نيودلهي - أ ف ب - قد يسمع المرء نغمة إحباط في صوت تشارلز كوريا، أحد أشهر المهندسين المعماريين في الهند، عندما يتحدث عن الأبنية السكنية العالية التي تنبت كالفطر في بلاده، فيقول: «ترون هذه الإعلانات الكبيرة التي تدعو إلى ابتياع منزل، لكن مشروعاً شنيعاً يضم 25 بناء مستنسخاً مع أحواض السباحة لا يرى إلا من زاوية واحدة... تذكّر بمباني حقبة ستالين أو حي برونكس الأميركي التي يكرهها السكّان ويخشونها». ويقول كوريا: «يعتبر الناس أن هذه الصورة تعكس التقدم، وبالنسبة إلى سكان مومباي ونيودلهي، تعتبر دبي مصدر إلهام، يقصدونها للتبضع، ظناً منهم أنها مدينة ذكية». وقد استلهمت دبي بدورها، كما أورد كوريا في إحدى مقالاته عن الهندسة المعمارية، من مدينة هيوستن النفطية الأميركية. يتخذ كوريا من مدينة مومباي مقراً له، وأصله من إقليم غوا الذي كان مستعمرة برتغالية. وطوال مسيرته المهنية التي تمتد خمسة عقود، كان يؤيد تشييد مبان تتكيف مع المناخ والبيئة مستوحاة من الثقافة والتاريخ المحليين. لذا، لا يرغب في التعليق على المباني المتشابهة ذات الواجهات الزجاجية والتي تضم مكاتب وتنتشر في مدن جديدة، مثل غورغايون التي تعتبر مركزاً مزدهراً لقطاع تكنولوجيا المعلومات خارج العاصمة الهندية: «ماذا عساي أفعل؟ هل أذهب وأرشقها بالحجارة؟». قد تبدو معركة التصاميم المعمارية خاسرة، غير أن تشارلز كوريا يواصل حملته الداعية إلى مدن أكثر قابلية للحياة في الهند، في ظل الاكتظاظ السكاني والتلوث وانحسار المساحات المفتوحة. يرى أن وضع المدن الهندية «يزداد سوءاً، لكن الجيد أن البلاد تتمتع بمجموعة من المدن، خلافاً لنيجيريا مثلاً، حيث تهيمن لاغوس على المدن كلها، ولبريطانيا مع لندن، وفرنسا مع باريس». ويأمل كوريا في تطوير المدن الصغيرة والمتوسطة وتنميتها، من خلال أنظمة مواصلات عامة فعالة وتخطيط ملائم، وهو ما تفتقر إليه المراكز الحضرية في نيودلهي ومومباي وكالكوتا وبنغالور. ويعتبر المباني السكانية المتوسطة الكثافة، والمؤلفة من خمس إلى ست طبقات، مثالية، بخلاف ناطحات السحاب التي يثقل سكانها على البنى التحتية المحلية والمرافق العامة. وتخطت مدينة مومباي، التي تضم 20 ألف نسمة في كل كيلومتر مربع، قدرة بنيتها التحتية بأشواط، كما تبيّن أسعار العقارات المرتفعة والقطارت المكتظة بصورة مخيفة. ويشرح كوريا، الذي حاز جوائز في بريطانيا وشارك في لجنة التحكيم الخاصة بجائزة «بريتزكر»، أنه ينبغي إبعاد المهاجرين عن المدن الكبيرة وتوجيههم إلى مدن أصغر، حيث سيتسنى للمخططين استباق التغيرات وبناء شبكات أفضل للمواصلات العامة: «هم يأتون إلى المدن بحثاً عن فرص العمل، وسيكون من الرائع ايجاد طرق لإيجاد فرص عمل إضافية في البلدات، إذ لن يقصد حينها المهاجرون نيودلهي أو مومباي».