لم يكد يمضي شهر على دخول أربعة قطارات جديدة، جلبتها «المؤسسة العامة للخطوط الحديد»، من أسبانيا، حتى قررت المؤسسة أمس، إخراجها من الخدمة «حتى إشعار آخر»، وذلك بعد سلسلة من الأعطال التي شهدتها هذه القطارات، التي كلفت خزينة الدولة، مع أربعة أخرى لم تصل البلاد بعد، 612 مليون ريال، دفعتها المؤسسة «عداً ونقداً» لشركة «كاف» الإسبانية. وأعلنت الخطوط الحديد» أمس، إيقاف الحجز على القطارات الجديدة اعتباراً من اليوم (الخميس)، و«حتى إشعار آخر». وأوضحت أن القرار اُتخذ «بعد أن عقد وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري، اجتماعاً موسعاً مع مسؤولين من الشركة الأسبانية الصانعة للقطارات»، مطالباً إياها بضرورة «تقديم تفسيرات مُقنعة للأعطال المتكررة»، وتم إعطاء الشركة مهلة «شهراً واحداً» ليتم إصلاح مشكلات التشغيل في هذه القطارات. ووقع آخر هذه الأعطال صباح أمس، إذ توقفت «فجأة» الرحلة الثالثة المتجهة إلى مدينة الهفوف، ما أدى إلى حدوث «إرباك» في مواعيد الرحلات الأخرى. وأجبر هذا العطل المسافرين، الذين يقدّر عددهم ب141 راكباً وراكبة، على التوقف لمدة طويلة، في انتظار قدوم الرحلة الأولى المتجهة إلى الرياض، مروراً في بقيق والهفوف، كي تقلهم، ما تسبب في تعطل الرحلة الأولى، ووصولها إلى الرياض متأخرة عن موعدها نحو ثلاث ساعات. وعزا المتحدث الإعلامي في «الخطوط الحديدية» محمد أبو زيد، هذا التوقف، إلى «عطل مفاجئ في محركات القطار، أدى إلى تعطل أجهزة التكييف». بيد أن هذا العطل لم يكن الأول من نوعه منذ انطلاق القطارات الجديدة، إذ وقع أول عطل بعد 10 أيام من انطلاقها. ما أدى إلى توقف قطار قادم من الرياض إلى الدمام، في عرض الصحراء. و برر أبو زيد، إيقاف القطارات الجديدة، إلى «حرص المؤسسة على سلامة المسافرين على هذه القطارات، ورغبتها في توفير وسيلة نقل آمنة ومريحة تلبي حاجاتهم ورغباتهم»، وأعرب عن ثقته «الكبيرة في تفهم عملائها لهذا القرار، وذلك بهدف إعطاء الفريق الفني التابع للشركة المُصنعة، فرصة لتحليل المشكلات الفنية، التي برزت بعد تشغيل القطارات محلياً، والعمل على معالجتها، وإعادتها إلى العمل بعد الاطمئنان على سلامة التشغيل». وأوضحت المؤسسة، أن «القطارات الجديدة تم تصنيعها من قبل شركة عالمية متخصصة في صناعة القطارات السريعة (كاف الأسبانية)، وهي شركة رائدة في السوق الدولية في مجال تصميم وصيانة، وتصنيع، وتوريد المعدات، والقطارات، والمكونات لشبكات السكك الحديد لأكثر من مئة عام، ولها خبراتها في القارات الخمس، وشهرتها في المعايير الدولية، وهي صاحبة قطارات «رينفو» وقطارات «آفي» السريعة التي تربط مدن أسبانيا، ولديها عقود تصنيع قطارات مع دول كثيرة، بينها دول أوروبية»، مردفة أنه تم «تصميم القطارات الجديدة وفق معايير دولية، وبمواصفات هندسية وفنية عالية الجودة والكفاءة؛ لتناسب الظروف البيئية والمناخية في المملكة». واعتبرت ظهور مشكلات تشغيلية في هذه المرحلة «أمراً طبيعياً، وهو يرافق عادة تشغيل أي مُعدة جديدة»، مؤكدة أنها تتابع «باهتمام تقارير الأداء التي يتم إعدادها بواسطة فريق من الخبراء، بعد كل رحلة، وأن الأسباب تتعلق ببرمجة مكونات القطار الفنية، والتشغيلية، بعد التشغيل الفعلي في الأجواء المحلية، ولم تؤثر على جودة وكفاءة التشغيل، إلا من ناحية زمن الرحلة»، لافتة إلى أنه تم «استدعاء فريق من كبار القادة الإداريين والفنيين من الشركة المُصنعة إلى المملكة، وعقدت اجتماعات عدة معهم، بعضها مع وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور جبارة الصريصري، والرئيس العام للمؤسسة المهندس عبد العزيز الحقيل. ويتم الآن تتبع هذه المشكلة، وإعادة ضبط البرمجة للتوافق مع الظروف البيئية والمناخية للملكة، بما يضمن تشغيل القطارات بكفاءة عالية، ويحقق أهداف المؤسسة من تشغيلها». وأطلقت المؤسسة العامة للخطوط الحديد قطاراتها الجديدة، وهي عبارة عن أربعة أطقم من أصل ثمانية، مطلع شهر نيسان (أبريل) الماضي. وأكد حينها، أبو زيد، أن هذه القطارات «في طور التشغيل، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة». وطالب الركاب ب «مراعاة فترة التشغيل، وما يصاحبها عادة من إشكالات، لذلك نأمل أن يساهموا في توجيه النقد، لتستفد منه المؤسسة في تطوير خدماتها».