بدأ ما يشبه السباق على رفع قضايا امام المحاكم المدنية ضد ضباط وجنرالات متقاعدين في الجيش التركي، بعد ايام فقط من مصادقة الرئيس التركي عبد الله غل على قانون يسمح بمحاكمة العسكر في المحاكم المدنية. وطالما أن الجنرالات والضباط الذين ما يزالون في الخدمة، يتمتعون بحصانة من نوع خاص تحول دون محاكمتهم من دون اخذ اذن رئيس الأركان ايلكر باشبوغ شخصياً، ركز المدعون على فتح ملفات قديمة، موجهين اصابع الاتهام للمتقاعدين من العسكر الذين رُفعت عنهم الحصانة عملياً من خلال القانون الجديد، اذ لا يُسمح للمواطنين برفع دعاوى ضد منتسبي الجيش، في المحاكم العسكرية التي تخضع لهيئة الأركان. وكان اول المتقدمين بدعوى قضائية، النائب اكين بيردال الرئيس السابق لجمعية حقوق الإنسان والذي ادعى على الجنرال شفيق بير نائب رئيس الأركان السابق الذي أدى دوراً أساسياً في الانقلاب على رئيس الوزراء الإسلامي السابق نجم الدين اربكان العام 1997، وتوقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع اسرائيل للمرة الأولى في تاريخ تركيا. واتهم بيردال الجنرال بير بالتحريض والتخطيط لاغتياله عام 1998، حين تعرض النائب لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته، بعدما أطلق مجهول الرصاص عليه في مكتبه اثر اصداره تقريراً عن تجاوزات المؤسسة العسكرية حول المسألة الكردية. كما تستعد جمعيات كردية لرفع دعاوى ضد ضباط متقاعدين خدموا في محافظات جنوب شرقي تركيا، واتهامهم بانتهاك حقوق الإنسان والقتل العمد والخطف، خلال الحرب التي دارت هناك بين الجيش و»حزب العمال الكردستاني» خلال ثمانينات وتسعينات القرن العشرين. وتقدم الطبيب الضابط المتقاعد مصطفى كهرمان يول بدعوى ضد قيادات الجيش، لطرده من الخدمة من دون ذنب او محاكمة، بعد اتهامه بالرجعية الدينية بسبب مواظبته على اداء الصلاة آنذاك. وقال يول أن الجنرالين شفيق بير وخورشيد طولون طلبا من طليقته التقدم بشهادة زور امام السلطات العسكرية، من أجل اتهامه بالعداء للنظام العلماني والجيش، وذلك في مقابل وعود مالية. وأقرت طليقته بذلك، مشيرة الى ان الجنرالين لم يفيا بوعودهما، وأنهما طلبا منها تقديم شكوى مكتوبة تؤكد فيها ان طليقها من اشد اعداء النظام الجمهوري والعلماني، من أجل اصدار قرار غير قابل للطعن بطرده من الجيش. في المقابل، طلب «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي المعارض من المحكمة الدستورية العليا الغاء قانون مقاضاة الجيش في المحاكم المدنية، بحجة مخالفته مواد الدستور التي تعطي الجيش حصانة من خلال حصر محاكمة افراده في المحاكم العسكرية وبعد اذن رئيس الأركان. وكان الحزب صوّت لمصلحة صدور القانون الجديد، لكنه غيّر رأيه بعد اعلان الجيش تذمره من القانون. واعتبر رئيس الحزب دنيز بايكال ان الحكومة خدعت نوابه اثناء طرح القانون للتصويت في البرلمان.