تخوفت مصادر اقتصادية مصرية، من أن يكون إقدام «المركزي» على خفض أسعار الفائدة على تعاملاته مع المصارف على المدى القصير، نصف نقطة مئوية، اتجاهاً نحو خفض قيمة الجنيه المصري، استجابة لأوضاع السوق التجارية ورغبة المصدرين في اكتساب ميزة تنافسية تساعدهم على تعويض خسائرهم في الأسواق الخارجية، وخسارة بعضها بعد أزمة المال العالمية. واعتبرت أن خفض الفائدة «يقلّص الميل العام إلى الادخار ويدفع بالأموال إلى خارج الجهاز المصرفي، ما يهدد القوة الشرائية للجنيه ويضعفه لمصلحة العملات الأجنبية والدولار تحديداً. إذ لفتت إلى أن الدولار كان محور تعاملات ناشطة على مدى الأسبوعين الماضيين، دفعت به فوق متوسطات سعر صرفه التقليدية أمام الجنيه، قبل أن يتدخل البنك المركزي المحلي بضخ الدولار في السوق المصرفية من أرصدة الاحتياطات الأجنبية لديه، لتستعيد العملة الأميركية استقرارها وتوافرها أمام الجنيه. وعلى رغم تأكيدات «المركزي» أن هذه الإجراءات مستقلة عن التأثير في أسعار الصرف بين العملتين، واقتصار دورها على ضبط اختلال سوق السيولة، تزداد المخاوف من انعكاسات هذا الوضع على المديين المتوسط والطويل. وأعلن الخبير المصرفي أحمد شاكر أن البنك المركزي المصري «يبذل جهوداً لتحقيق الاستقرار النقدي، لكن ذلك لا يمنع تفاقم المخاوف من تطورات درامية على سعر صرف الجنيه، وهي تمس قطاعاً واسعاً من المواطنين في مقابل رغبة المصدرين في استمرار تراجع سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، لتعويض خسائرهم في الفترات الماضية». وقال: «لذا تشهد السوق ترقباً لما ستنتهي إليه تطورات الأزمة وانعكاسها على المستوى العام للأسعار، وما إذا كان البنك المركزي سيتمكن من مواصلة سياسته الرامية إلى الاستقرار النقدي، أو ستكون الكلفة باهظة إلى الحد الذي يفرض عليه قبول بعض الضغوط في أي اتجاه». ويبدو «المركزي المصري» في هذه الحال أمام أحد خيارين، إما الاستمرار في ضخ ما تحتاج إليه السوق مما يملكه من احتياط بالنقد الأجنبي، وهو خيار لن يكون مفتوحاً بلا نهايات، نظراً إلى تأثير تراجع كبير للاحتياط على قدرة المصرف المستقبلية على ضبط السوق. فيما يتمثل الخيار الثاني في فرض قيود على استخدام النقد الأجنبي في السوق المحلية، وهو إجراء يخرج عن منظومة التعامل التي أقرها منذ فترة، وتقضي بعدم التدخل الإداري في أسعار الصرف أو الفائدة وترك تحديد كليهما لآليات السوق، ما يصعب مهمة السيطرة على حال الاستقرار النقدي في المستقبل.