وافقت الحكومة العراقية على عرض هور الدلمج، أحد أكبر المسطحات المائية في البلاد والعالم، للاستثمار الأجنبي، فيما أعلن عضو لجنة المياه والزراعة البرلمانية فؤاد كاظم الدوركي عن مشروع اتفاق مع تركيا لتحديد الحصص المائية في دجلة والفرات. ووافقت الأمانة العامة لمجلس الوزراء على توصيات اللّجنة المعنية بمتابعة شؤون هور الدلمج، والتي أوصت باستثمار الهور بما يخدم مصلحة محافظتي الديوانية وواسط. وأوضح نائب الأمين العام لمجلس الوزراء فرهاد نعمة الله حسين في تصريح الى «الحياة»، ان اللجنة المذكورة شُكّلت برئاسة وزارة الزراعة وعضوية وزارة الموارد المائية ومجالس محافظتي الديوانية وواسط، والهيئة الوطنية للاستثمار وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، على أن تُقدم توصياتها النهائية إلى الأمانة العامة للمصادقة عليها، مضيفاً أن اللجنة أوصت بفسخ العقد مع المستأجرين في الهور وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. وأكد عضو لجنة المياه والزراعة البرلمانية فؤاد الدوركي أن فكرة استثمار هذا المسطح المائي الشاسع تُعتبر خطوة عملاقة، لأنها تعني استغلال هذه الثروة الطبيعية واستكمال سلسلة التنوع السياحي وتأمين بعض الترفيه على الأقل للمواطن العراقي. ولفت إلى أن المشروع سيواجه الكثير من العقبات، أولها ملء الهور بالمياه، إذ أن منابع دجلة والفرات تقع في تركيا وإيران ونسبة قليلة منها تأتي من داخل العراق، وهنا بدأت لجنة المياه بإعداد مسودة اتفاق ثنائي مع تركيا لتحديد حصص عادلة من المياه. وفي حال رفضت تركيا توقيع الاتفاق، قال الدوركي ان القوانين الدولية التي نصت عليها الأممالمتحدة واضحة وصريحة وتمنع أي دولة من احتكار مياه انهر وتجبرها على إدامة الأنهر وتأمين حصص كافية لدول أخرى. وقال «بعد إتمام المسودة، سنُعد لمؤتمر تشترك فيه الوزارات المعنية وسندعو منظمات الأممالمتحدة المعنية والخارجية العراقية والأميركية، فنحن مرتبطون مع الأخيرة باتفاق إطار استراتيجي من ضمن بنوده دعم العراق خارجياً». ورأت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية نورة البجاري أن «فكرة استثمار الاهوار بدأت تراودنا منذ العام 2003، وتحديداً من ايطاليا التي اتخذت من الجنوب قاعدة لقواتها بعد أحداث الحرب الأخيرة، لكن أي مشروع لم ينفذ باستثناء بعض المشاريع التنموية برعاية منظمات الأممالمتحدة». وكانت الأممالمتحدة بدأت بخطة لوضع منطقة الأهوار في جنوب العراق، والتي يعتقد أنها موقع حدائق عدن الواردة في كتب مقدسة، على قائمة المواقع التراثية العالمية. وشدّد برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة على أن لهذه الاهوار أهمية ثقافية وأثرية، لكن معظمها جُفّف في تسعينات القرن الماضي خلال حكم صدام حسين. وانكمشت منطقة الاهوار، التي كانت مساحتها 9000 كيلومتر مربع في بداية سبعينات القرن الماضي، إلى 760 كيلومتراً مربعاً فقط عام 2002، في حين أكد خبراء أنها قد تضيع تماماً خلال خمس سنوات إذا لم يبادر أحد إلى الاهتمام بها. وبحلول عام 2000، كان أكثر من 90 في المئة من المنطقة جفّ وظهرت طبقات من الملح أساءت إلى النظام الطبيعي، وسرّع ذلك إنشاء الكثير من مشاريع تصريف المياه. وبعد سقوط نظام صدام حسين، هدم السكان المحليون عدداً كبيراً من السدود كي تغمر المياه الأرض من جديد، وبفضل مشروع لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة كلفته 14 مليون دولار، بدأ آلاف الطيور والأسماك العودة إلى المنطقة، ووفر المشروع مياه الشرب للسكان وزراعة المحاصيل لمكافحة التلوث ومياه الصرف واستقدام مشاريع للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية. وأكدت الحكومة أن أكثر من نصف المساحة الأصلية من الاهوار استعيدت الآن، والجهود الرامية لإعادة المنطقة إلى طبيعتها ما زالت مضطربة وتعاني سوء الإدارة والإهمال وعدم الالتزام بخطط سنوية واضحة وجدّية، ما يهدد بانتشار ظاهرة الجفاف من جديد وبكارثة بيئية واجتماعية كبيرة. وقال رئيس لجنة إنعاش الأهوار حامد الظالمي: «مناطق الأهوار تعاني مشاكل عدة، أبرزها الملوحة وانخفاض منسوب المياه، كما ان الجفاف يساهم في زيادة درجات الحرارة وحدوث نزوح سكاني كبير، فضلاً عن هدر كل الأموال التي أنفقت على مشاريع التطوير». ولفت مسؤول الأهوار في مديرية الموارد المائية في محافظة البصرة فيصل عبد القادر، الى إن «معالجة المشكلة تتطلب وجود حصص مائية ثابتة للمنطقة، لكن يصعب تحقيق ذلك حالياً نتيجة انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات». وأقترح «بناء سد يتحكم بمرور المياه إلى الخليج، يُبنى عليه جسر أنبوبي يحتوي على أنابيب معدنية لعبور المياه منه في شكل مقنّن على أطراف شط العرب في المعقل». وأعلن مدير زراعة محافظة واسط سلام اسكندر انتهاء المديرية من إعداد دراسة تهدف إلى تحويل الهور إلى محمية طبيعية للطيور والحيوانات.