دفعت الاحداث الجارية في طرابلس (شمال لبنان) القيادات الرسمية والسياسية الى التحرك وعلى كل المستويات لضبط الوضع وإعادته الى طبيعته. وترافق ذلك مع دعوات الى «وجوب انهاء ملف الموقوفين الاسلاميين»، فيما اعلنت السفارة السعودية في بيروت في بيان عن تأجيل زيارة السفير علي بن عواض عسيري للمدينة، والتي كانت مقررة اليوم، الى موعد يحدد لاحقاً. وتمحورت أحاديث رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع زواره وفق بيان للمكتب الاعلامي في القصر الجمهوري، حول «أهمية ان يعي الجميع من مسؤولين وقيادات امنية وسياسية خطورة الانزلاق الى التوتير الامني وانعكاس ذلك سلباً على الوضع العام في البلاد وعلى الفرقاء انفسهم في هذه الظروف البالغة الدقة في المنطقة». واطلع سليمان من وزير الداخلية مروان شربل على المستجدات والمعالجات الجارية. وتلقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري اتصالاً هاتفياً من الرئيس السابق للحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة تناولا فيه الاوضاع العامة والوضع في طرابلس. وأجرى رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل سلسلة اتصالات شملت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومفتي طرابلس والشمال مالك الشعار والرئيسين عمر كرامي والسنيورة ووزير المال محمد الصفدي والنائب سمير الجسر ومرجعيات شمالية أخرى، وأكد الجميل «دعم تفعيل دور الدولة ووجودها من خلال نشر الجيش والقوى الامنية منعاً لتجدد الأحداث». وشدد وزير الدولة بانوس مانجيان على «ان جميع الاطراف تؤيد الأمن والاستقرار»، آملاً في «أن يقوم الجيش والقوى الأمنية كافة بالضرب بيد من حديد، لا سيما أن جميع القوى السياسية رفعت الغطاء السياسي عن كل المخلّين بالأمن». ودان مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بعد اتصال اجراه مع ميقاتي، «طريقة الاجراءات التي اتخذت في عملية اعتقال شادي مولوي». ودعا الى «معالجة الاوضاع في طرابلس بالهدوء». وأكد «وجوب انهاء ملف الموقوفين الاسلاميين وإنجاز محاكمة المتهمين منهم وإغلاق هذا الملف نهائياً بإطلاق الابرياء منهم والمحاكمة العادلة لمن تثبت ادانته». الحريري وقال النائب محمد قباني في كلمة باسم الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، وباسم النائب بهية الحريري، خلال مأدبة غداء أقيمت في «بيت الوسط»: «نحن في التيار (المستقبل) رفعنا في السابق مشروع العبور إلى الدولة، واليوم نؤكد أننا نتمسك بالدولة. هذا الأمر كان واضحاً في الأحداث الدامية التي حصلت في اليومين الأخيرين في طرابلس، وهو المشروع الذي عبّر عنه الرئيس الحريري عندما أكد أن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر، وأننا نريد أن يكون الأمن والسلام مشروعاً بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية، وأن الخطأ التقني يعالج ضمن القانون». وأضاف: «نعم حصل خطأ في الطريقة التي قام بها جهاز الأمن العام بالتعاطي مع الموقوف. لذلك نحن نريد أن نعالج هذا الموضوع من منطلق الحفاظ على استقرار الناس في طرابلس وسلامتهم، وأن تستلم الدولة بمؤسساتها مسؤولية معالجة ما حدث، وكذلك معالجة أحد الأسباب، وهو وجود عدد كبير من الموقوفين من خمس سنوات من دون محاكمة، ما يتطلب المعالجة فوراً لأن استمرار الامر غير مقبول ويبقي الجمر متوقداً». وقال: «نؤكد أننا نريد بيروت منزوعة السلاح، وطرابلس منزوعة السلاح، وصولاً إلى أن يكون السلاح كله في يد الشرعية». وميّز النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت بين «التوقيف وهو مسألة قضائية وبين الطريقة التي حصل فيها توقيف المولوي والتي تُعتبر رسالة موجهة الى فريق يتعاطف مع الشعب السوري». ورأى النائب خضر حبيب أن «المطلوب رفع الغطاء عن المخلّين بالأمن لتتمكن الأجهزة الأمنية من القيام بدورها على أكمل وجه»، لافتاً الى «أن أحداث طرابلس توضح ان هناك محاولات لنقل التوتر من سورية الى لبنان». وطالب مجلس أمناء «جمعية الإنقاذ الإسلامية» الحكومة ووزراء طرابلس ونوابها «بإنجاز خطة طريق تقضي بإطلاق الموقوفين الاسلاميين، والتضامن مع الوزير الصفدي في دعواه ضد جهاز أمني ووجوب إطلاق مولوي». رعد وفي المقابل أسف رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد للأحداث التي تجري في طرابلس «من زرع للاضطرابات الأمنية والفوضى والمربعات الأمنية وهدر لماء وجه الدولة»، معتبراً أن «القوى السياسية هناك، بمنطقها المتهاوي تحصد الآن ما زرعته من كيدية وعنصرية وتحريض مذهبي وطائفي». ورأى أن «لبنان بالمشاكل التي يعاني منها لا يمكن أن يحكم إلا بالتوافق ولا أن يسير إلا بأجنحته كلّها»، داعياً جميع القوى السياسية «للتحاور من أجل حلّ جميع القضايا الخلافية انطلاقاً من الإقرار بداية بضرورة المقاومة وبأن العدو الصهيوني يشكّل خطراً وجودياً على لبنان والمنطقة»، ومعتبراً ان «ما دون هذا الإقرار فإن الحوار يكون عبثياً».