لدينا مثل شعبي ساخر يقول: «افتح فمك يرزقك الله»، والمثل ينطبق هذه الأيام على إعلاميين ووسائل إعلام في مصر، وإذا كان من الموضوعي عدم الحكم على مجتمع أو رأي عام من خلال فعل عشرات من الأفراد في الشارع أمام السفارة السعودية بالقاهرة، فمن الموضوعي أيضاً تأمل مواقف إعلاميين تفجرت غوغائيتهم فأصبحوا ينافسون بلطجية شوارع مصر، ومن الباعث على السخرية أن جانباً من بلطجية الإعلام في مصر هم بالونات فارغة نفختها وسائل إعلام يملكها سعوديون لا هم لهم سوى تجارة الإعلام، بل إن بعضاً ممن رفع صوته على شاشات الفضائيات – مستغلاً قضية الجيزاوي في التحريض والتجييش الغبي، - ما زال على «صلة» وثيقة و«محرزة» بوسائل إعلام السعودية، و«للفهلوة» دور، ولا يطلب من أمثال هؤلاء سوى المهنية وعدم ركوب موجة شوارعية بكل المقاييس، من حقهم أن يتساءلوا حرصاً على حماية حقوق مواطنيهم لكن أن ينزلقوا لمنافسة البلطجية فهذا أمر يدعو «العقلاء» لإعادة النظر في أمور كثيرة. مصر الآن في وضع حرج وضعف لا تخطئه العين، مصر بلا رأس يفكر، ساحة كبيرة للاستقطاب، والاختراقات التي تظهر أورامها على شكل احتقانات متوقعة، إنما لكي تفهم المشهد المصري بصورة أفضل عليك أن تقرأ تقريراً لصحيفة الوفد المصرية يقول إنه خلال سنة واحدة من الثورة المصرية على المخلوع مبارك ظهرت طبقة جديدة من الأثرياء، قالت الوفد: («أثرياء الثورة» عبارة قد تصدمك، أو تحزنك، وربما تدهشك أو تثير غضبك وسخطك، ولكنها الحقيقة والواقع المؤلم. فبعد الثورة حقق مصريون من بني جلدتنا ثروات خيالية بلغت بحسب تقديرات الخبراء 15 بليون جنيه. هذا المبلغ الخيالي ابتلعه انتهازيون من 9 فئات.. بلطجية وقتلة ومهربون وغشاشون ومغامرون وإعلاميون ورجال أعمال وتجار سلاح ومخدرات، وهؤلاء قفزوا من قاع الفقر إلى قمة الثراء). انتهى. وتلاحظ أن الإعلاميين موجودون ضمن من حقق أو نهب ثروات ضخمة في مصر خلال عام واحد ولن يأتي هذا «بلوشي» لابد أنه يحتاج إلى بهلوانات ومصادر تمويل، وإذا ما تفحصت المشهد لترى أنه ضد السعودية يمكن معرفة مصادر الأموال. ويتساءل المرء أين صوت العقلاء في مصر ومن المستفيد من هذا الإصرار على التجييش؟ بل أين أثر الجالية المصرية الضخمة في السعودية ومصالحها تتضرر من التشويه المتعمد هناك للسعوديين، وقبلها أين صوت حكومة الجنزوري التي لم تنطق أبداً إلا عند البحث عن قروض أو هبات ولم تقم بواجب حماية السفارة، ومثلها المجلس العسكري الحاكم الصامت، إلا بعد سحب السفير السعودي وإغلاق السفارة. من الطبيعي استغراب عدم بروز أصوات عاقلة، لكن الركون بحثاً عن تلك المواقف مضيعة للوقت، الواجب يدفع للبحث عن «أين أخطأنا»؟، كيف مع كل تلك العلاقات «المتينة» و «المميزة»، والتي يضرب بها المثل «رسمياً»، وعلاقات بين الشعبين «راسخة» كما يتردد عادة، لم يتقدم أحد لإيقاف مهازل الغوغاء على أبواب السفارة السعودية في القاهرة. www.asuwayed.com asuwayed@