بدأ أكثر من نصف مليون مصري خارج بلادهم التصويت أمس في انتخابات الرئاسة، على وقع جدال قضائي يهدد مصير الاستحقاق الرئاسي الأول بعد إطاحة حسني مبارك، ينتظر أن تحسمه المحكمة الإدارية العليا اليوم عندما تنظر في الطعون التي تقدمت بها الحكومة على حكمين، قضى الأول بوقف الانتخابات لخطأ إجرائي فيما أوقف الثاني إحالة قانون العزل السياسي على المحكمة الدستورية العليا. وتوقعت مصادر قضائية تحدثت إلى «الحياة» أن تحكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان الحكمين القضائيين، ومن ثم تعود الانتخابات إلى مسارها الطبيعي. ولفتت المصادر إلى «عدم قانونية» حكم وقف الانتخابات باعتبار أن محكمة القضاء الإداري في بنها «غير مختصة نوعياً بالنظر في القضية، إذ أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة قررت في وقت سابق بعدم اختصاص أي من محاكم القضاء الإداري الإقليمية بالنظر في الانتخابات الرئاسية، على أن تكون الدائرة الأولى في محكمة النقض هي المسؤولة عن هذا». وبدأ المغتربون الإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة أمس، في تصويت قد يساعد على ترجيح كفة أحد المرشحين ال13، على رغم صغر عدد المشاركين فيه مقارنة بالناخبين في الداخل، إذ ستعلن النتائج في السفارات والقنصليات بعد الانتهاء من فرز الأصوات الذي يبدأ فور انتهاء مهلة التصويت الخميس المقبل. وتجرى المرحلة الأولى من الانتخابات في مصر يومي 23 و24 الجاري. ونقلت وكالة «رويترز» عن عبدالعال شادي (55 سنة) وهو مهندس يعيش في باريس، أنه صوت للمرشح اليساري حمدين صباحي. وقال: «إنه الحصان الأسود للانتخابات الرئاسية لأنه أشهر من حاربوا النظام السابق منذ كان طالباً... إذا فاز عمرو موسى سيكون ذلك كارثة للشعب. سيؤدي إلى ثورة ثانية». واصطف مئات المصريين أمام سفارتهم في الرياض للإدلاء بأصواتهم. وقالت ماهي سمير وهي مواطنة مصرية في الثلاثينات من العمر وأم لطفلتين: «كلي أمل أن تحدث الانتخابات فارقاً وألا تكون نهايتها كنهايات ما سبقها من انتخابات هزلية في ظل النظام السابق. شتان بين الوضع الذي نعيشه الآن وبين ما كان يحدث في الماضي». وأضافت في حماسة: «لأول مرة في حياتي أشارك في انتخابات لا أعرف نهايتها ولا أعرف من الفائز وأترقب النتيجة بشغف شديد وأتابع برامج المرشحين بكل حماسة». وفي الكويت، تجمعت أعداد قليلة من المصريين خارج مقر السفارة المصرية التي تمثل المقر الرسمي لعملية الاقتراع مع بدء التصويت في الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي. وقال محمود أبو الشيخ، وهو طبيب مصري يعمل في الكويت: «الناس أكثر تحمساً في الانتخابات الرئاسية لأنها الأخطر في الحياة السياسية... هذه هي أول مرة نختار رئيسنا». وأدلى مصريون في لبنان والأردن بأصواتهم أمس. وقال مجدي محمد، وهو مغترب يعيش في لبنان، إنه صوت لمرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي. وقال خالد متولي وهو مغترب في الأردن إنه انتخب المرشح الإسلامي الوسطي عبدالمنعم أبو الفتوح. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية عمرو رشدي إن «الوزارة تلقت تعليمات جديدة من لجنة انتخابات الرئاسة بإمكان تصويت المصريين في الخارج عن طريق جواز السفر المميكن (الجديد) أو إرفاق صورته مع بطاقة الاقتراع من دون الحاجة إلى تقديم بطاقة الرقم القومي أو صورتها الذي كان أحد شروط التصويت سابقاً». ويختار المغتربون من بين 13 مرشحاً، لكن المنافسة أساساً بين إسلاميين ومحسوبين على النظام السابق، إضافة إلى صباحي. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين خارج مصر نحو 586 ألفاً، أكثرهم في السعودية حيث يوجد أكثر من ربع مليون ناخب مسجل، ثم الكويت بنحو 119 ألفاً ودولة الأمارات بأكثر من 61 ألفاً وقطر بحوالى 32 ألفاً والولايات المتحدة بنحو 27 ألفاً وكندا ب11 ألفاً. ويأتي بدء تصويت المغتربين في وقت احتدم الصراع الانتخابي. وأكد المرشح حمدين صباحي في مؤتمر انتخابي أن «مصر لن تدخل حرباً مع إسرائيل إلا إذا فرضت عليها»، مشدداً على التزامه اتفاق السلام مع الدولة العبرية. وقال خلال لقائه أمس «ائتلاف أقباط مصر» إن «أهم النقاط التي يرتكز عليها برنامجي الانتخابي هي محاربة الفقر». وأضاف أنه سيفرض «العدل والمساواة بين المواطنين من خلال تفعيل مواد وبنود الدستور وجميع المواثيق التي تعهدت بها مصر لحماية حقوق الإنسان». وأكد أنه سيفتح كل ملفات انتهاكات الجيش «وسيكون هناك خروج عادل للمجلس العسكري وليس آمناً». أما المرشح الثوري الشاب خالد علي، فدعا المجلس العسكري إلى «أن يبتعد عن ممارسة السياسة حتى يظل الجيش موضع عشق واحترام الشعب». وقال إن «السياسة أفقدت المجلس الكثير من هذا الحب الذي كان له رصيد كاف لتحمل أخطاء لم يكن يتحملها هذا الشعب الثائر مع غيره أبداً». وأشار خلال لقاء جماهيري في محافظة الشرقية (دلتا النيل) إلى أن «الفساد استشرى في هذا البلد، والدولة كانت تتجه إلى عدم إنتاج المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن والرز وكانت تتعمد إذلال الفلاح، وهذا لا بد من أن ينتهي».