبة حاولت ارساء نمط من الحريات لم يكن معهوداً من قبل، رسخ في الثقافة العامة مفاهيم ليبرالية عدة». وتضيف شهرزاد: «الافكار التحررية والليبرالية ليست غريبة عن المجتمع التونسي. فهناك قوانين تشجع الليبرالية منذ الولادة» مثل منع تعدد الزوجات وغيره من الحقوق المدنية. لكن كيف يفسر واقع الليبرالية في الانظمة السياسية العربية؟ يجيب عبداللطيف محمدي من المغرب (25 عاماً): «بالتأكيد يعتبر النظام السياسي السائد معياراً لمسار الحريات في الدولة، فمع حزب ك «حزب الاتحاد الدستوري» ومن خلاله «منظمة الشبيبة الدستورية» باتت الافكار الليبرالية في المغرب اكثر شيوعاً ووسيلة للخروج من الازمات». ويعتبر محمد ان «الليبرالية تعزز حرية التعبير وتعطي الشباب فرصة للانخراط في الشأن العام والعمل السياسي». أما محمد بن سلامة (23 عاماً) من تونس فيؤكد أن «الثقافة الليبرالية يجب ان تعززها الاصلاحات داخل الدولة». وجمع المؤتمر شباناً عرباً وأجانب ناقشوا في ورش العمل علاقة الدين والسلطة وتأثيرها في الحريات وتبادلوا الخبرات كل بحسب تجربة بلاده. ورأى شباب مشاركون من دول غربية أن «الاصولية في العالم العربي باتت غطاءً لانتهاك الحريات وخرقها»، في حين دافع مشاركون عرب عن ضرورة «التواصل والعلاقة بين الدين والسلطة لتعزيز المشاركة الديموقراطية». رأى هؤلاء أن «علاقة السلطة بالدين يجب ان تكون ضمن آليات تحقق التكامل، بحيث يصبح أحدهما مكملاً للآخر». وتناول الشباب في نقاشهم العقبات التي تواجه الحركة الليبرالية في دولهم العربية ورأى عمرو البقلي (28 عاماً) من «منتدى القاهرة الليبرالي» انه «في ظل وجود نظام سياسي تقليدي وسيطرة إسلامية على المجتمع، لا مكان لليبرالية في مصر». وأضاف: «نسعى في المنتدى الى ايجاد مجالات داخل الجامعات ونشاطات غير مباشرة لنشر الافكار الليبرالية، وطموحنا هو تأسيس تيار ليبرالي يغير الواقع السياسي بطريقة سلمية». الى ذلك لا تستثني حياة العلمي (27 عاماً) من «ملتقى الحريات في فلسطين» دور النظام الامني وتأثيره في واقع الليبرالية منطلقة من واقع فلسطينالمحتلة، وقالت: «الاحتلال والفلتان الامني يدعوان بعض الشباب الفلسطينيين الى التمسك بالليبرالية لتحقيق الامن والنظام والعدالة». الشاب احمد رشواني (23 عاماً) وهو احد منظمي المؤتمر ومسؤول في مكتب العلاقات الخارجية في تيار «المستقبل» في لبنان يعتبر ان «المؤتمر خطوة اولى نحو تعريف الشباب العربي بمعاني الليبرالية في شكل علمي». منح المؤتمر فرصة لشباب عرب وأجانب لمناقشة واقع الحريات في مجتمعاتهم بجرأة، من خلال ورش عمل تناولت في محاورها علاقة الدين والسياسة والحرية ودور الشباب في النقد الديني والمشاركة السياسية وحدود التعاون العلماني مع الدولة، وإمكان تطبيق المفاهيم الليبرالية في بلدانهم. وتنبه الشباب المشاركون في سعيهم الى تعميم الأفكار الليبرالية وطموحهم بالوصول الى «مجتمع ليبرالي» حقيقي إلى صعوبة المهمة، لكنها في الوقت نفسه ليست مستحيلة.