وصف أحد الوزراء الحلفاء للأكثرية في الحكومة المنقضية ولايتها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة خطاب الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله بأنه تضمن موقفاً متصلباً، قيل بقفازات من حرير وبهدوء، تجاه تأليف الحكومة الجديدة، ما يعني أن تأليفها سيأخذ المزيد من الوقت أو أن عملية تشكيلها مرتبطة بالظروف الإقليمية وانتظار حصول تقدم في التقارب السعودي - السوري، وتجديد الاتصالات في شأنه. وقال الوزير نفسه إن حديث الأمين العام ل «حزب الله» عن أنه لا يطلب ضمانات لسلاح المقاومة ولا إزاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولا في أي موضوع يتعلق بالحزب، «إشارة واضحة من قبل السيد نصر الله الى أنه إذا كان ما يُطرح في وسائل الإعلام عن أن هناك نية لاستبدال الضمانات التي يمكن أن يقدمها رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري حول عدم طرح أي موضوع يمس المقاومة وأمنها وسلاحها على مجلس الوزراء إلا بعد التوافق مع قيادة الحزب، بالثلث المعطل، فإن الحزب لا يقبل بهذه البدائل ويصر على الضمانات من خلال حصول المعارضة على الثلث +1». ورأى الوزير الحليف للأكثرية أن السيد نصر الله لم يطرح علناً الثلث المعطل في خطابه، لكن موقفه يعني ضمنياً أنه متمسك به، خصوصاً حين دافع عن الحكومة الحالية مثلما فعل زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، قائلاً إنها لم تكن حكومة تعطيل على رغم أنه كان للمعارضة نسبة الثلث +1 فيها. وتابع الوزير نفسه قائلاً: «إذا صح هذا الاستنتاج من قراءة نص خطاب نصر الله بأنه يتمسك بالثلث المعطل، فإن هذا يعني أن تشكيل الحكومة سيأخذ المزيد من الوقت على رغم أجواء التفاؤل التي أشاعها الرئيس نبيه بري بأن ولادتها قد تتم قبل نهاية الشهر الجاري، سواء كان موقفه للإصرار على هذا المطلب أو كان موقفاً تفاوضياً لأسباب داخلية أو خارجية». وأضاف: «ان اطمئنان السيد نصر الله الى أنه إذا اتفق الرئيس المكلف، الحريري مع أطراف أخرى في المعارضة، لن نكون زعلانين، هو اطمئنان يوحي بأن فرقاء المعارضة الآخرين لن يخرجوا عن وحدة المعارضة في مطالبها من تشكيل الحكومة، وأنه إذا كان من مراهنة على أن يقبل رئيس البرلمان نبيه بري بتركيبة حكومة وحدة وطنية من دون الثلث المعطّل فإن هذه المراهنة غير قابلة لأن ترى النور، فضلاً عن أن موقف السيد نصر الله يعني أنه لن يكون منزعجاً إذا اتفق الرئيس المكلف مع العماد عون في مطلبه حصول المعارضة على التمثيل النسبي الذي يعني أن تتمثل بأكثر من الثلث المعطّل (13 وزيراً بدلاً من 11)». واعتبر الوزير إياه أن حرص السيد نصر الله على تأكيد أجواء التلاقي والحوار وإشارته الى «اللقاءات الطيبة بيننا وبين قيادات أساسية في الموالاة»، وتأييده أي لقاء من المعارضة مع أي فريق في الموالاة، ودعوته الى الهدوء والى أن «ندع الناس يرتاحون بعض الشيء وأمامنا فصل الصيف وليزر الناس القرى لتمتلئ بهم ونحن أيضاً نحب الحياة وثقافة الحياة» هي «طريقة لبقة منه ربما للقول ان لا مانع من أن يأخذ تشكيل الحكومة وعدم الاستعجال فيه، حتى آخر الصيف». وسأل الوزير: «هل كل هذا يعني أن تقدم الاتصالات السورية - السعودية، مرتبط بحصول تقارب مصري - سوري؟ أم أن انتظار نهاية الصيف لتشكيل الحكومة هو انتظار لما سيؤول إليه الموقف بين الولاياتالمتحدة الأميركية والغرب، وبين إيران، بعد أن قصّر الرئيس باراك أوباما المهلة التي كان أعطاها لطهران كي تتجاوب مع مطالب المجتمع الدولي في شأن ملفها النووي من آخر العام الى شهر أيلول (سبتمبر) المقبل؟». إلا أن أحد النواب الفاعلين في الأكثرية وجد في خطاب الأمين العام ل «حزب الله» منحى أكثر تشدداً، إذ رأى أن مطلب الحزب حصوله وحلفاءه على الثلث المعطّل «لم يعد مرتبطاً بمسألة ضمان سلاح المقاومة، طالما أنه قال إنه لا يطلب ضمانات في شأن السلاح، ولا في شأن المحكمة الدولية، بل بات مطلباً له علاقة بالوضع الداخلي». واعتبر النائب في الأكثرية أن مطلب المعارضة الثلث المعطل «نشأ بعد حرب تموز (يوليو) نتيجة تشكيك الحزب بموقف الأكثرية من دور المقاومة في مواجهة إسرائيل، وبسبب ارتياب الحزب بصداقة هذه الأكثرية مع الولاياتالمتحدة. وجاء تبرير الإصرار على الثلث المعطل بأن هذه الأكثرية كانت حينها غير موثوقة في ما يخص الموقف في مواجهة إسرائيل وبالتالي لا بد من مشاركة المعارضة في الحكومة على أساس إعطائها القدرة على حق النقض في القرارات الأساسية». وزاد أن مطلب الثلث المعطل حينها، والذي دعمته سورية، وجرى التسليم به في اتفاق الدوحة بعد أحداث 7 أيار الدموية لإنهاء أزمة احتلال بيروت وإقفال طرقاتها والمطار... الخ، «كان نشأ بفعل الخلاف مع الأكثرية على إقرار المحكمة الدولية في مجلس الوزراء فاستقال الوزراء الشيعة منه للحؤول دون هذا الإقرار وأقفل المجلس النيابي للحؤول دون مصادقته على الاتفاقية مع الأممالمتحدة حول المحكمة بعد أن وافقت عليها الحكومة. أما الآن فحين يقول السيد نصر الله إن الحزب لا يريد ضمانات حول المحكمة وسلاح المقاومة لأن هذا السلاح أحيل الى الحوار الوطني ولا يحتاج لهذا السبب الى ضمانات كهذه، فإن هذا يعني أن الثلث المعطل بات مطلوباً الآن لاستخدامه في قضايا أخرى داخلية عدد نصر الله نماذج منها، مثل السياسات المالية والاقتصادية، وهذا ينقل المطلب الى حيّز آخر. فبدلاً من أن يكون موجب الثلث المعطل قضية خلافية طارئة هي السلاح، بات موجبه المسائل الداخلية وهذا يعني تغييراً في قواعد النظام السياسي وآلية اتخاذ القرارات فيه، ويخضع الموازين السياسية والطائفية الى قواعد جديدة، وإلا ما مغزى التناقض بين رفض الضمانات حول السلاح والمحكمة أي حول قضايا ذات طابع وطني، وبين الإصرار على الثلث المعطّل في ما يخص قضايا مستجدة في كلام المعارضة؟». ورأى النائب الأكثري أن السيد نصر الله برر الحاجة الى المشاركة الفعلية بإشارته الى أن المعارضة معنية بكل شيء يدار فيه البلد مثل الاستحقاقات المالية والدين العام وزيادة الضرائب وبيع جزء من أملاك الدولة (في إطار الخصخصة)، «في وقت لا يحتاج دور المعارضة في الحكومة الى الثلث المعطل كي تشارك في القرارات في هذا الشأن إلا إذا كان المطلوب فقط هو الحاجة الى التعطيل في أي موضوع، فقرارات من هذا النوع تؤخذ وفق مشاريع قوانين تحال الى مجلس النواب لدراستها والمعارضة لديها القدرة على المشاركة فيها في مجلس الوزراء لأنها تحتاج الى أكثرية الثلثين (المادة 65 من الدستور) في الحكومة وهي أكثرية لا تملكها قوى 14 آذار بحسب الصيغ المطروحة للحكومة الجديدة، إلا إذا كان المقصود أيضاً الحؤول دون أن يعبّر رئيس الحمهورية عبر حصته من الوزراء عن موقفه ودوره». ولفت النائب الأكثري الى أن المعارضة «شريكة في المجلس النيابي عند مناقشة هذه القضايا ويمكنها أن تلعب دورها فيه. أما الإصرار على الثلث المعطّل في شأن هذه القضايا فهو نوع من الخصخصة لإدارة النظام السياسي يقود عملياً الى إلغاء نتائج الانتخابات النيابية التي حصلت ويحوّل الأكثرية الى فئة خاسرة لما كسبته والأقلية لفئة رابحة لشيء لا يعود أصلاً إليها».