اكد وزير الداخلية الأردني نايف القاضي في مقابلة اجرتها معه «الحياة» أن بلاده تتعرض ل «هجمة مشبوهة» في ما يثار عن قضية سحب الجنسية من الأردنيين من أصول فلسطينية، رافضاً استخدام ذلك المصطلح، وواصفاً إجراءات وزارة الداخلية بأنها «تصويب اوضاع بموجب قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية» وتهدف الى حضّ كل من يحمل تصريح (لم شمل) الى تجديده والمحافظة عليه في مواجهة المخططات الاسرائيلية. واستغرب تزامن الحملة ضد بلاده مع الخطط الاسرائيلي لشطب حق العودة للاجئيين الفلسطينيين وفرض يهودية الدولة وقال: «نقوم بعمل قومي يجب ان نشكر عليه، لأنه يقف ضد الأطماع الاسرائيلية الهادفة لتفريغ الأرض الفلسطينية من اهلها». في ما يلي نص المقابلة: انتم متهمون بسحب الجنسية من الاردنيين من اصول فلسطينية؟ - هذه حملة كاذبة يتم من خلالها قلب الحقائق وتقف وراءها مراكز قوى خارجية وداخلية تهدف الى تشويه صورة الاردن خدمة لمشاريع مشبوهة يتم الترويج لها في المنطقة. اذاً ما حقيقة ما تقومون به؟ - نؤكد على ضرورة تمسك الفلسطيني بأرضه وعدم إهدار فرصته في التمسك بتصريح «لم الشمل» الذي يحمله من سلطات الاحتلال، وهذا عمل قومي يجب ان نشكر عليه لأنه يقف ضد الاطماع الاسرائيلية في تفريغ الارض الفلسطينية من اهلها. هل تقصد ان الهجوم يخدم طروحات حكومة اليمين الاسرائيلي في شأن فكرة «الأردن هو فلسطين»؟ – نعم. هناك طروحات اسرائيلية معلنة وسرية تهدف الى فرض حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب الأردن، ونحن نقاوم ذلك خدمة للمشروع الوطني الفلسطيني التحرري، وحماية لمصالح الأردن وفلسطين، فأنا لا أقبل أن يُحوّل الفلسطيني الى اردني على حساب ارضه وقضيته الوطنية. لكن هناك شكاوى من سحب جنسيات؟ - هنا يأتي التشويه والمغالطة. ما يُجرى هو تصويب اوضاع، ونحن نطبق قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية الذي اتخذ عام 1988 استجابة لمطالب الإخوة الفلسطينيين والدول العربية في قمة الرباط عام 1974 باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وجرى التأكيد على ذلك في قمة فاس عام 1981 وقمة الجزائر 1987، وهدفنا منع اسرائيل من تفريغ الاراضي الفلسطينية من أبنائها والإصرار على المحافظة على هوية كل فلسطيني يحمل بطاقة (لم شمل - إحصاء الاحتلال) او من كان يقيم في الضفة عند صدور قرار فك الارتباط. كيف يتم تصويب الوضع؟ – عندما يراجع شخص دائرة الجوازات يُحوّل الينا في حال كانت لديه بطاقة صفراء (لم شمل)، وهناك نوعان من تلك البطاقات: الاولى صدرت قبل اتفاق اوسلو وكانت محكومة بقرار سلطات الاحتلال بضرورة تجديدها كل ثلاث سنوات، وبطاقات اخرى صدرت بعد اوسلو وهي لا تحتاج الى تجديد، لذلك ما نقوم به هو دفع من يحمل تصريح «لم شمل - قبل اوسلو» الى العودة الى الاراضي الفلسطينية وتجديد البطاقة خوفاً من فقدانها وفقدان حق المواطنة داخل الضفة، والضجة تتناول رفض البعض تجديد تصريح لم الشمل لأسباب عدة، اهمها التكلفة المادية لأن الأمر يحتاج الى العودة الى الاراضي الفلسطينية لطلب التجديد. ومن لا يستجيب لطلبكم؟ – لا تعارض بين البطاقة الصفراء والجنسية الأردنية لأن حاملها يملك حق المواطنة الاردنية، لا بل إن حامل البطاقة الصفراء له امتياز على الأردنيين بأنه يملك حق المواطنة الفلسطينية وامتيازاتها المعنوية والمادية، ونحن نعطي كل من يحمل تصريح (لم شمل - احصاء احتلال) مهلة للعودة الى الضفة وتجديد تصريحه او إضافة الأولاد او فصلهم اذا بلغوا سن ال16 سنة، ونأخذ عليه التعهد بعمل ذلك، بل نجمد رقمه الوطني لحضّه على تثبيت حقه في فلسطين، واذا تم تجديد التصريح نعيد له رقمه الوطني ولا مشكلة معه. من أين جاءت البطاقات الصفراء والخضراء، وهل هي قانونية؟ – هذه البطاقات كانت موجودة قبل تطبيق تعليمات قرار فك الارتباط، وهي قانونية بموجب تلك التعليمات، وبطاقات إحصاء الجسور الصفراء يحملها الاردني من أصل فلسطيني الذي يكون حاملا تصريح لم الشمل. اما البطاقة الخضراء فكانت تمنح للمواطن الفلسطيني الذي فقد او لم يجدد تصريح «لم الشمل». ما هي شروط تحويل البطاقة الصفراء الى خضراء (سحب الجنسية)؟ - تطبق على كل من يحمل جواز السفر الفلسطيني، وكل من يعمل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية او في أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج والداخل، وكل من يتخلف عن تجديد تصريح الاحتلال ب «لم الشمل»، والذي لم يؤد الخدمة العسكرية في القوات المسلحة او يحمل دفتر الخدمة العسكرية من الأعمار التي كانت مطلوبة للخدمة من مواليد 1958 وما فوق. ما موقف السلطة الفلسطينية من إجراءاتكم؟ – كل ما نقوم به يتم بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية، وهي على إطلاع تام بما يجري وتؤيده، وليس بيننا اي خلاف على هذا الموضوع. لماذا يتم التصويب الآن؟ ولماذا سكتتم عن المخالفات؟ - هذا غير صحيح ، نحن لم نسكت على المخالفات، فعملية التصويب مستمرة منذ عام 1988 ولم يجر عليها اي تغيير الا ما افرزه اتفاق اوسلو. يقال إنكم شخصياً وراء عملية التشدد في تطبيق التعليمات الآن؟ - هذا كذب وإفتراء وعار عن الصحة. منهجنا في تطبيق قرار فك الارتباط لم يتغير على مدى السنوات العشر الماضية، وانا شخصياً لم اقم بتغيير اي بند من تعليمات فك الارتباط او زيادتها او خفضها، فالتعليمات واحدة والعمل جار فيها منذ 21 عاما من دون اي تغيير. إذن، كيف تقاومون هذا المشروع؟ - نصر على ان الأردن ليس فلسطين، وفلسطين ليست الأردن، ونحن مستمرون في تقديم المساعدة للأشقاء الفلسطينيين بالتمسك بهويتهم الفلسطينية من خلال استمرار تطبيق قرار فك الارتباط وعدم تذويبها بل حفظها الى حين التحرير، وفي الوقت نفسه، نثق بقدرة الأردنيين ووعيهم ووقوفهم معاً ضد كل الاطماع الخارجية والداخلية. بعض من حولت بطاقته من صفراء الى خضراء يصر على أنه اردني ولا يعرف غيره وطناً؟ - نحن نصر على وجوب تجديد تصاريح «لم الشمل» وعدم ضياعها لأن ذلك يعني تحقيق اهداف اسرائيل في إفراغ الاراضي الفلسطينية من اصحابها، ولا اعتقد أن عربياً واحداً يقبل بأن يفقد اي فلسطيني حقه بأرضه طواعية لأن ذلك يتناقض مع تمسك الفلسطينيين والعرب بحق العودة. لكن أين يذهب بعد سحب جنسيته؟ - نحن لا نطرد احداً ولا نسحب جنسية اردني لأن سحب الجنسية قرار من اختصاص مجلس الوزراء ومصادقة جلالة الملك، ونحن نصوب الوضع الخطأ ونبين كل شخص على هويته الحقيقية، فالفلسطيني يحمل هوية نضالية يجب أن نعتز بها، وعلى الآخرين ان يتوقفوا عن تشويه ما نقوم به. لكن اسرائيل تضع عراقيل امام سفر الفلسطينيين ولا تسهل عملية تجديد التصريح؟ - هذا طبيعي، لأن اسرائيل تهدف الى تقليل عدد الفلسطينين حاملي تصريح «لم الشمل»، ونحن نعطي مهلة زمنية تصل الى ستة اشهر لتجديدة التصريح من خلال السفر الى الضفة او إنابة صديق او قريب او محام. لماذا لا تقدمون مساعدات لهؤلاء الاشخاص عبر علاقتكم مع اسرائيل؟ – هناك الهيئة العامة الفلسطينية وهي المعنية مباشرة بقضايا «لم الشمل» والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، وقدمت الهيئة مساعدات كبيرة واستطاعت استرجاع بطاقات «لم شمل» منتهية الصلاحية منذ السبعينات من القرن الماضي وبأعداد كبيرة. لكن وزير الداخلية السابق رجائي الدجاني الذي صدرت في عهده تعليمات فك الارتباط يقول إنها خرجت عن أهدافها اليوم؟ - اذا خرجنا عن أهدافها فليقل لنا معاليه أين هي الانحرافات، ونحن نطبق التعليمات التي وضعها وهي لم تتغير، وهو نفسه طبق ما نقوم به اليوم. يقال إن التعليمات تم تعديلها عام 2004 في عهد الوزير قفطان المجالي؟ – هذا غير صحيح، لم تعدل. ألم يكن هناك تعديل في ايار (مايو) عام 2005 في عهد الوزير سمير الحباشنة؟ - نعم، تمت إعادة الرقم الوطني للأردنيات المتزوجات من فلسطينيين، وكذلك انشئت لجنة محلية في دائرة المتابعة والتفتيش لدرس القضايا الخلافية والتنسيب فيها الى اللجنة القانونية في وزارة الداخلية والتي يرأسها المستشار القانوني المحامي جورج نزهه. هل يمكن ان تطلعونا على ارقام بعض السنوات السابقة؟ - ارقام حالات التصويب بعد استلامي المنصب لم تزد بل نقصت، واذا قارنا ارقام عام 2006 فقد تم استبدال 395 بطاقة صفراء بخضراء كما استبدلت 13545 بطاقة خضراء بصفراء. لماذا يتحفظ الأردن على اتفاقية سيدوا ويرفض منح الجنسية لأبناء المرأة الأردنية؟ - لا نستطيع ذلك لأن القانون الحالي لا يسمح بذلك، لكن هناك بعداً امنياً وسياسياً لهذه القضية، فهناك 37 الف اردنية متزوجة من فلسطيني، وهذا يعني وبقرار إدراي، تجنيس اكثر من 200 الف فلسطيني، وهذا عمل لا يمكن أن نقوم به لأنه يخدم الأهداف الاسرائيلية بتوطين الفلسطيني حيثما يقيم بعيداً من وطنه، خصوصاً في هذا الوقت بالذات. هل تعتقد أن اسرائيل تعبث بالداخل الأردني؟ - هذا ما أسمعه، ونحن نعي حجم الهجمة ومن يقف وراءها، ولا نتهم احداً لكن نراقب ونرصد من المستفيد من الإثارة في هذه الظروف الصعبة، ونحن قادرون على مواجهة ذلك بوحدة شعبنا ووعي قيادتنا. هل لديك شعور ان الهجوم عليكم تقف خلفه جهات اسرائيلية؟ - كما أسلفت انا لا استطيع ان اخدم الهدف الاسرائيلي المخفي سابقاً والمعلن اليوم والمتمثل بخطاب (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتانياهو، وهي حملة تخدم اهداف بعض المراكز الممولة من الخارج، واقول لهؤلاء: لن يكون الحل على حساب الأردن، ولن نستجيب لدعوات نتانياهو، بل سنقاومها ولن يكون الأردن وطناً بلا سياج، فأبناؤه كانوا وما زالوا قادرين على الدفاع عنه مهما كلفهم ذلك من ثمن.