الخليج جزء حيوي من العالم كله.. ومنذ القدم تتخطفه الأحداث والمصالح الكبرى.. كان أهله يعيشون في تسامح، ولكن أتى من سرق منهم هذا، بل وسرق منهم الحلم أيضا. في الفترة الأخيرة تفجرت الأحداث في البحرين، وخرج من خرج، وانتفض مجلس التعاون، واستطاع أن يضع حداً لبعض التجاوزات، لكن ما زال الأمر بحاجة لحلول أكثر منها أمنية وسيادية فقط. سوسن الشاعر.. إعلامية بحرينية لا تحضر إلا وتكون الإثارة والواقعية حاضرة معها.. تحمل نبض البحرين وروح الجيل القديم الذي لم يتلوث بالمصالح والنفعيات. من منبرها الإعلامي ومن خلال حرفها، تجاوزت الطائفية والعنصرية وكل المصطلحات التي تضر ولا تفيد.. تصفح مقالاتها لترى حجم التفاعل معها، واستمع لبرامجها ترى أي صدى تصنعه خلفها. سوسن الشاعر صنعت بجرأتها الكثير من التفاعلات وتحملت الكثير أيضاً.. تحصّنت ضد الشائعات، وتفرغت للحقيقة وللمستقبل الذي تؤمن أنه نتاجنا وليس من حق غيرنا أن يمليه علينا. ضيفتنا تملك جمال البيان والعقل والتفاصيل.. لذا الحوار معها لن يغادر إلا لمسحة جمال أكبر معها.. هل جربت يوماً أن تقفي على مفترق طرق لاختيار الدراسة الأكاديمية ؟ - نعم .. كان علي الاختيار بين المسار الأدبي أو المسار العلمي في مرحلة الثانوية العامة، فاخترت مجبرة المسار العلمي و أنا له كارهة، والسبب سهولة الحصول على الوظائف للخريجين من المسار العلمي و صعوبته على خريجي المسار الأدبي، فاخترت العلمي مجبرة و كارهة، لأني كنت في أمس الحاجة للوظيفة لمساعدة أهلي مادياً. كيف تنظرين لهذه التحولات المجتمعية في خليجنا عقداً بعد عقد؟ - سُنة الحياة، ولا مناص من التغيرات والتحولات فلا يقف جامداً إلا الجماد، ولسنا إلا كائنات حية تجري عليها عوامل التعرية الاجتماعية. المحك هو كيف نخرج من كل منعطف تغير و بأي صورة نكون. كيف تقرئين تسارع الأحداث في المنطقة العربية الآن؟ - كنا على شفى بركان خامد وانفجر، بعوامل داخلية و خارجية. التعامل مع الشأن العام والرأي العام، هل تلزمه أدوات معينة؟ - بالتأكيد وأهمها ترمومتر حساس جداً لمن يخاطب الرأي العام لكل المناطق المتورمة التي تحتاج تعاملاً مدروساً بعناية و بدقة للحرف قبل الكلمة، ثم يحتاج الأمر شجاعة الكلمة وتحمّل المسؤولية والتخلي عن شهوة النجومية. الأحداث والحراك تظهر على وجوه الناس الآن آثار اغتراب نفسي وعبثي واجتماعي، لماذا ذلك؟ - المسافة كبيرة بين حراك العقل عندنا وحراك الأحداث. حراكك الإعلامي واضح ومؤثر من خلال قلمك ومن خلال برنامجك التلفزيوني.. لماذا الناس يشككون كثيراً في منهجك.. وتتخطفك الشائعات هنا وهناك؟ - الحمد لله إن كانت كلمتي مؤثرة، وعموماً هي اجتهاد نلت أجره إن شاء الله على الأقل إن أخطأت، و أجران إن أصبت، أما لماذا التشكيك و الإشاعات، فلا أملك رفاهية الوقت للوقوف و البحث عن إجابة لهذا السؤال. برنامجك كلمة أخيرة.. هل استطاع أن يقول الكلمة الأخيرة..؟ - هي كلمتي أنا الأخيرة، ويبقى المجال مفتوحاً للتعقيب و لتلاقح الأفكار، ولن تنتهي الكلمة مازال الحوار منهجاً. النجومية.. هل تدفع بصاحبها للتهلكة..؟ - لا أعرف .. الصراحة لا أدري إن كان هذا السؤال يصلح لي فلست نجمة. الأحداث الأخيرة في البحرين.. هل منحتك قراءة مختلفة للواقع البحريني..؟ - الأحداث الأخيرة شكلت لي صدمة كبيرة، صدمت بأشخاص وبجماعات وبمفاهيم وبثقافات كانت موجودة ومطموسة عند كثيرين حولي، اكتشفنا سذاجتنا السياسية و الاجتماعية. لم يصرُ البعض في البحرين أن إيران هي الجنة الخضراء لهم..؟ - التعصب المذهبي والدعاية الإيرانية شكّلا معا سرابا لجنة خضراء أغوت العديد من السذج والحالمين بالمدينة الفاضلة. الوجود الشيعي في البحرين وبحيادية.. هل هو مغبون ويقع عليه كل الظلم، ومحروم من الفرص..؟ - كحرية دينية .. يتمتع الإخوة الشيعة في البحرين بما لا تتمتع به أية جماعات شيعية في بلد عربي آخر فيما يتعلق بالحرية المطلقة لممارسة معتقداتهم. كفرص وظائف أثبتت الأحداث الأخيرة بما لا يدع مجالاً للشك بأن الإخوة الشيعة منتشرين في كل مواقع العمل العام و الخاص. يبقى موضوع المواقع الأمنية كالجيش والشرطة، فهنا الموضوع مختلف.. تشكلت قوة دفاع البحرين (الجيش) في السبعينات بعد الاستقلال، ووظف حينها السنة والشيعة على حد سواء في البداية، إنما كان لظهور الثورة الإيرانية تأثير كبير للحد من هذا التوظيف، ثم كان للكشف عن شبكة تخريبية شيعية يترأسها «مدرسي» وهو رجل دين و المحرض على أحداث البحرين الأخيرة في البحرين, و قد ترأس تكتل الشبكة في بداية الثمانينات، وهاذان العاملان أثرا كثيراً في الحد من توظيف الشيعة في الجيش. ثم جاءت أحداث التسعينات التي قادها تيار الشيرازيين و خط الإمامية الشيعية مما كان له الدور الكبير في استبعاد توظيف الشيعة في الجيش. هناك أزمة ثقة لا يمكن نكرانها، وتلك ظاهرة موجودة في توظيف كل الجماعات التي تختلف مع الأنظمة السياسية و تشكل آيديولوجيتها تهديداً عليها. تماماً مثل منع الإنكليز من الأصول الأرلندية في الجيش البريطاني، وفي استبعاد معتنقي الأفكار الشيوعية في الجيش الأميركي في الخمسينات والستينات وهكذا في إيران، و هكذا في العديد من الدول التي تتبنى فيها مجموعات سياسية الحراك باسم الجماعات، فتجني المجموعات السياسية على الجماعة سواء الإثنية أو الدينية، و تخلق حاجزاً للشك فيما بينها والنظام السياسي. هل هذا وضع طبيعي؟ بالطبع لا.. ولن يُحَل إلا بتخلي المجموعات السياسية عن التحرك باسم الجماعات, فلا تدعي فئة أو مجموعة سياسية أنها تتحدث باسم الجماعة، ولا تترك الجماعة لفئة أن تتحدث باسمها. التأثير السعودي التأثير السعودي في البحرين.. كيف يحفظ للبحرين هويتها..؟ - بداية المملكة العربية السعودية هي عمقنا الاستراتيجي، هي سدنا وحصننا المنيع، و البحرين هي خاصرة المملكة العربية السعودية و مفتاحها، وبهذه المواقع المتبادلة يحفظ كل منا أمن الآخر. تبقى للبحرين خاصيتها و تمايزها الذي يشكل بعداً ثقافياً آخر للسعودية. و البحرينيون قادرون على الحفاظ على هويتهم الخاصة، فتلك الهوية هي نتاج عمق تاريخي قديم و نتاج بيئة جزرية بحرية ساحلية، و نتاج انفتاح على شعوب الأرض قاطبة، ونتاج موقع جغرافي مميز، ونتاج تنوع اثني وعرقي ومذهبي متعايش بانسجام، فمن الصعب على البحريني أن يتخلى عن كل هذه المؤثرات التي شكلت هويته وهي مؤثرات كما نرى باقية ما بقي الموقع والتاريخ. التركيبة الاجتماعية بالبحرين.. هل أسهمت في تفاقم الوضع..؟ - التركيبة الاجتماعية ليست جديدة ولم تكن في يوم من الأيام سبباً في تفاقم أية أزمة سياسية، إنما الذي استجد هو دخول أجندات خارجية استغلت تلك التركيبة. الحضور السني في البحرين.. ما مدى قوته من ضعفه..؟ - الحضور السياسي كان ضعيفاً للغاية، إذ اعتمد السنة فيما سبق على كون الأسر الحاكمة سنية و على نظام الدولة الريعية الذي يكفيها و يغنيها عن الاهتمام بالسياسة، حتى جاءت الأزمة الأخيرة، فشعر السنة بخطورة التهديدات وأصبح الاهتمام بالسياسة الآن فرض عين لا فرض كفاية، إذ أصبح الأمر بالنسبة للسنة أزمة وجود لا أزمة سياسة. الطائفية، من سمح لها بأدوار البطولة في المشهد عندنا..؟ - التدخل الإيراني، والدور الأميركي في دعم الأقليات، وأخطاء الأداء الحكومي، وثقافة العزلة القروية، وعقدة المظلومية الإرثية في العقلية الجمعية للإخوة الشيعة، كلها عوامل أسهمت في تعزيز التخندق الطائفي لدى الجماعة القروية الشيعية، فشيعة المدن اندمجوا أكثر ضمن النسيج الوطني. فوجد الطائفي متنفساً له في هذه الأجواء وتجرأت الطائفية، فأسفرت عن وجهها. مفهوم الوطنية في دول الخليج.. لم هو ضعيف على الميدان وبين الأفراد؟ - عوامل ثقافية بالدرجة الأولى في المجتمعات الخليجية أدت إلى ضعف الشعور الوطني، و عوامل لها علاقة بالأداء الحكومي والتمييز في الخدمات، وعوامل لها علاقة بصعوبة تأقلم الأسر الحاكمة مع الأنظمة السياسية المعاصرة، وصعوبة فصلهم بين المكانة الاجتماعية والمكانة السياسية، كلها عوامل عدة أضعفت مفهوم الوطن والوطنية والعلاقة بين الفرد والجماعة و الأرض. الاتحاد الخليجي.. هل سيغير سلبية أداء مجلس التعاون..؟ - المفترض، وألا نكون كالذي يعبث بمصيره و يستهين بالمخاطر التي تحدق به. دول الخليج .. تملك المال، ولكن لا تزال المشاكل في كل اتجاه.. لماذا؟ - ليت حل المشكلات كان بتوافر المال وحسب، إنما الحل في كيفية إدارة هذا المال و كيفية توزيعه واستثماره وجعله مستداماً، وهنا يأتي دور المجتمع والنظام السياسي الذي يختاره لإدارة ثرواته. التجنيس في دول الخليج.. كيف ترين آليته؟ - فوضى غير مقننة بالشكل الذي يخدم المصلحة العامة. كثرة الأجانب في دول الخليج.. ألا ترين فيها قتلاً لطموح أبناء الخليج أنفسهم؟ - كثرة الأجانب مؤشر على وجود تنمية و فرص عمل، والمشكلة ليست في الأجانب، المشكلة في المواطن الخليجي الذي عجز عن منافسة الأجانب. لدينا فرص عمل و بأجور مجزية، لكن الأجنبي يتخطفها لأننا عاجزون عن مجاراته في كفاءته، و في التزامه، وفي ثقافة العمل التي يمتلكها. خريطة سوق العمل عندنا بها تشوهات خلقية تحتاج لمعالجة. مبدأ تكافؤ الفرص، هل يحضر بقوة في المنهج الخليجي؟ - حضوره ضعيف جداً، وهذا قتل للطموح. المتغير الخليجي في لقاءاتك مع أطياف غربية في الخليج.. ما مدى رؤيتك لتفاعلهم وتأثيرهم في المتغير الخليجي؟ - مازلنا عاجزين عن تسويق أنفسنا و مخاطبة المجتمع الدولي، ونحن مازلنا بالنسبة له خياماً و جمالاً ونفطاً وصحراء، توقف الزمن عند شهرزاد و ألف ليلة، هكذا يرون المنطقة و ذلك ليس خطأهم، ولا هم يتحملون مسؤولية جهلهم بنا. فإذا أضفنا لذلك أن منطقتنا هي شريان الحياة بالنسبة لهم، سندرك حجم الخطأ الذي ارتكبناه بحق أنفسنا حين تركنا أصحاب المصالح في المجتمع الدولي هم من يتحكم بنا وبمصائرنا وهم من يرسم صورتنا. أميركا هل تحبنا لأجل النفط فقط؟ وكيف تقومين دورها في المنطقة؟ وهل تفتقد البحرين للرعاية البريطانية ذات الحكمة والتأثير الطويل؟ - ليس هناك حب أو كراهية في عالم السياسية هناك مصالح، ولا نفتقد رعاية بريطانيا، بل نفتقد القدرة على إدارك مصالحنا والعمل على الحفاظ عليها، و إجبار الآخرين - الذين هم في حاجتنا -على احترام خصوصيتنا وتعامل الند للند معنا. لأميركا مصلحة في المنطقة، وتخطط لضمانها، و في سبيل ذلك هي على استعداد لتجاوز كل الأخلاقيات و حل كل الارتباطات التاريخية، و اعتقد أنها تسرعت هذه المرة فأخطأت في حساباتها، إذ اعتقدت أن رسم مصائر الآخرين ممكن على الأرض، مادام ممكناً على الورق! النظرية السياسية متى تكتب بحبر وفكر خليجي؟ - عندما يتخلى أصحاب الفكر السياسي الخليجي عن أبراجهم العاجية و تنظيراتهم المستوردة والنزول إلى ما هو ممكن، و ليس ما هو مفروض، ضمن واقعنا الخليجي ثقافياً و سياسياً. هذا من جهة، و من جهة أخرى عندما تتقبل الأسر الحاكمة التعاطي مع المتغيرات والبحث عن نقاط التقاء واقعية و مرنة بينها و بين الأفكار السياسية المعروضة، و لا تنظر لها كمصدر تهديد، بل كعامل بقاء واستمرارية. التيارات الإسلامية في الخليج هل لها طموحات سياسية؟ - بالتأكيد، وإلا ستكون كالكومبارس في مسرحية لا يحضر فيها إلا الأبطال. لماذا الشعوب الخليجية الأقل اهتماماً بالسياسة الدولية؟ - أختلف معك، الشعوب الخليجية معنية بما يحدث على سبيل المثال في الولاياتالمتحدة الأميركية و في أوروبا و في شرق آسيا و في تركيا، لأن كل هؤلاء يتدخلون في شؤوننا، ونحن عاجزون عن وضع حد لهم. هل الوعي السياسي للمجتمعات يهدد الحكومات في شيء؟ - هناك مقولة مأثورة من التراث الإسلامي (رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي)، حين يكون لدى المجتمعات وعي سياسي لا يقف عند انتقاد الأداء الحكومي، بل يطرح رؤى مغايرة وحلول بديلة، فإن ذلك من الإصلاح الذي يهدي الحكومة البصيرة للنظر إلى عيوبها، ولا يعير بها، ولن يكون تهديداً. أضف لها حين يكون تغير الحكومات لضعف أدائها مسالة عادية وطبيعية، وليست مسالة (كرامة)، وعناداً و مساساً بالهيبة، فلن يشعر أي نظام بالتهديد حين تنتقد الحكومات. بين السياسة الداخلية والخارجية... أين تضيع الشعوب؟ - حين لا تكون هناك حدود السيادية متفق عليها وواضحة. التأثير الخليجي في المنطقة.. ألا تشعرين أنه مجرد شعارات فقط؟ - السياسة الخارجية الخليجية بحاجة لإعادة صياغة بما يتناسب مع حجم التهديدات والتحديات الإقليمية. غياب الصوت الخليجي عالمياً، إلى ماذا تعزينه؟ - أولاً، لعدم قناعة الأنظمة السياسية بالدور الإعلامي وبالأدوات الإعلامية، وعدم قناعتهم حتى هذه اللحظة بأن معركتنا القادمة مع أي محاولات تدخل تبدأ إعلامياً وتنتهي إعلامياً، و بالتالي وفي ضوء هذه القناعة المنقوصة بالتأكيد لن تكون لدينا استراتيجية إعلامية واضحة بأدواتها وميزانيتها، فكيف لا يغيب صوتنا الخليجي. الخليج وإيران الصبر الخليجي على إيران، هل تتوقعين أن ينفذ؟ - أتمنى أن تغير دول الخليج سياستها تجاه إيران وتلعب سياسية أكثر مع النظام الإيراني، فتتقرب من الشعب الإيراني، وتستخدم أوراق ضغط على النظام الإيراني، و ما أكثرها في يدنا لو أردنا. السباق الخليجي الإيراني... من أسرع ركضاً؟ - في التنمية نحن نسبق إيران بسنوات ضوئية و هذا هو المهم، والمؤشرات هي معدلات البطالة و دخل الفرد و معدلات الهجرة. أما في معركة استعداء الشعوب المجاورة فإيران لها السبق. لم دول الخليج لا تدعم المعارضة الإيرانية وتتعامل بالمثل كما تتعامل إيران مع جيوبها بالداخل؟ - خطأ في السياسة الخليجية. «حزب الله» في لبنان لو قضي عليه، هل سنحلم بالراحة الموعودة؟ - هناك منغصات غيره، ولكن بالتأكيد سنتخلص من أكثرها تنغيصاً. لم تغلغل إيران واضح في المؤسسات الإسلامية في الخارج أكثر من دول الخليج؟ - لإيران أهداف تضعها في أولوياتها، وهي تصدير الثورة تمهيداً لعودة الإمام المنتظر، حتى لو جاء ذلك على حساب تنمية شعبها و ازدهاره، لذلك ننشغل نحن بتحسين مستوى حاضر الإنسان الخليجي، وينشغلون بانتظار إمامهم عن انشغالهم بالإنسان الإيراني. المجتمع الإيراني من الداخل، لم لا يخرج للعلن ويقول عن الظلم الذي يعيشه؟ - بل يخرج، ولكننا نحن الذين لم نتعرف عليه و لم نصل له، وهذا خطؤنا. بين غصن الزيتون والعصا، تتأرجح الخيارات في المنطقة، أي خيار منهما هو الأقرب لنا؟ - نحن الآن كبندول الساعة لا تعرف أين سيستقر بنا المطاف. لماذا ديموقراطية الدول الإسلامية مجرد وهم وحلم لم يكتمل؟ - غير صحيح.. لابد من دراسة التجربة الإندونيسية و الماليزية، وحتى التركية، فعلى رغم كون النظام التركي نظاماً علمانياً، إنما وصول حزب إسلامي كحزب أردوغان لا يمكن نزع الهوية الإسلامية عنه كتجربة حكم و إدارة إسلامية. هل الإسلاميون قادرون على استغلال الحدث، والتفاعل معه كما يجب؟ - التيارات الإسلامية السياسية تعيش ربيعها السياسي اليوم بفضل قدرتها الفذة على استغلال الحدث. كيف نتخلص من الوصاية على المجتمعات والتسلط على خيارات الأفراد؟ ومن يمارسها أكثر اليد الدينية أم السلطوية؟ - تحالف الاثنين معا أحيانا، والاثنان كل على حده أحيانا أخرى، وفي النهاية لم نصل بعد إلى مرحلة الحكم الذاتي بعيداً عنهما. الفكر هل يصنع السياسة، أم أن السياسة تنتج الفكر؟ - هما بيضة ودجاجة، و لا تعرف أيهما «أم» الأخرى. سياسياً متى يكون الخطاب الديني مجرد تعبئة؟ - انظر لخطاب زعماء الإخوان المسلمين و زعماء ولاية الفقيه، فلا تجده غير تعبئة وشحن و انتهاز للفرص. البرامج السياسية في القنوات الفضائية... لماذا تشوبها الغوغائية؟ - ومن أين تأتي العقلانية؟ هل نأتي بضيوف من الفضاء؟ هكذا نحن وهكذا حوارنا في الرياضة وفي العلاقة الاجتماعية، ونكملها بالسياسية، غوغاء في غوغاء. الإصلاح السياسي الإصلاح السياسي في دول الخليج... لماذا خطواته بطيئة؟ - للرفاه دور في تأخر عجلة الإصلاح هذا إذا اتفقنا على أن المقصود ب»الإصلاح» هو تنامي دور الشعوب في إدارة الدولة و إدارة ثرواتها. المستقبل السياسي، هل نجيد قراءته كما يجب؟ - لنقرأ حضورنا كما يجب، حتى نطمح بقراءة المستقبل كما يجب. أجدادنا وآباؤنا - الذين لم ينالوا نصيباً كبيراً من التعليم - كانوا أكثر وعياً وأصدق عملاً في تجسيد التسامح والتقارب بين أفراد المجتمع بمختلف أطيافهم ومذاهبهم، نحن المتعلمون والمثقفون لم نستطع أن نفعل مثلهم ونحذو حذوهم. في رأيك لماذا لم نستطع تحويل ثقافتنا ومعرفتنا إلى سلوك؟ - كان تديننا فطرياً وأصبح الآن مسيساً ومتنطعاً. ما الذي تشعرين أنه مغيب عن أنظار صانع القرار عندنا في ميدان التعليم؟ - ربطه بالحاجات الفعلية لأسواقنا، وافتقاد صانع القرار التعليمي لرؤية شاملة للتوجهات الاقتصادية المستقبلية وتلك مسئولية الدولة، فضاع صانع القرار التعليمي مع صانع القرار السياسي بين السوق الحالية و السوق المستقبلية فلم يعرفا أين بوصلتهما. تجربة التعليم الأجنبي في منطقة الخليج العربي، هل تختصر الطريق أم تطمس الهويات؟ - التعليم أداة نحن الذين نوجهها كيفما نشاء، و طمس الهوية يأتي من ضعف الاعتزاز بها و من عدم قدرتها على مجاراة العصر، فإن كانت عوامل الضعف موجودة في ثقافتنا فإن أية أداة أخرى يمكن أن تطمس هويتنا، وليس التعليم وحسب، فالإعلام على سبيل المثال أداة أخرى من الممكن أن تطمس هويتنا. المرأة الخليجية.. متى سيسمح لها بدور سياسي أكبر؟ - يتفاوت دور المرأة الخليجية في الدول الست عن بعضها البعض، كما يتفاوت دور الرجل سياسياً، فالمرأة في البحرين على سبيل المثال تنتخب و ترشح نيابياً وبلدياً، وهي تضع السياسية وهي تنفذها في مواقع عدة في السلطة التنفيذية، ودورها السياسي على الصعيد الدولي كسفيرة، ورأست الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولها أدوار بارزة في الأحزاب السياسية . حقوق المرأة الخليجية، هل تتفق مع الحقوق والمواثيق الدولية؟ - في المواثيق الدولية، المواقع التي تتقاطع مع الخصوصية الدينية وحدها ما يميز الحقوق الإنسانية للمرأة خليجية كانت أم غير خليجية. ما الذي له التأثير الأكبر في صنع هوية المرأة السعودية؟ - أهل مكة أدرى بشعابها، ولكن من وجهة نظري المتواضعة أن هوية المرأة السعودية هي ذلك النسيج المتشابك بين تعاليم ديننا الحنيف من جهة، والأعراف والعادات و التقاليد الناجمة عن الثقافة البيئية من جهة أخرى هي التي تخلق هوية المرأة السعودية و هي التي تبرز حتى ذلك التمايز بين المرأة السعودية في المنطقة الشرقية عن الغربية عنها في الشمالية والجنوبية. نموذج دبي.. لم لا يقرر على باقي مدن الخليج؟ - ليس بالضرورة أن نكون استنساخاً مكرراً في الشكل والصورة والتوجه، و لكن تبقى دبي قصة نجاح نطمح إلى الاقتداء بها. البحرين حرّكت المياه الراكدة في مجلس التعاون الخليجي سيرة ذاتية...