غداة فرض أوروبا والولاياتالمتحدة حزمة عقوبات جديدة على روسيا بسبب أزمة أوكرانيا، حذر زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (الولاياتالمتحدة وألمانيا واليابان وكندا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا) في بيان مشترك، موسكو من مواجهة عقوبات اقتصادية إضافية إذا لم تغير نهجها في أوكرانيا. لكن ديبلوماسيين أوروبيين وخبراء روساً أبدوا قلقهم من أن تشديد العقوبات قد يعزز جرأة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقناعته بأن لا شيء يخسره إذا صعّد النزاع في أوكرانيا. وزاد المخاوف تصريح القائد العسكري للحلف الأطلسي (ناتو) الجنرال الأميركي فيليب بريدلوف خلال تفقده قوات الحلف في كوسوفو، بأن «عدد الجنود الروس ارتفع أكثر من 12 ألفاً على طول الحدود مع أوكرانيا، ويشمل ذلك الكتائب العملانية والوحدات الخاصة ووحدات الدفاع المضاد للطائرات ووحدات المدفعية». وأشار إلى أن «أسلحة من كل نوع» موجودة على الحدود، بينها «أسلحة للمشاة وآليات مدرعة»، مؤكداً أن قوات الحلف «ترصد عناصر يتحركون من الإقليم العسكري المركزي في اتجاه منطقة روستوف، حيث يتجمعون ويتدربون ويتحركون نحو الحدود». واعقب ذلك إعلان لجنة شؤون الدفاع في البرلمان البريطاني، أن الحلف الأطلسي غير مستعد لمواجهة هجوم روسي على إحدى الدول الأعضاء في الحلف. وقال رئيس اللجنة روري ستيوارت في تقرير: «هناك خطر حقيقي حتى لو كان ضعيفاً بمهاجمة روسيا أحد أعضاء الحلف الأطلسي ال28، في وقت لسنا مقتنعين باستعداد الحلف لمواجهة هذا الخطر». وأوصى التقرير بنشر الحلف قوات وعتاد في شكل دائم في دول البلطيق، أستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وتشييد سياج لحماية هذه الدول. وهو اعتبر الوضع في أوكرانيا «جرساً منبهاً كشف ثغرات خطرة في مدى جاهزية الحلف». ودعت اللجنة إلى إدراج تكتيكات مثل اللجوء الى الهجمات المعلوماتية والميليشيات غير النظامية في البند الخامس للحلف الأطلسي الذي ينص على ضرورة تقديم كل أعضاء الحلف المساعدة لأي دولة عضو تتعرض لهجوم. وأعلنت ناطقة باسم الحلف أن التقرير البريطاني سيُدرس بعناية، وستناقش «خطة عمل» خلال القمة المقبلة للحلف في أيلول (سبتمبر) المقبل. وكان الحلف اتخذ تدابير لتعزيز دفاعه المشترك في الشرق عبر نشر مزيد من الطائرات والسفن وتنظيم مناورات ميدانية. وأورد بيان مشترك لزعماء مجموعة الدول السبع الكبرى: «ما زالت روسيا تملك فرصة اختيار مسار إنهاء التصعيد، ما يمهد لرفع العقوبات. لكن إذا لم تفعل ذلك فسنبقى جاهزين لتكثيف الأعباء المترتبة على تصرفاتها السلبية التي تقوض سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها. وندين مجدداً ضمها غير الشرعي لشبه جزيرة القرم جنوبأوكرانيا». ودعا الزعماء كل الأطراف إلى التزام وقف النار في موقع تحطم طائرة الركاب الماليزية التي يعتقد بأن صاروخ أرض– جو روسي أسقطها شرق أوكرانيا في 17 تموز (يوليو) الماضي، ما أدى إلى مقتل 298 شخصاً على متنها. كما طالبوا بوقف دائم للنار بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا في الشرق، استناداً إلى خطة اقترحها الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، ودعم الجهود لإيجاد حل سياسي لنزاع أدى الى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. الى ذلك، أمرت محكمة حقوق الإنسان في أوروبا روسيا بدفع 1.9 بليون يورو تعويضات لمساهمي شركة «يوكوس» في ضربة جديدة لروسيا تأتي بعد أيام على قرار محكمة دولية في لاهاي دفع موسكو تعويضات مقدارها 50 بليون دولار لمساهمي شركة النفط الروسية السابقة التي أدارها ميخائيل خودوروفسكي. ووصفت وزارة العدل الروسية حكم المحكمة الأوروبية بأنه «جائر ومتحيز»، وأعلنت أنها قد تستأنف الحكم خلال ثلاثة أشهر. واعتبرت المحكمة الأوروبية ومقرها ستراسبورغ، أن روسيا لم «تحقق توازناً عادلاً في تعاملها مع يوكوس التي أجبرت على دفع رسوم مبالغ فيها». ولا يمثل مبلغ 1.9 بليون يورو إلا جزءاً صغيراً من مبلغ 38 بليون دولار الذي تسعى الشركة الى الحصول عليه، لكنه يضر بروسيا التي تقف على شفا ركود وتترنح تحت وطأة عقوبات أشد بسبب أزمة أوكرانيا. وقالت أولغا بيسبانين الناطقة باسم خودوروفسكي: «استقبلنا القرار غير المسبوق بسعادة بالغة». وكان خودوروفسكي أوقف عام 2003 ودين بالسرقة والتهرب الضريبي بعد سنتين، ثم أطلق العام الماضي. وجرى تفكيك شركة «يوكوس» وتأميمها قبل نحو عشر سنوات، ونقلت معظم أصولها إلى شركة «روسنفت» العملاقة للطاقة التي يديرها حليف للرئيس بوتين. وناهزت قيمة «يوكوس» 40 بليون دولار. معاهدة مراقبة الأسلحة على صعيد آخر، نددت موسكو باتهام واشنطن إياها بانتهاك معاهدة مراقبة الأسلحة الموقعة عام 1987، عبر اختبارها صاروخ كروز، وردت باتهام واشنطن بعدم احترام هذه المعاهدة. وقالت الخارجية الروسية في بيان: «لا أساس لهذه التصريحات، مثل كل ما سمعناه أخيراً من واشنطن حول مواضيع أخرى. ولا دليل يدعم هذه الاتهامات». وأضافت الوزارة: «في الفترة الأخيرة، شكل نشر الولاياتالمتحدة الدرع الصاروخية الأميركية المضادة للصواريخ منصات إطلاق أم كي-41 في بولندا ورومانيا، موضوعاً بالغ الخطورة، كونه ينتهك مباشرة المعاهدة حول الأسلحة النووية المتوسطة المدى». وتحاول روسيا التي تعتبر نشر الدرع الصاروخية الأميركية المضادة للصواريخ في أوروبا، تهديداً لأمنها، الدفع في اتجاه التخلي عنها أو إشراكها بشكل وثيق في هذا المشروع في حال العكس. في المقابل، تبدي الولاياتالمتحدة قلقها من تطوير موسكو صاروخ كروز جديد منذ العام 2008، وتحض روسيا على التخلص من أسلحتها التي تحظرها اتفاقات صادقت عليها، علماً بأن البيت الأبيض يرفض ربط هذا الملف بأزمة أوكرانيا. وتلزم معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من حزيران (يونيو) 1988 بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي قبل أن تصبح معاهدة متعددة الأطراف مع انهيار الاتحاد السوفياتي، الدولتين بتدمير كل صواريخهما البالستية والعابرة التي تطلق من الأرض ويتراوح مداها بين 500 وألف كيلومتر، إضافة الى تلك التي يتراوح مداها بين ألف و5500 كيلومتر».